"صفر كوفيد" حلم لا يزال بعيد المنال

مستوى الفايروس لدى المصابين بسلالة دلتا متماثل في أجساد المطعمين وغير المطعمين.
الثلاثاء 2021/08/24
فاعلية لقاح فايزر تتراجع أمام المتحور دلتا

خلصت دراسة بريطانية جديدة إلى أن اللقاحات ضد فايروس كورونا أقل فاعلية في مواجهة سلالة دلتا، الأكثر قدرة على الانتشار، مما قد يعزز من توجه إعطاء جرعات معززة للملقحين.

واشنطن - منحت إدارة الغذاء والدواء الأميركية الاثنين الموافقة الكاملة على استخدام لقاح فايزر المضاد لكوفيد للأشخاص البالغة أعمارهم 16 عاما فما فوق، في خطوة يتوقع أن تمهد لسلسلة قرارات تلزم الناس بالتطعيم مع انتشار المتحور دلتا.

وقالت مفوضة الإدارة بالإنابة جانيت وودكوك في بيان إن “موافقة إدارة الغذاء والدواء الأميركية على هذا اللقاح تمثل خطوة في وقت نواصل مواجهة وباء كوفيد - 19”.

وبات لقاح فايزر الذي قد يتم تسويقه الآن تحت اسم علامته التجارية “كوميرناتي” الأول الذي يحصل على الموافقة الكاملة. ويستند قرار منحه الموافقة إلى بيانات محدّثة من الاختبارات السريرية التي جرت عليه بما يشمل متابعة لمدة أطول، فيما تم تقييم سلامته وفعاليته بالنسبة لأكثر من 40 ألف شخص.

ومع ذلك، يؤكد خبراء وباحثون أن حلم “صفر كوفيد” ما زال بعيد المنال، خاصة مع تراجع فعاليات اللقاحات أمام سلالة دلتا.

تيدروس أدهانوم: الجرعات التنشيطية يجب التبرع بها للدول الفقيرة

وكشفت دراسة بريطانية مؤخرا أن لقاح فايزر/بيونتيك أكثر فعالية في مكافحة العدوى المرتبطة بالمتحورة دلتا من لقاح أكسفورد/أسترازينيكا، لكن فعاليته تتراجع بسرعة أكبر.

وفحص الباحثون من جامعة أكسفورد الذين شاركوا في تطوير أحد اللقاحين، عينات مأخوذة من أكثر من 700 ألف مشارك بين ديسمبر 2020 وأغسطس 2021.

وأظهرت هذه الدراسة أنه في حالات الإصابة بشحنات فايروسية عالية كان الفرد الذي تلقى جرعته الثانية من لقاح فايزر قبل شهر من الإصابة، يتمتع بحماية نسبتها 90 في المئة من المتحورة دلتا أكثر من الشخص غير الملقح. وانخفضت هذه النسبة إلى 85 في المئة بعد شهرين ثم إلى 78 في المئة بعد ثلاثة أشهر.

أما الأشخاص الذين تلقوا جرعتين من لقاح أسترازينيكا فيحصلون على حماية نسبتها 67 في المئة بعد شهر واحد و65 في المئة بعد شهرين و61 في المئة بعد ثلاثة أشهر. وبعد أربعة إلى خمسة أشهر، يصبح مستوى الحماية الذي يوفره اللقاحان مماثلا، وفقا للدراسة التي لم تخضع بعد لمراجعة المجتمع العلمي.

وقال الدكتور كوين بويلز الذي شارك في الدراسة، إن هذه الأرقام “تمثل تراجعا” في فعالية لقاح فايزر، بينما بالنسبة إلى أسترازينيكا “الاختلافات (من شهر إلى آخر) مرتبطة بالظروف المحيطة، أي قد لا يكون هناك أي تغير على مستوى الحماية”.

لكن الباحث شدد في الوقت نفسه على أنه رغم “هذا التراجع الطفيف في مستوى الحماية” فإن “الفعالية الإجمالية للقاحين تبقى عالية جدا”، لافتا إلى أن الباحثين درسوا الحماية الشاملة وليس مستوى الحماية ضد الأشكال الشديدة من الوباء والحالات التي تستدعي دخول المستشفى، “وهما من المعطيات المهمة جدا لتقييم فعالية اللقاحات”.

التطعيم برجعة ثالثة أصبح حاجة ملحة
التطعيم برجعة ثالثة أصبح حاجة ملحة

وهبطت أسهم شركة “بيونتيك” الألمانية بنسبة 5.6 في المئة، في حين انخفضت أسهم شركة فايزر الأميركية بنسبة 2 في المئة، بعد نتائج الدراسة البريطانية التي كشفت أن لقاحات الشركتين فقدت فعاليتها في غضون الأشهر الثلاثة التالية للتطعيم، وأن مستوى الفايروس لدى المصابين بسلالة دلتا المتحورة شديدة العدوى سريعة الانتشار متماثل في أجساد المطعمين وغير المطعمين على حد سواء.

كما كشفت الدراسة أن لقاح أسترازينيكا أيضا فقد البعض من فعاليته، ما أدى إلى تراجع أسهم الشركة المنتجة له بنسبة 0.5 في المئة في بورصة لندن. وسجلت أسهم شركات اللقاح الأخرى انخفاضا أيضا، حيث انخفضت أسهم شركة موديرنا بواقع 3.8 في المئة وكيورفاك بواقع 2.6 في المئة، في حين انخفضت أسهم شركة نوفافاكس بنسبة 2.7 في المئة.

وقال جيفري بورغس، المحلل الاقتصادي لدى “بنك أس.في.بي ليرينك” الاستثماري الأميركي، “قد لا تكون الجرعات المعززة كافية، ونحن قد نحتاج إلى لقاح آخر بعد التحدث إلى اختصاصي وبائيات”.

وتوقع بورغرس “تستمر الطفرة الحالية من حالات كوفيد، ودخول المستشفيات، بل وستشهد زيادة في وتيرتها في الخريف، حيث قد يمثل شهرا أكتوبر ونوفمبر المقبلين فترة ذروة النشاط”.

وأقر مسؤولو الصحة وعلماء شركة فايزر بحدوث تراجع في الحماية بعد ستة إلى ثمانية أشهر من الجرعة الثانية، ويشكل ارتفاع الإصابة في إسرائيل رغم تلقي 80 في المئة من سكانها تطعيما، مثالا على ذلك.

وأصدر مركز السيطرة على الأمراض الأميركي ثلاث دراسات في الآونة الأخيرة، تشير كلها إلى تناقص الحماية التي توفرها اللقاحات، وأن جرعات الحماية قد تكون ضرورية.

ومن المرجح أن تعزز نتائج الدراسات الأخيرة من الدعوات المطالبة بتقديم جرعات معززة للملقحين، حتى في ظل عدم توافر إمدادات اللقاح الكافية في دول حول العالم لتوزيع الجرعة الأولى من اللقاح.

وأوصى علماء وباحثون النساء الحوامل والمعلمين والعاملين في مجال الصحة وذوي الإعاقة ومقدمي الرعاية، بتلقي جرعة ثالثة من اللقاح.

وقررت الولايات المتحدة مؤخرا أن المواطنين الذين حصلوا على لقاحي فايزر وموديرنا سوف يتمكنون من الحصول على جرعة ثالثة بعد ثمانية أشهر، فيما ما زالت تدرس بريطانيا إعطاء الجرعة المعززة.

وكانت إسرائيل قد بدأت في توزيع جرعة ثالثة من لقاح فايزر هذا الشهر، بعدما أظهرت النتائج الأولية أن فاعليتها تصل إلى 86 في المئة بالنسبة لمن يبلغون من العمر 60 عاما.

وعلى الرغم من تسارع الدعوات بشأن التوجه نحو الجرعات المعززة في مواجهة انتشار المتحور دلتا، فإن منظمة الصحة العالمية تعتقد بأن الوقت لم يحن بعد لذلك، وأن الأولوية ما زلت لتطعيم الدول الفقيرة.

وطالب المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس الاثنين بتأجيل جرعات لقاحات كوفيد – 19 التنشيطية، مشيرا إلى أن الأولوية ينبغي أن تكون لزيادة معدلات التطعيم في الدول التي تم تطعيم واحد أو اثنين في المئة فقط من سكانها.

ولفت خلال زيارة لبودابست إلى أن سلالات أقوى من فايروس كورونا يمكن أن تظهر إذا لم ترتفع معدلات التطعيم عالميا، وأن اللقاحات التي من المزمع أن تكون جرعات تنشيطية يجب التبرع بها للدول التي لم يتلق الناس فيها إلى الآن جرعاتهم الأولى أو الثانية.

تراجع فعاليات اللقاح

 

17