بلديتان في جنوب لبنان تطالبان اللاجئين السوريين بالمغادرة

بيروت - طالبت بلديتان في جنوب لبنان اللاجئين السوريين المقيمين فيهما بالمغادرة، وحذرتا مالكي العقارات من الاستمرار في تأجير أملاكهم للسوريين. وأكدت الوكالة الوطنية للإعلام اللبنانية أن العدد الأكبر من عائلات اللاجئين السوريين في بلدة كوكبا جنوبي لبنان غادرت منازلها، بعد مطالبات من أهل البلدة بمغادرتها.
وقالت الوكالة إن خطوة الأهالي تعود إلى إشكال كان قد وقع بين شبان من البلدة وسوريين يعيشون فيها، فجر الأحد، ثم تطور إلى تضارب بالآلات الحادّة والسكاكين والعصي، الأمر الذي أدّى إلى إصابة شابين من أبناء البلدة بجروح بليغة.
وأضافت أن الجيش والأجهزة الأمنية اللبنانيين طوقا البلدة، للحؤول دون وقوع ردات فعل، مشيرة إلى أن أهالي كوكبا طالبوا بالإجماع اللاجئين السوريين بمغادرة البلدة، وحذروا مالكي العقارات التي يستأجرها سوريون من التهاون في إلغاء عقود الإيجار.
ولا يعتبر هذا الإشكال الأول من نوعه بين أهالي البلدة واللاجئين السوريين، البالغ عددهم نحو 900 لاجئ سوري. وأنذر رئيس بلدية رميش جنوبي لبنان ميلاد فريد علم، اللاجئين السوريين بمغادرة حرم البلدة، مطالبا جميع مالكي العقارات داخل البلدة المؤجرة للسوريين بحل العقد معهم في مهلة أقصاها 15 يوما.
وقالت البلدية في بيان عبر صفحتها على فيسبوك “فكر بولادك وأهلك صار في 395 ولد سوري”، داعية كل أجنبي مقيم ضمن نطاق البلدية، وكفيله من خارج البلدة رميش، إلى الانتقال إلى مكان إقامة كفيله خلال 72 ساعة كحد أقصى.
وحذرت العمال الأجانب، وخاصة السوريين، من التجول بين الساعة السابعة مساء وإلى غاية الساعة السادسة صباحا، مهددة من يخالف القرار بفرض غرامة مالية. ولكن رئيس بلدية رميش قال في تصريح لاحق إن القرار يشمل فقط “كل سوري مخالف لنظام الإقامة في البلدة أو في لبنان”.
وفي الجنوب اللبناني، تخضع الأوضاع القانونية للاجئين السوريين للأوضاع السائدة نفسها في محافظات لبنان الأخرى، من حيث الإقامات واستئجار البيوت وأذون العمل.
وقد اضطرت صعوبة إيجاد كفيل لبناني وعدم القدرة على تأمين تكاليف إذن الإقامة، غالبية السوريين إلى العيش دون إقامات قانونية، وهو ما سمح بخلق مساحة واسعة لاستغلال هشاشة الوضع القانوني للاجئين السوريين في سوق العمل.
ولعب الانقسام السياسي دورا كبيرا في توزع السوريين في لبنان، ويمكن القول إن الفئة الأكبر التي لجأت إلى الجنوب هي من أبناء الأرياف، وينتمي أغلبهم إلى شريحة ذات تعليم متوسط أو متدن، ويعيشون أوضاعا مادية تكاد تكون معدمة.
ووجد أبناء الأرياف في الجنوب مكانا مناسبا لممارسة المهن التي كان الكثير منهم يمارسونها في سوريا، كالزراعة والبناء، ولجأ بعضهم إلى العناية بأراضي الملاكين اللبنانيين مقابل غرفة صغيرة بجانب الأرض.
وعلى الرغم من أن انشغال هؤلاء بتأمين مستلزمات حياتهم دون أي اهتمام بالفعل السياسي أو الطائفي، إلا أنهم يخضعون لضغط ومراقبة شديدة، تحسبا لأي تأثير أو تحركات قد تؤثر أو تخلخل الوضع القائم.
ومؤخرا، ذكرت وسائل إعلام فرنسية أن 9 من كل 10 لاجئين سوريين تقريبا في لبنان يعيشون تحت خط الفقر المدقع بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وكذلك بسبب انهيار قيمة المساعدات المالية التي ضمنت بقاءهم على قيد الحياة حتى الآن.
وبات الآن اللاجئون السوريون الذين كانوا معرضين في الأساس للخطر قبل بداية التدهور المهول للوضع الاقتصادي في لبنان نهاية 2019، يدفعون ثمنا باهظا لأزمة صنفها البنك الدولي ضمن “أسوأ 3 أزمات إنسانية في العالم” منذ منتصف القرن الـ19.
ووفق تقديرات رسمية، يعيش في لبنان نحو 1.5 مليون نازح سوري غادروا بلادهم بسبب ظروف الحرب، منهم حوالي 855 ألفا مسجلون رسميا لدى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، وهو ما يقارب ربع سكان لبنان. وتعتبر السلطات اللبنانية اللاجئين السوريين نازحين مؤقتا سيعودون في وقت ما إلى ديارهم أو عليهم المغادرة إلى بلد ثالث