استقالة وزير المالية تخلخل الاستقرار الهش للحكومة الكويتية

استقالة وزير المالية الكويتي من منصبه ليست فقط إحدى تداعيات عجز الموازنة وقلّة الحلول لمعالجته بل هي مظهر على المشاكل السياسية التي ما فتئت حكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح تواجهها منذ تشكيلها والمرشّحة للمزيد من التعقيد خلال العودة البرلمانية القادمة في ظل تحفّز أشدّ من نواب المعارضة لاستئناف معركة الإطاحة برئيس الحكومة.
الكويت - فتحت استقالة وزير المالية الكويتي خليفة حمادة الباب لإجراء تعديل على حكومة الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح التي واجهت منذ تشكيلها سلسلة من الإشكالات والمصاعب السياسية والاقتصادية حالت دون استقرارها وجعلتها دائمة البحث عن توازنها.
وكان حمادة قد قدم استقالته الأربعاء بُعيد الإعلان عن اتّخاذ سلسلة من الإجراءات للحدّ من عجز قياسي في موازنة الدولة أعلن عنه مؤخرا وبلغ 35.5 مليار دولار في السنة المالية 2020-2021.
وشملت الإجراءات إلى جانب تقليص نفقات الجهات الحكومية والرفع في معاليم إيجار المنشآت والمرافق التابعة للدولة، دراسة إلغاء بعض أنواع الدعوم المقدّمة للمواطنين، وهو قرار غير شعبي من شأنه أن يحفّز ضغوط نواب مجلس الأمّة (البرلمان) على أعضاء الحكومة، وقد شرعوا بالفعل في توعّدهم بالاستجوابات النيابية بمجرّد انطلاق دور الانعقاد الجديد للمجلس في شهر أكتوبر القادم.
وتعتبر العلاقة المتوتّرة التي جمعت بين حكومة الشيخ صباح الخالد والبرلمان المنتخب في ديسمبر الماضي وتشغل المعارضة واحدا وثلاثين من مقاعده الخمسين، عاملَ تعقيد لمهمّة الحكومة في البحث عن مخارج للأزمة المالية حيث تحتاج لمرور حتمي عبر مجلس الأمّة لسنّ تشريعات تسمح بالتوجه نحو أسواق الديون الدولية.
ونقلت صحيفة الرأي الكويتية عن مصادر حكومية توقعها بإجراء تعديل وزاري في منتصف شهر سبتمبر المقبل يشمل “ما بين ثلاثة وخمسة وزراء”.
ولخّصت ذات المصادر أهم أسباب استقالة الوزير حمادة بشعوره بأنه ليس صاحب قرار في الكثير من الموضوعات، حيث لم يشارك بشكل رئيسي مثل وزراء المالية السابقين في اختيار أعضاء مجلس إدارة الهيئة العامة للاستثمار، فيما تم سحب القرارات المتعلقة بالأسواق المنتهية عقودها منه وإسنادها إلى لجنة من خارج الوزارة، كما لم يكن له دور يذكر في عملية إعداد مشاريع القوانين التي تعالج مخاطر نفاد السيولة ومن ضمنها قانون الدين العام.
وذكرت المصادر ضمن أسباب استقالة الوزير “التهديدات المتتالية له من قبل نواب باستجوابه”.
ويحيل هذا السبب الأخير على العودة البرلمانية العاصفة التي تنتظر حكومة الشيخ صباح الخالد والتي يتوقّع أن تكون امتدادا للدورة البرلمانية السابقة التي انتهت في يوليو الماضي على خلافات حادة بين أعضاء الحكومة ونواب المعارضة في البرلمان والتي حالت في نهاية دور الانعقاد دون عقد الجلسات العادية للمجلس.
وهدّد نواب كويتيون رئيس الحكومة بتحدّي القرار البرلماني الصادر خلال الدورة النيابية السابقة بتحصينه ضدّ الاستجوابات حتى نهاية دور الانعقاد القادم. وقال هؤلاء إنّهم سيستجوبونه هو وأعضاء حكومته بمجرد العودة النيابية.
ونقلت صحيفة الجريدة الكويتية مؤخرا عن النائب مهلهل المضف قوله إن “وجود الخالد على رأس الحكومة بات أمرا غير محمود وسيزيد الكلفة السياسية على النظام السياسي في البلاد ولن يخفف أي احتقان أو تصعيد سياسي قادم للمجلس”، وأن “استمرار الخالد يعني استمرار التأزيم والتصعيد”.
كما اعتبر ذات النائب “أن الخالد استنفد رصيده السياسي وأصبح عبئا على النظام السياسي وغير مقبول استمراره إذ أنه بات يكلف أعضاء الحكومة الكثير وسيعانون نفس المصير الذي سيصيبه”.
وكثيرا ما تدفع الضغوط النيابية بعض وزراء الحكومات الكويتية للاستقالة طوعا أو بطلب من رؤساء الحكومات لتجنّب التأزيم وخفض التوتّر. لكنّ الخوف من تلك الضغوط كثيرا ما يدفع مرشّحين لشغل مناصب وزارية لرفضها والعزوف عنها لتجنّب الفشل في مهمّاتهم ولتفادي الدخول في خصومات مع النواب وحملات من قبل هؤلاء تصل أحيانا حدّ التشهير والإهانة.