«24 عطر» لوحة فنية تجسد التراث الموسيقي التونسي بشكل معاصر

موسيقى العرض تجمع أنماطا موسيقية مختلفة، كما ترتكز على تلحين جديد للموسيقى الآلية.
الجمعة 2021/07/30
عرض يجمع بين الأصالة والمعاصرة

تونس - ألبوم مزدوج وفيلم وثائقي وموقع إلكتروني هي حصيلة الأعمال التوثيقية للعرض الفني “24 عطرا” الذي كان قد قدمه المؤلف الموسيقي وعازف البيانو التونسي محمد علي كمون للجمهور العريض في العديد من المسارح في تونس وخارجها، حيث بإمكان المتلقي الحصول على نسخة رقمية من العرض وإثراء مكتبته الفنية بمقتطفات منه، لكونه يوثق لجملة من الأنماط الموسيقية التراثية التي تزخر بها مختلف ربوع تونس.

تجمع موسيقى العرض، التي تتوزع على العشرات من القطع الفنية، أنماطا موسيقية مختلفة على غرار المالوف والشاوي الأطلسي وموسيقى الجزر، وذلك في انسجام مع موسيقى الجاز والموسيقى السمفونية والفنون البصرية، كما ترتكز على تلحين جديد للموسيقى الآلية.

كما يقدم أغاني تراثية قديمة تكاد تكون تلاشت في أغلبها، تمثل جزءا من الذاكرة الجماعية الثقافية برؤية فنية حديثة ومتطورة خاصة بأسلوب الفنان  كمون. فيما تمثل هذه القطع الفنية ثمرة بحث ميداني واستكشافي في ربوع البلاد التونسية، إذ جاب الفنان كمون وفرقته مختلف المحافظات التونسية خلال سنتي 2016 و2017 وجمعتهم ورشات توثيقية وإبداعية في كافة الجهات مع أكثر من 300 فنان من توجهات فنية وتقليدية مختلفة.

وتحمل كل قطعة فنية موسيقية هوية فنية تراثية تتماشى مع خصوصيات كل جهة من تونس، بما تحمله من خصوصية ثقافية زاخرة وثرية يفوح منها عبق الحضارات القديمة التي تركت آثارا وبصمات فنية لا تمحى عبر الزمن.

ووصف العرض بأنه لوحة فنية رسمها كمون تجمع ما بين الموسيقى التقليدية التونسية والموسيقى السمفونية والعمل الكوريغرافي والبصري.

التوثيق لعرض “24 عطرا” الموسيقي سيتم عبر فيلم وثائقي وألبوم مزدوج وكتيب يتضمن كلمات أغاني العرض وبعض الرسومات
التوثيق لعرض “24 عطرا” الموسيقي سيتم عبر فيلم وثائقي وألبوم مزدوج وكتيب يتضمن كلمات أغاني العرض وبعض الرسومات

واعتبر النقاد والمتابعون “24 عطرا” جسرا بين عالمين وثقافتين، واصفين إياه بالأصالة والمعاصرة. هذه الأصالة المعاصرة وُلدت في ذهن كمون، وبقيت حلما يُراوده ويُحفّزه مدّة سنوات طويلة وانتهى بحثه وجهده بالنجاح في رسم طريق ونهج فني اكتشفته الأذن التونسية بفضول، وتبنّت توجّهه بمحبة، واحتضنت كل مشاريعه التي نضجت مع الوقت واتسعت رُقعتها الجماهيرية.

تعلّم كمون أصول الموسيقى العربية بكل فروعها، ثم استهواه عالم الجاز، فزاره عزفا وتأليفا من خلال الكثير من مقطوعاته الموسيقية الخاصة، لكنه وجد ضالته وسعادته في العطور النغمية الشعبية التونسية التي طوّع لها بعض قواعد الموسيقى الغربية وحقّق بها مبتغاه في الكثير من العروض والمشاريع التي كان آخرها “24 عطرا”.

وحسب ما أفاد به كمون فقد “انطلق الاشتغال لتوثيق عرض ‘24 عطرا‘ منذ فترة ليكون في متناول المتلقي في مرحلة أولى ولتوثيق حصيلة من الأعمال الموسيقية التراثية التي تم النبش فيها وإبرازها بشكل فني وفرجوي، بعد جهود مضنية من البحث والاستماع إلى قامات الفن الشعبي والتراث الموسيقي الأصيل في مختلف مناطق البلاد من شمالها إلى جنوبها”.

وقد انكب الفنان والمؤلف الموسيقي خلال فترة الحجر الصحي على إعداد آخر مراحل الفيلم الوثائقي الطويل “24 عطرا”. ويوثق هذا الشريط الوثائقي الطويل (ساعتين) بداية من مطلع سنة 2016، كواليس وتحضيرات المشروع الفني “24 عطرا”، والذي من الممكن أن يعرض على منصة نتفليكس.

ونوه كمون بالمساهمة المتميزة للاتحاد الأوروبي وتحديدا صندوق “تفنن” الذي تولى دعم وتمويل عملية التوثيق للمحافظة على محتوى عرض “24 عطرا” في شكل ألبوم مزدوج وكتيب يتضمن كلمات أغاني العرض وبعض الرسومات من تصميم رؤوف الكراي، إلى جانب إحداث موقع إلكتروني لرسم ملامح العرض من مختلف الجوانب الفنية ومسارات إنجازه.

ويشار إلى انطلاق كمون في الإعداد لعرض فني جديد بعنوان “نوبة غرام”، وهو عبارة عن كوميديا موسيقية متضمنة لنصوص شعرية لسرين الشكيلي، إذ يعمل على تلحينها ضمن مناخات موسيقية تراوح بين فترة العشرينات والفترة الحالية بمشاركة أصوات شابة على غرار الأختين ملكة ويسر الشارني إلى جانب صوت الفنان محمد بن صالح.

وتم تقديم العرض لأول مرة في اختتام مهرجان قرطاج الدولي سنة 2018 وآخر عرض دولي كان له في 1 سبتمبر 2019 في القاعة الأسطورية أولامبيا باريس، أمام شبابيك مغلقة بإنتاج من الشركة الفرنسية آرياسون.

14