مصر تبحث عن شركاء للاستثمار في مشاريع تحلية المياه

تسعى الحكومة المصرية إلى تسريع وتيرة تنفيذ برنامجها الطموح المتعلق بتشييد محطات جديدة لتحلية المياه كأحد الحلول البديلة لتغطية النقص المحتمل بسبب موجة الجفاف وتأثيرات قضية سد النهضة على الأمن المائي لأكبر بلد عربي من حيث تعداد السكان ضمن استراتيجية يقودها الصندوق السيادي.
القاهرة - تبدي مصر عزيمة كبيرة لتنفيذ برنامجها الطموح المتمثل في بناء محطات تحلية مياه البحر، وهي تسير الآن نحو جذب مستثمرين عرب وأجانب لمشروعها، للابتعاد تدريجيا عن خط الفقر المائي، بعد أن صار مشكلة استراتيجية للبلد.
وبدأت الحكومة تبحث عن شركاء للاستثمار في مبادرة بقيمة 2.5 مليار دولار لبناء أكثر من عشر محطات لتحلية المياه تعمل بالطاقة المتجددة بحلول عام 2025، في محاولة جدية لمعالجة نقص المياه.
ويعتزم صندوق الثروة السيادية المصري طرح فرص استثمارية بقطاع تحلية المياه وإعادة تدوير استخدامها بالشراكة مع صناديق محلية وعربية وأجنبية بهدف تعظيم الإيرادات ومضاعفة الاستثمارات العامة التي يقودها الصندوق في قطاعات مستدامة.
وكشف الرئيس التنفيذي للصندوق أيمن سليمان أن المسؤولين المصريين يخططون لإنشاء 17 محطة تحلية جديدة سيتم بناء كل منها وتملكها وتشغيلها من قبل الصندوق بالشراكة مع مجموعة من المستثمرين المحليين والأجانب، إلى جانب محطات الطاقة الشمسية وغيرها من المصانع الخضراء.
وتعتمد الدولة العربية الأكثر اكتظاظًا بالسكان على نهر النيل للحصول على كل مياهها العذبة تقريبًا وتواجه عجزا كبيرا في الإمدادات يخشى المسؤولون أنه يملأ سدًا ضخمًا لتوليد الطاقة الكهرومائية على الروافد الرئيسية لإثيوبيا.
وقال سليمان في مقابلة مع وكالة بلومبرغ للأنباء إن “مصر حريصة على بناء قاعدة تكنولوجية مستدامة للسيطرة على مصيرها عندما يتعلق الأمر بالأمن المائي”.
وأوضح أن صندوق الثروة يهدف إلى الاستحواذ على حصة أقلية في جميع المصانع مع أصحاب العطاءات الفائزين.
وتم إطلاق أول صندوق سيادي في مصر، والذي تم إنشاؤه في عام 2018، على غرار المبادرات في ماليزيا والهند. يهدف الصندوق إلى الشراكة مع القطاع الخاص وتوليد تمويل إضافي من الأصول غير المستغلة بالدولة والتي تخطط لإدارتها.
ويخطط الصندوق السيادي لإطلاق أربعة صناديق استثمار فرعية، تعمل في قطاعات الخدمات الصحية والبنية الأساسية والتصنيع الغذائي والزراعي والخدمات والتكنولوجيا المالية، بالتعاون مع مستثمرين بالقطاع الخاص.
وبحسب شهادات المؤسسات الدولية، تعتبر صناديق الأسهم الأكثر جذبا للمستثمرين الأجانب، فلدى مصر في الوقت الحالي فرصة مواتية لجذب الاستثمارات في ظل الاستقرار الاقتصادي والسياسي الملحوظ، كما أن التشريعات والقوانين أصبحت ملائمة لجذب المزيد من الاستثمارات.
وتقول الأمم المتحدة إن العالم يحتاج إلى إنفاق 6.7 تريليون دولار على البنية التحتية للمياه بحلول عام 2030، خاصة وأن حوالي 1.2 مليار شخص يعيشون بالفعل في مناطق تعاني من الفقر المائي.
وأدى النمو السكاني وتغير المناخ إلى جعل مصر عرضة لندرة المياه ولذلك تجد الحكومة نفسها في سباق مع الزمن لتنجب تلك المشكلة في المستقبل.
وتظهر تقديرات وزارة الري إلى أن مصر، التي تحتاج إلى حوالي 114 مليار متر مكعب من المياه كل عام لتلبية حاجتها إلى أكثر من 100 مليون نسمة، تحصل على حوالي نصف ذلك فقط من المصادر الطبيعية.
وهي تعالج النقص خطوة بخطوة، بما في ذلك إعادة تدوير مياه الصرف الزراعي والمياه الجوفية واستيراد أغذية إضافية بدلاً من ري المزيد من المحاصيل.
وكان وزير الري والموارد المائية محمد عبدالعاطي قد تطرق مرارا في الأشهر الماضية إلى حجم التحديات التي تواجه قطاع المياه بالبلاد وعلى رأسها الزيادة السكانية والتغيرات المناخية وسد النهضة الإثيوبي.
وتمكنت القاهرة في يوليو العام الماضي من إنشاء أول محطة لتحلية مياه البحر في الدلتا بمدينة المنصورة الجديدة، والتي ستغذي المدينة بمياه الشرب.
وأشار سليمان في حديثه لبلومبرغ إلى أن إقامة 17 محطة لتحلية المياه تهدف إلى إنتاج 2.8 مليون متر مكعب من المياه المحلاة يوميا، هي جزء من خطة أوسع لإضافة 6.4 مليون متر مكعب من الطاقة اليومية بحلول عام 2050.
وأوضح أن وزارات الإسكان والتخطيط والمالية والطاقة تشارك في تنفيذ هذا البرنامج الضخم بينما ستكون الحكومة هي المتعهدة بالمياه المحلاة “بأسعار تنافسية”.
114 مليار متر مكعب
من المياه حجم احتياجات مصر سنويا نصفها من المصادر الطبيعية
وتشير تقديرات خبراء اقتصاد المنسجمة مع بيانات رسمية حكومية وأخرى دولية إلى أن مصر تشغل 76 محطة لتحلية المياه قادرة على إنتاج حوالي 832 ألف متر مكعب يوميا اعتبارا من مايو الماضي.
وأكد سليمان أن العديد من المستثمرين أبدوا اهتمامهم بذلك حيث سيقدم البنك الأوروبي للإنشاء والتعمير ومؤسسة التمويل الدولية المساعدة الفنية والمشورة بشأن العطاء.
وقال إنه من المتوقع أن يبدأ الربع الأول من عام 2022 بمناقصات لإنتاج حوالي مليون متر مكعب.
ويُرجح أن يستفيد المشروع من الميزة التنافسية لمصر في إنتاج طاقة متجددة رخيصة والسماح بالوصول إلى التمويل الأخضر مما سيخفض التكاليف.
ويأتي حوالي 8.6 في المئة من الكهرباء في مصر من الطاقة المتجددة، والتي تستهدف زيادتها إلى 20 في المئة بحلول عام 2022 ومضاعفتها بحلول عام 2035.
وتعد مزرعة بنبان للطاقة الشمسية، التي تبلغ تكلفتها 4 مليارات دولار بالقرب من مدينة أسوان الجنوبية، واحدة من أكبر الشركات في العالم، في حين أن البلاد تدير مزرعة رياح على طول البحر الأحمر.
وكان مجلس الوزراء المصري قد قال الشهر الماضي إن المسؤولين يجرون محادثات مع شركة ستكيس النرويجية بشأن التعاون المحتمل في مشروعات تستخدم الطاقة المتجددة لتحلية المياه.
وقال سليمان “سندير مجموعة متنوعة من الشراكات وفق جدول زمني صارم” لتجسيد مسار المرحلة الثانية من خطة الإصلاح.