مقابر الأشراف.. رحلة استكشاف الحياة اليومية لقدماء المصريين

آثاريون مصريون يعتقدون أن هناك المئات من المقابر التي تنتظر الكشف عنها بطول جبانة طيبة القديمة وعرضها.
الأحد 2021/08/22
أسرار كثيرة لم تكشف بعد

الأقصر (مصر) - تواصل الكثير من فرق العمل المشتركة من الآثاريين والعلماء المصريين والأجانب جهودها لكشف الغموض الذي يحيط بالكثير من الاكتشافات الأثرية التي تحققت فيما يُعرف بمقابر الأشراف، في جبانة طيبة القديمة، بالبر الغربي لمدينة الأقصر التاريخية، جنوبي مصر، وهي المدينة التي تعد أحد أكثر مناطق العالم غنى بالآثار.

وقال الدكتور محمد يحيى عويضة المدير العام لمنطقة آثار الأقصر ومصر العليا، إن مجموعة ضخمة من المقابر تقع في مناطق عدة بجبانة طيبة القديمة، وهي الجبانة التي تحتوي على أكثر من 400 مقبرة من عصر الدولة الحديثة فقط، ويُطلق على الجزء الأكبر من تلك المقابر اسم “مقابر الأشراف” أي مقابر كبار رجال الدولة من الوزراء والموظفين ورؤساء الطوائف من تجار وصناع وحرفيين وعمال.

وبحسب عويضة فإن مقابر الأشراف تحتفظ بالكثير من الأسرار ويحيط ببعضها الكثير من الغموض، حيث يعمل علماء الآثار المصريون على دراسة محتويات تلك المقابر لكشف غموضها وتفسير الكثير من أسرارها.
ولفت إلى أن مقابر الأشراف تتوزع على مناطق عدة من جبانة طيبة القديمة وهي: الشيخ عابد القُرنَة، وقُرنَةٌ مرعي، وذراع أبوالنجا، والطارف، والخوخة، ودير المدينة، والخوخة، إلى جانب العساسيف. ويرجع تاريخ تلك المقابر إلى الفترة ما بين الدولة الوسطى وحتى نهاية التاريخ المصري القديم.

وأكد على أن مقابر الأشراف يتمتع زوارها برحلة إلى عوالم الحياة اليومية لقدماء المصريين، وكيف كانت تفاصيل حياتهم قبل الآلاف من السنين. وتذخر جدران تلك المقابر بسجلات كاملة عن الحياة اليومية، والمعتقدات الدينية، والحياة السياسية والعسكرية آنذاك، كما تلقي الضوء على عمارة وفنون ما يُعرف بمقابر الأفراد والتي من بين أهمها مقابر “رخميرع”، و”رعموزا” أو”رعمِس”، و”نخت”، و”سن نفر”، و”مننا”، و”سن نجم” و”منتو إم حات” وغير ذلك من المقابر التي تجذب رسومها ونقوشها وألوانها الزاهية مئات الآلاف من السياح الذين يفدون لزيارتها من أنحاء العالم أجمع.

ويقول محمد عثمان رئيس لجنة تسويق السياحة الثقافية، إن جبانة طيبة القديمة ومناطق مقابر الأشراف تنتظر الكشف عن المئات من المقابر التي لم تُكتشف بعد، والتي كانت تقام فوقها منازل المئات من سكان المنطقة الذين جرى نقلهم إلى مدينة جديدة وإزالة منازلهم القديمة التي بدأت الحفائر الأثرية أسفلها ضمن المساعي الجارية للوصول إلى المزيد من الاكتشافات الجديدة. ولفت إلى أن مناطق مقابر الأشراف شهدت في العام 2019 كشفا أثريا ضخما لفت أنظار العالم حين عُثر على العشرات من التوابيت والمومياوات في ما بات يعرف بـ”خبيئة العساسيف”.

الكثير من الغموض والأسرار

ورأى عثمان أن مناطق مقابر الأشراف تعد من المناطق الواعدة بالمزيد من الاكتشافات الأثرية، وتنشط بها العديد من البعثات الأثرية المصرية والأجنبية.

واعتبر أن تلك المقابر هي من أجمل المقابر التي شيدها ونحتها الفنان المصري القديم، حيث تتفرد بما تحتفظ به من رسوم وألوان زاهية، تمكن زائرها من الاطلاع على تفاصيل وأسرار الحياة اليومية في مصر القديمة.

وقال الأثري المصري علي رضا إن الوزراء وكبار الموظفين ورجال الدولة وقادة الطوائف من التجار والصناع، ومن يُعرفون بالأشراف اتخذوا من المنطقة المعروفة بجبانة الشيخ عابد القُرنَة، أو عبدُ القُرنَة، مقرا لمقابرهم التي نحتت في الصخور الجبلية، أما الموظفون الصغار فقد اتخذوا من المنطقة الواقعة أسفل جبانة عابد القُرنة مكانا لنحت مقاربهم،  فيما اختار الرعامسة أن تنحت مقابرهم في جبانة ذراع أبوالنجا، وأسفل جبانة الشيخ عابد القُرنَة.
وبحسب رضا فقد كانت مقابر كبار الموظفين والتي تنطوي تحت قائمة مقابر الأشراف فتتكون من فناء ثم صالة تؤدي إلى ممر طويل يوصل إلى مقصورة تنتهي بمشكاة تحتوي على تمثال لصاحب المقبرة، فيما كانت بعض المقابر يعلوها هرم صغير من الطوب اللبن.

وتنقسم المقبرة إلى جزأين علوي وسفلي، أما الجزء العلوي فكان يحتوي على مناظر دينية ودنيوية رسمت ونقشت وجرى تلوينها بشكل دقيق، وبألوان زاهية تجذب الأنظار، وتجول بالزائر في تفاصيل الحياة اليومية لصاحب المقبرة وعائلته، وهي رسوم ونقوش تُعد بمثابة توثيق لحياة قدماء المصريين قبل الآلاف من السنين، أما الجزء السفلي فيكون خاصا بدفن مومياء صاحب المقبرة.

ويذكر أن آثاريين وعلماء مصريين يعتقدون أن هناك المئات من المقابر التي تنتظر الكشف عنها بطول جبانة طيبة القديمة وعرضها لتنضم إلى المئات من المقابر المكتشفة في مناطق جبانات الأشراف ووادي الملوك ووادي الملكات التي تضم مقابر ملوك وملكات مصر القديمة.

16