تحالف ضرورة يُجبر حفتر على الوثوق في عقيلة صالح مجددا

القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر يراهن مجددا على التحالف مع رئيس البرلمان عقيلة صالح، وذلك بالرغم من تحركات صالح التي كان يُنظر إليها على أنها محاولات للتخلص من حفتر الذي يبدو أن ضعف موقفه الحالي هو الذي دفعه إلى التقارب من جديد مع رئيس البرلمان.
الرجمة (ليبيا) - عكس استقبال القائد العام للجيش الليبي المشير خليفة حفتر لرئيس البرلمان عقيلة صالح سعيا من حفتر لإحياء التحالف مع صالح والوثوق به مجددا، رغم أنه سعى في وقت سابق لسحب البساط من تحت قدميه.
ويرى مراقبون أن رهان حفتر الجديد على صالح تفرضه الضرورة، حيث تراجع نفوذ القائد العام للجيش بشكل كبير بعد خسارة معركة طرابلس أمام ميليشيات حكومة الوفاق سابقا التي عززتها آنذاك مرتزقة وقوات جلبتها تركيا لإيقاف تقدم قوات الجيش الليبي نحو العاصمة طرابلس.
وحفتر بات يعيش ما يشبه العزلة الإقليمية عكسها بالأساس توجيه مصر أخيرا دعوة لصالح ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي لحضور افتتاح قاعدة 30 يوليو العسكرية بينما تم تجاهل المشير حفتر.
والتقى حفتر بمقر القيادة العامة للجيش الليبي بالرجمة بصالح رفقة نواب آخرين الجمعة، حيث تباحث الجانبان حول تطورات الوضع السياسي وفقا لبيان نشرته شعبة الإعلام الحربي.
رهان حفتر الجديد على صالح تفرضه الضرورة حيث تراجع نفوذ القائد العام للجيش بشكل كبير
وخلال اللقاء أكد حفتر أن هدف البرلمان والجيش هو دعم جهود المصالحة الوطنية والحفاظ على السيادة الليبية وتحقيق الوحدة الوطنية.
وطالب بعثة الأمم المتحدة بتقديم الدعم لجهود إجراء الانتخابات العامة في موعدها المقرر في 24 ديسمبر المقبل “من أجل العبور بالوطن إلى مرحلة الاستقرار برؤية واحدة موحدة بهدف حماية الوطن وسلامة أراضيه”.
ورغم التحركات التي نظر إليها مراقبون بعين الريبة في وقت سابق لعقيلة والتي بدا من خلالها وكأنه يحاول الإيقاع بحفتر، إلا أن ضعف موقف الأخير يبدو أنه أجبره على مد يده مجددا إليه.
وحاول رئيس البرلمان الليبي تبديد مخاوف حفتر بشأن العديد من المسائل الجمعة حيث شدد على “أننا نريد توحيد المؤسسات وذلك لا يعني تهميش أحد”، في إشارة صريحة إلى المؤسسة العسكرية، موضحا أنه “لا بد أن تكون للقوات المسلحة ميزانية لتقوم بمهامها ومازلنا نصر على هذا الأساس”.
وتواجه الميزانية التي قدمها رئيس حكومة الوحدة الوطنية المؤقتة برئاسة عبدالحميد الدبيبة تعطيلا في البرلمان بسبب قيمتها الضخمة وأيضا بسبب عدم تخصيص ميزانية للجيش الليبي.
وكانت العلاقة بين حفتر وصالح قد تخللتها خلافات صامتة عدة أشهر بسبب تحركات رئيس البرلمان وطموحاته السياسية، خاصة عندما تحالف مع وزير الداخلية بحكومة الوفاق سابقا فتحي باشاغا المعروف بقربه من تيار الإسلام السياسي والترشح معه من أجل الوصول إلى منصب رئيس المجلس الرئاسي الذي آل أخيرا إلى محمد المنفي.
وفي الواقع، تحركات صالح من أجل بلوغ أهدافه المنشودة وتجاوز حفتر بالتالي ليست وليدة اللحظة، حيث أثارت اتصالاته وجولاته الداخلية والخارجية في أكثر من مناسبة تساؤلات عديدة.
فالرجل تحول إلى المغرب عند مرض المشير حفتر ونقله إلى مستشفى بيرسي في العاصمة الفرنسية باريس في العام 2018 للقاء رئيس المجلس الأعلى للدولة الاستشاري الإخواني خالد المشري، ما أثار تساؤلات وُصفت بالمشروعة آنذاك حول بوادر اتفاق بين صالح والمشري الذي يكن العداء للجيش.
حفتر التقى في مقر القيادة العامة للجيش الليبي عقيلة صالح رفقة نواب آخرين للتباحث في تطورات الوضع السياسي
كما أجرى صالح جولة على قبائل المنطقة الشرقية إبان حملة الجيش الليبي لاسترداد طرابلس من قبضة الميليشيات لإقناع تلك القبائل بسحب أبنائها من جبهات القتال، ما عكس سعيا من الرجل للإيقاع بحفتر.
لكن كل هذه الأسباب لا تثني المشير حفتر عن التقارب مجددا مع صالح، لاسيما في ظل تراجع شعبيته بعد الانسحاب من طرابلس إثر التدخل التركي لمصلحة حكومة الوفاق.
كما أن وجود شبه توافق إقليمي ودولي على دعم السلطة الليبية الانتقالية بقيادة المجلس الرئاسي برئاسة المنفي وحكومة الوحدة الوطنية المؤقتة بقيادة الدبيبة زاد من تهميش حفتر حتى أن مصر التي كانت تعتبره حليفا رئيسيا جعلت منه ورقة احتياطية لديها.
وتعيش ليبيا مرحلة انتقالية من المقرر أن تنتهي بإجراء انتخابات بشقيها الرئاسي والبرلماني في 24 ديسمبر القادم، وهو استحقاق يحظى بتأييد دولي واسع عكسه بوضوح البيان الختامي لمجلس الأمن المنعقد الخميس بحضور الدبيبة وغياب وزيرة الخارجية الليبية نجلاء المنقوش.
ومؤخرا هدد المشير حفتر بالعودة لتحرير طرابلس من الميليشيات في حال لم يتم إجراء الانتخابات العامة في موعدها، التي بالرغم من أن العد التنازلي لها قد بدأ، إلا أن العقبات تتزايد أمامها في ظل عدم التوصل إلى اعتماد قاعدة دستورية يجري الاستحقاق وفقها، وعدم إتمام الترتيبات الأمنية اللازمة بما يشمل تفكيك الميليشيات وتوحيد المؤسسة العسكرية.