تغييرات في وزارة الداخلية التونسية لتحييدها عن التجاذبات السياسية

التعيينات الجديدة تأتي بعد أن كلف الرئيس التونسي مستشارا أمنيا بتسيير شؤون وزارة الداخلية، في أول تعيين يقوم به منذ أن جمّد عمل البرلمان.
الجمعة 2021/08/20
تغييرات متواصلة

تونس – أجرى الرئيس التونسي قيس سعيّد تغييرات داخل وزارة الداخلية بتعيين مدير عام جديد للأمن الوطني وآمر جديد للحرس الوطني، في خطوة فسّرها مراقبون بكونها تهدف إلى تحييد الوزارة عن التجاذبات السياسية لاسيما في ظل الاتهامات الموجهة لحركة النهضة طيلة السنوات الماضية بالسعي للسيطرة عليها.

وأصدر قيس سعيّد أمرا رئاسيا بتعيين مدير عام جديد للأمن الوطني وآمر جديد للحرس الوطني، بحسب بلاغ لرئاسة الجمهورية.

وشمل القرار تعيين سامي الهيشري مديرا عاما للأمن الوطني، وشكري الرياحي آمرا للحرس الوطني.

وتختص الأسماء الجديدة في قطاع الأمن الوطني بالعمل في مكافحة الإرهاب ومقاومة الجريمة، وعملت خلال السنوات الأخيرة في الفرق الخاصة لكشف الخلايا الإرهابية النائمة.

ويأتي ذلك بعد أن كلف الرئيس سعيّد مستشارا أمنيا بتسيير شؤون وزارة الداخلية، في أول تعيين يقوم به منذ أن جمّد عمل البرلمان وأعفى رئيس الحكومة وعددا من وزرائها من مهامهم، وتولى بنفسه السلطات التنفيذية.

وقالت الرئاسة التونسية في بيان إن سعيّد “أصدر أمرا يقضي بتكليف رضا غرسلاوي بتسيير وزارة الداخلية”، مشيرة إلى أن الأخير أدى اليمين الدستورية أمام الرئيس.

خليفة الشيباني: وزارة الداخلية كانت محلّ تكالب من الأحزاب وأولها النهضة

وبحسب وسائل إعلام محلية فإن غرسلاوي كان محافظ شرطة عاما (رتبة بالأمن الوطني) قبل أن يصبح مستشارا في دائرة الأمن القومي برئاسة الجمهورية

ويرى مراقبون أن التعيينات الجديدة تأتي في إطار تفعيل واستكمال المسار السياسي الذي بدأه الرئيس سعيّد منذ الخامس والعشرين من يوليو الماضي، فضلا عن كونها بداية لإنهاء مرحلة سيطرة النهضة على الوزارات المهمة عبر الولاءات.

وأفاد المحلل السياسي والخبير الأمني العميد خليفة الشيباني بأن “التعيينات الأمنية الجديدة كانت منتظرة وطبيعية، خاصة مع تغيير وزير الداخلية، وتعيين رضا غرسلاوي مكلفا بتسييرها”، قائلا “التعيينات عادية بصفة أن سعيّد القائد الأعلى للسلاح، ووزارة الداخلية كانت محلّ تكالب من الأحزاب وأولها النهضة”.

وأضاف الشيباني في تصريح لـ“العرب” أن “رسائل الرئيس سعيّد الأخيرة خلال زيارته لوزارة الداخلية التي أكد فيها أنه لا مجال للتسلل لوزارة الداخلية مهدت لهذه التعيينات”، معتقدا أن “سعيّد قطع الطريق على المتسللين، وبدأ مرحلة جديدة عنوانها تونس تصحّح المسارات ومنها الكفاءة في التعيين”.

وتابع الشيباني “التعيينات الأخيرة تشير إلى بداية تحييد وزارة الداخلية وإبعادها عن التجاذبات السياسية، وتكريسها لخدمة البلاد وليس لخدمة أطراف معينة”، كما توقع أن تليها تعيينات أخرى.

وترى أوساط سياسية تونسية أن وزارة الداخلية بدأت تتعافى تدريجيا بتخلصها من التعيينات السابقة التي تخدم أجندات معينة.

وأفاد المحلل السياسي عبدالعزيز القطي “من المؤكد أن لكل مرحلة تعييناتها ورجالها، ووزارة الداخلية كانت محلّ استهداف من النهضة، وهي تحتوي على العديد من الأسرار والملفات للنهضة”، قائلا “الجميع يعلم منذ 2011 أن النهضة سعت للسيطرة على وزارات السيادة على غرار الداخلية والعدل”.

وأضاف في تصريح لـ”العرب”، “اليوم في إطار استكمال المسار السياسي، وجب استرجاعها كمرفق عمومي وأمن جمهوري”.

وتابع “وزارة الداخلية اليوم بصدد التخلص من سيطرة النهضة، والمبدأ الذي سيتم اعتماده الآن هو الكفاءة وخدمة الدولة والشعب دون الخلفيات وتدخل اللوبيات”.

وسيتأكد المدير والآمر الجديدان من استبعاد الأطراف المحسوبة على النهضة، والتي كانت تعمل على خدمة مصالح معينة تهدف إلى تعزيز مكان الحركة في السلطة.

وأكّد القطي أن “المؤسسة الأمنية اليوم بصدد التعافي وستشتغل على الملفات الهامة”، لافتا إلى أن “استخدام هذه الكوادر لن يكون خدمة لأجندات معينة مثلما كانت تفعل النهضة”.

ولم تقتصر الاتهامات الموجهة للنهضة بالفساد على خصومها ومعارضيها، بل أطلقت قيادات داخلية للحزب العنان للنقد والاتهامات.

وقال القيادي بالنهضة والمستقيل من المكتب التنفيذي محمد خليل البرعومي، “النهضة كانت بداخل منظومة فاسدة وليس من حق رموز الفساد إدعاء الطهورية”.

وقال البرعومي في تدوينة على حسابه بصفحات التواصل الاجتماعي فيسبوك “إن النهضة لم تحسن إدارة مرحلة أو ابتلعتها منظومة فاسدة”، مشيرا إلى أنه “ليس من حق رموز هذه المنظومة والذين سيّروا مصالحها أن يقفزوا من السفينة مدعين الطهر”، معتبرا أن “أول إصلاح هو تخليص المشهد من النفاق والفساد السياسي ثم تجديد الطبقة السياسية”.

وفرضت السلطات الأمنية الأربعاء الإقامة الجبرية على مفدي المسدي المستشار الإعلامي لهشام المشيشي، وقد شغل سابقا مستشارا إعلاميا لرئيس الحكومة الأسبق يوسف الشاهد.

الرئيس التونسي سبق أن حذّر مطلع الشهر الجاري من محاولات اختراق لوزارة الداخلية، مؤكدا أن الأخيرة ستتصدى لمحاولات التسلل بكل قوة

وسبق أن حذر قيس سعيّد مطلع الشهر الجاري من محاولات اختراق لوزارة الداخلية، مؤكدا أن الأخيرة ستتصدى لمحاولات التسلل بكل قوة.

وقال سعيّد إن “هناك من يريد التسلل إلى مفاصل الدولة ووزارة الداخلية على وجه الخصوص”، مضيفا “هناك من عملوا على تفتيت الدولة ولكننا واثقون بأن وزارة الداخلية ستتصدى لهم بكل قوة”.

وتابع “أي محاولة للمس بوزارة الداخلية ستواجه بقوة، وعلى الجميع الامتثال للقانون”، قائلا “لا مجال لتوظيف أي شخص في وزارة الداخلية من أجل تحقيق أهدافه الشخصية”.

وأعلن الرئيس التونسي في الخامس والعشرين من يوليو الماضي، تجميد عمل البرلمان وتعليق حصانة كل النواب، وإقالة رئيس الوزراء هشام المشيشي، في ظل تدهور شديد للأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والصحية بالبلاد.

وإلى حدّ الآن، لم يعيّن سعيّد رئيسا جديدا للوزراء، ولم يعلن عن أي خطوات لإنهاء حالة الطوارئ أو خطة للفترة المقبلة.

4