العفو عن السجناء طريق الرئيس الجزائري لاستمالة الشباب

الجزائر - يواصل الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون مساعيه لاسترضاء الشارع الذي يتشبّث بعدم الانخراط في الخارطة السياسية التي حددها تبون خلال حملته الدعائية في انتخابات 2019، وهو ما يضعف شرعيته لاسيما في ظل استمرار الحراك الشعبي في التظاهر ضده وضد النظام السياسي القائم في البلاد.
وفي سياق محاولاته، أمر تبون بالعفو على عدد من الشباب أدينوا بالغش في الباكالوريا وهو ما يعكس رهانا من الرجل على استمالة الشباب لتطويق الحراك الشعبي الذي لا يزال ينظم مسيرات أسبوعية مناهضة للسلطة وتطالب بالتغيير الشامل.
وأعلنت وزارة العدل الجزائرية مساء الثلاثاء أنّ الرئيس تبّون أمر بالإفراج “قبل نهاية هذا الأسبوع” عن 60 سجينا أدينوا بالغشّ في امتحانات شهادة الثانوية العامة (الباكالوريا)، مشيرة إلى أنّه اتّخذ هذه المبادرة بمناسبة عيد الأضحى.
وقالت الوزارة في بيان إن تبون أوصى بمناسبة قرب حلول عيد الأضحى “بتدابير رأفة لفائدة الشباب المحبوسين لارتكاب أفعال الغشّ في امتحانات شهادة الباكالوريا لسنة 2021”.
وأضافت أنّه “في هذا الإطار، ستشرع الجهات القضائية المختصة في اتخاذ الإجراءات المناسبة قصد الإفراج عن حوالي ستّين شخصا للالتحاق بذويهم وعائلاتهم قبل نهاية هذا الأسبوع”.
وفي نهاية يونيو صدرت في الجزائر أحكام بالسجن بحقّ ما لا يقلّ عن 64 شخصا أدينوا بالغشّ في امتحانات شهادة الثانوية العامة.
وتراوحت عقوبات السجن الصادرة بحقّ المدانين بين ستّة أشهر وثلاث سنوات بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة، بحسب ما أعلنت في حينه وزارة العدل.
60
سجينا أدينوا بالغش في امتحانات الباكالوربا أمر تبون بالإفراج عنهم بمناسبة عيد الأضحى
وللسنة الخامسة على التوالي، ترافقت امتحانات الباكالوريا التي يشكّل النجاح فيها مفتاح متابعة الدراسات العليا، مع تعطيل شبكات الإنترنت في مختلف أنحاء البلاد.
وكانت دورة العام 2016 من هذه الامتحانات شهدت فضيحة غشّ على نطاق واسع بعد تسريب أسئلة الامتحانات وإجاباتها على مواقع التواصل الاجتماعي.
ومذّاك، إضافة إلى منع كل أجهزة الاتصال في مراكز الامتحانات، قررت السلطات قطع الاتصال بشبكة الإنترنت في مختلف أنحاء البلاد خلال الأيام الخمسة للامتحانات.
وتشهد الجزائر أزمة سياسية معقدة في ظل عزوف الشارع عن الانخراط في المسار السياسي الذي حددته السلطة بقيادة تبون في وقت سابق وهو ما أرغم الأخير على الدفع بتحركات تستهدف كسب ود هؤلاء الشباب، الذين يشكلون ما لا يقل عن 43 في المئة من السكان، ما يسمح بتطويق الحراك الشعبي.
وكان تبون قد أغرى الشباب في وقت سابق بالانتخابات التشريعية التي جرت في 12 يونيو الماضي حيث شدّد على أن الدولة ستتكفل بجزء من الحملة الدعائية للشباب خلال ذلك الاستحقاق الذي نجحت فيه جبهة التحرير الوطني والمستقلون المقربون من الرئيس الجزائري في تصدر نتائجها.
ودعا حينها الشباب إلى اقتحام المؤسسات السياسية والترشح والمشاركة في الانتخابات، لكن نداء تبون واجه رفضا واسعا حيث سجل الاستحقاق المذكور نسبة امتناع قياسية عن الاقتراع بلغت 72 في المئة.
ويبدو أن ذلك دفع تبون إلى التفكير في آليات جديدة كفيلة باستقطاب الشباب إلى صف السلطة التي تواجه أزمة شرعية في ظل عدم نجاحها في تعبئة الناخبين في استحقاقاتها سواء الانتخابات الرئاسة التي جرت في العام 2019 أو الاستفتاء على الدستور في 2020 أو الانتخابات التشريعية الأخيرة.
وبالرغم من الرفض الواسع إلا أن تبون لا ينوي تعديل مساره السياسي، حيث أكد في وقت سابق عزمه على مواصلة تنفيذ برنامجه السياسي متجاهلا بذلك المعارضة الواسعة.
وقال تبون إن “إجراء الانتخابات التشريعية المسبقة خطوة هامة على طريق استكمال مسار سديد، لا محيد عنه، فتح الآفاق الواعدة أمام الشعب وفق القواعد الديمقراطية الحقة”.