فقدان الغاز المنزلي عبء يضاف إلى الأزمات المعيشية للبنانيين

مع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان المركزي وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد تشهد البلاد منذ أسابيع طويلة شحّا في مواد رئيسية عدة من بينها الوقود والأدوية.
الخميس 2021/08/12
معركة مضنية للظفر بأسطوانة غاز

بيروت – أربك احتمال توقف لبنان عن تزويد المواطنين اللبنانيين بالغاز المنزلي المعبأ في الأسطوانات وتيرة حياتهم في مختلف مناطق البلاد، مما عمق المخاوف من تأزم معيشتهم أكثر مما هي عليه.

ودخل الاتحاد العمالي اللبناني على خط الأزمة الاقتصادية مرة أخرى محملا الطبقة السياسية مسؤولية تقاعسها في حل مشاكل الناس التي وصلت إلى طريق مسدود.

ونسبت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إلى رئيس اتحاد نقابات العمال والمستخدمين في طرابلس والشمال شعبان بدرة قوله إن “طوابير الذل التي تقف أمام محطات البنزين والمازوت (الديزل) والغاز والأفران والصيدليات بدأت تهدد أمن البلاد بعد فقدان تلك المواد من الأسواق لصالح اقتصاد بديل هو اقتصاد السوق السوداء الذي يزيد ثروات الأغنياء”.

شعبان بدرة: اختفاء المواد الضرورية من السوق يهدد أمان اللبنانيين
شعبان بدرة: اختفاء المواد الضرورية من السوق يهدد أمان اللبنانيين

وطالب بدرة، وهو عضو في الاتحاد العمالي، خلال لقاء عمالي عقده في مقر اتحاد الشمال في طرابلس الأربعاء السلطات بمعالجة فورية للأزمات التي تكاثرت واتخاذ قرار جريء يضمن المنافسة الجادة التي من شأنها أن “تقلص الأسعار التي انعكست على الفقراء والكادحين وذوي الدخل المحدود”.

وظهر العشرات من اللبنانيين خلال اليومين الأخيرين في طوابير طويلة لملء قوارير الغاز المنزلي وسط تحذيرات أطلقها موزعون من احتمال انقطاعها كما غيرها من المواد الرئيسية في بلد يشهد انهياراً اقتصادياً متسارعاً منذ عامين.

وحذر رئيس نقابة العاملين والموزعين في قطاع الغاز فريد زينون الثلاثاء الماضي من انقطاع التزويد بقوارير الغاز المنزلي خلال أسبوع إذا لم يدفع مصرف لبنان الاعتمادات اللازمة للمستوردين.

وقال زينون لوكالة الصحافة الفرنسية إن “المخزون الحالي يكفينا أسبوعا، وإذا لم تحل المشكلة ستباع قوارير الغاز في السوق السوداء”.

ويبلغ سعر قارورة الغاز المنزلي حالياً نحو 60 ألف ليرة (40 دولاراً بحسب السعر الرسمي). ومن المرجح أن يتخطى سعر القارورة مئة ألف ليرة في السوق السوداء.

ويساوي الحد الأدنى للأجور 675 ألف ليرة، أي ما يعادل 450 دولاراً قبل الأزمة و30 دولاراً اليوم بحسب سعر الصرف في السوق السوداء. ويحصل أغلب اللبنانيين على أجورهم بالعملة المحلية.

وجراء الانهيار الاقتصادي الذي صنفه البنك الدولي بين الأسوأ في العالم، منذ منتصف القرن الماضي، قدر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية قبل أيام أن 78 في المئة من السكان باتوا يعيشون في الفقر، فيما يعيش 36 في المئة في فقر مدقع.

ومع نضوب احتياطي الدولار لدى مصرف لبنان المركزي وتأخره في فتح اعتمادات للاستيراد تشهد البلاد منذ أسابيع طويلة شحّا في مواد رئيسية عدة من بينها الوقود والأدوية.

وقال زينون إن “سبب الشح الحالي في الغاز المنزلي هو عدم فتح اعتمادات من قبل مصرف لبنان”، مشيراً إلى أن باخرة محملة بخمسة أطنان تنتظر منذ 17 يوماً في المياه الإقليمية، لكنها لم تحصل على موافقة حتى الآن.

وفي صيدا الواقعة جنوب البلاد لوحظ انتظار العشرات من المواطنين منذ صباح الثلاثاء الماضي لساعات عدة أمام إحدى شركات توزيع الغاز المنزلي لملء قواريرهم.

Thumbnail

وقال محمد علي حسن لفرانس برس “هل هناك ذل أكثر من هذا؟ ننتظر قارورة الغاز لنُطعم أولادنا. نخشى أن نقف لاحقاً في طوابير لشراء المياه أيضاً”. وأضاف “لعن الله هذه السلطة” الحاكمة، التي يحملها لبنانيون مسؤولية الانهيار الاقتصادي ويتهمونها بالفساد والهدر.

وفي عكار شمالا أفادت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية بأن شركات توزيع الغاز المنزلي تشهد “زحمة غير مسبوقة”.

ونقلت الوكالة عن وليد الحايك، صاحب شركة توزيع في إحدى البلدات، قوله إن “الشركات المستوردة توقفت عن توفير حاجاتنا من الغاز”، مشيرا أيضا إلى تأخر المصرف المركزي في فتح الاعتمادات اللازمة.

وفي لبنان، كل يوم تقريبا، يصدر تحذير عن قطاع ما؛ فالمستشفيات تحذر من نفاد المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات وسط انقطاع التيار الكهربائي ومخاطره على حياة المرضى، والصيدليات تنفذ إضرابات بسبب انقطاع الأدوية، والمتاجر قد تضطر إلى إفراغ براداتها لعدم توافر الكهرباء والوقود.

واعتاد اللبنانيون على مشهد الطوابير، إذ ينتظرون لساعات أمام محطات الوقود التي اعتمدت سياسة تقنين حاد في توزيع البنزين والمازوت.

ويواجه لبنان أزمات سياسية واقتصادية ومالية ومعيشية متشابكة أدت إلى ارتفاع معدل الفقر إلى أكثر من 50 في المئة وإلى تفاقم البطالة والتضخم المالي وانهيار العملة المحلية وتدهور القدرة الشرائية وسط تراجع متسارع في احتياطي النقد الأجنبي منذ أكتوبر 2019 مع تجميد المصارف للسحوبات النقدية بالدولار الأميركي وتقييدها بالعملة المحلية.

10