واشنطن لتل أبيب: وضع عباس أشبه بغابة جافة تنتظر ما يشعلها

السلطة الفلسطينية تستنجد بإدارة بايدن للتدخل لدى إسرائيل لمساعدتها.
السبت 2021/07/17
عباس يرى في الحليف الأميركي طوق نجاة

تشعر السلطة الفلسطينية بأن الدائرة تضيق من حولها في ظل وضع سياسي داخلي محتقن وغليان شعبي بدأت شراراته تلفح وجوه مسؤوليها. ولم يعد للسلطة من خيارات سوى اللجوء إلى الولايات المتحدة للضغط على الحكومة الإسرائيلية لمساعدتها على تفادي الغرق.

القدس - حذر هادي عمرو نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، والمكلف بالملف الفلسطيني – الإسرائيلي من أن السلطة الفلسطينية بقيادة الرئيس محمود عباس في وضع “صعب وخطير”، داعيا الحكومة الإسرائيلية إلى وجوب التحرك ومساعدتها.

جاء ذلك خلال لقاء جمعه بمسؤولين إسرائيليين في إطار زيارة استغرقت خمسة أيام وشملت رام الله وتل أبيب، حيث كان الغرض منها حلحلة الجمود الراهن على مستوى ملف غزة في علاقة بالمساعدات وملف إعادة الإعمار، فضلا عن استكشاف أفق استئناف مفاوضات الحل الفلسطيني.

ونقل موقع “والاه” الإسرائيلي، عن مسؤولين إسرائيليين قلق المبعوث الأميركي حيال ظروف السلطة الفلسطينية قائلا “إنها في وضع اقتصادي وسياسي صعب وخطير”، مطالبا إسرائيل باتخاذ خطوات وتدابير لتعزيزها وتقويتها.

وتعد هذه الزيارة الأولى لهادي عمرو إلى الأراضي الفلسطينية وإسرائيل، منذ تولي حكومة نفتالي بينيت مقاليد السلطة في تل أبيب، وهي زيارة تسبق زيارة بينيت المنتظرة إلى واشنطن خلال الأيام القليلة المقبلة، والتي يرجح أن تركز على الملف الفلسطيني، وقد تشهد لقاء بينه وبين العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني الذي يزور الولايات المتحدة منذ نهاية الشهر الماضي.

ووصل المسؤول الأميركي إلى إسرائيل الأحد، وأجرى لقاءات مع مسؤولين رفيعي المستوى في السلطة الفلسطينية في رام الله ثم انتقل إلى تل أبيب حيث التقى بوزراء في الحكومة الإسرائيلية بينهم وزير التعاون الإقليمي، عيساوي فريج، والوزير حمد عمار، كما التقى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية العقيد غسان عليان، وعددا من كبار موظفي الخارجية الإسرائيلية.

وكانت مصادر إسرائيلية ذكرت في وقت سابق بأن من الدوافع الرئيسية لزيارة عمرو هو التعرف بشكل شخصي على المسؤولين الجدد في الحكومة الإسرائيلية، بالإضافة للاستماع إلى سياسة الحكومة الجديدة فيما يتعلق بالأوضاع في قطاع غزة والضفة الغربية.

182 مليون دولار

تم اقتطاعها من عائدات الضرائب الفلسطينية، بداعي أنها تذهب لتمويل الإرهاب

وقال المسؤولون الإسرائيليون، الذين شاركوا في اللقاءات، للموقع الإسرائيلي إن المبعوث الأميركي أكد أمامهم أنه عاد من محادثاته في رام الله قلقا للغاية، مصرحا “لم أر في حياتي السلطة الفلسطينية في مثل هذا الوضع السيء”.

وأكد مساعد وزير الخارجية الأميركي أن “التداخل بين أزمة اقتصادية في السلطة وبين الأزمة السياسية الداخلية وغياب الشرعية الجماهيرية، يخلق وضعا خطيرا وغير مستقر”. وأضاف أن “الوضع يشبه غابة جافة تنتظر ما يشعلها، وأنه إذا لم يتوفر للسلطة الفلسطينية المال لدفع الرواتب فقد يقود ذلك لتدهور إضافي، وفي نهاية المطاف أيضا إلى الانهيار”.

وتواجه السلطة الفلسطينية في مناطق سيطرتها أزمة اقتصادية خانقة فاقمتها جائحة فايروس كورونا، إضافة إلى اقتطاع إسرائيل مبالغ مالية هامة من عائدات الضرائب الفلسطينية.

وكانت الحكومة الإسرائيلية صادقت في 11 يوليو الجاري على اقتطاع مبلغ 182 مليون دولار من عائدات الضرائب الفلسطينية، وهو مبلغ يوازي ما تدفعه الحكومة الفلسطينية من مخصصات مالية شهرية لعوائل الشهداء والجرحى والأسرى، بداعي أن تلك الأموال “تذهب لتمويل العمليات الإرهابية”.

ويزداد الوضع اختناقا بالنسبة إلى السلطة ورئيسها محمود عباس في ظل وضع سياسي “محتقن” نتيجة تأجيل الانتخابات العامة والصراع على ملف إعمار قطاع غزة، فضلا عن غضب شعبي تفجر في الفترة الأخيرة على خلفية اغتيال الناشط المعارض نزار بنات بعد اعتقاله من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية.

وشهدت الأراضي الفلسطينية لاسيما في الضفة الغربية تحركات احتجاجية صاخبة، حملت شعارات مناوئة للسلطة ومطالبة برحيل عباس.

ومن المرجح أن يزداد الوضع سوءا بالنسبة إلى السلطة الفلسطينية التي حرص مسؤولوها خلال لقاء هادي عمرو على إقناعه بضرورة التحرك لدى إسرائيل لمد يد العون وتخفيف الضغوط عليها، من منطلق قناعة بأن الإدارة الأميركية لا تملك سوى دعمها، لأنه لا بديل “مرنا” حاليا يمكن الرهان عليه على الساحة الفلسطينية.

وكانت الولايات المتحدة أبدت تفهما لقرار الرئيس محمود عباس في مايو الماضي بتأجيل الانتخابات العامة، على خلاف موقف الاتحاد الأوروبي الذي انتقد خطوة عباس، مطالبا بضرورة الإسراع في تحديد موعد جديد للاستحقاقات الفلسطينية “في أسرع وقت”، لتجديد الشرعيات.

الإدارة الأميركية لا تزال تنظر إلى الرئيس عباس (85 عاما) على أنه الطرف الوحيد الذي يمكن التفاوض معه

وعمد الرئيس عباس إلى التنصل من الانتخابات بسبب إدراكه بأنها لن تصب في صالحه، بل في صالح حركة حماس والأجنحة المناوئة له في حركة فتح، وتقول الأوساط الفلسطينية إن ذلك القرار تم بمباركة الإدارة الأميركية التي لا تزال تنظر إلى الرئيس “أبومازن” (85 عاما) على أنه الطرف الوحيد الذي يمكن التفاوض معه، في ظل عدم وجود اتفاق داخلي وإقليمي على بديل عنه.

وبحسب موقع “والاه” عرض هادي عمرو خلال لقائه بالمسؤولين الإسرائيليين سلسلة من الخطوات الاقتصادية، التي يمكن لإسرائيل القيام بها لتحسين الأوضاع الاقتصادية للسلطة الفلسطينية خلال وقت قصير. في المقابل، رأى منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الضفة الغربية ومندوبو وزارة الخارجية الإسرائيلية أن أوضاع السلطة الفلسطينية الاقتصادية تشهد تحسنا بفعل انتهاء الإغلاق الذي كان مفروضا خلال جائحة فايروس كورونا، لكنهم “أبدوا استعدادا مبدئيا لاتخاذ خطوات تساعد في تقوية السلطة الفلسطينية”.

وذكر الموقع الإسرائيلي أن المبعوث الأميركي أوضح في محادثاته في كل من رام الله وإسرائيل أنه لا يعتزم الضغط لاتخاذ خطوات لتحسين الأوضاع، لكنه أكد في نهاية المطاف أن استمرار تدهور الأوضاع سيمس بالفلسطينيين وبالإسرائيليين، قائلا لهم “عليكم حل الوضع الحالي بأنفسكم، وإذا أردتم المساعدة منا فسيسرنا تقديمها”.

2