قيس سعيّد يتصدى لمحاولة استغلال النهضة الأزمة الصحية لاستعادة شعبيتها

نجح الحراك الدبلوماسي الذي قاده الرئيس التونسي قيس سعيّد في تحصيل تونس الملايين من اللقاحات المضادة لفايروس كورونا، فيما حاولت حركة النهضة الإسلامية التشويش على ذلك النجاح بنسبه إلى زعيمها راشد الغنوشي الذي يخوض صراع صلاحيات مع سعيّد.
تونس- قطع الرئيس التونسي قيس سعيّد الطريق أمام محاولة حركة النهضة الإسلامية استغلال الأزمة الصحية التي تعرفها البلاد لترميم صورتها عبر الترويج لتحركات دبلوماسية لزعيمها راشد الغنوشي بهدف استجلاب تلاقيح مضادة للفايروس من الخارج ومساعدات طبية لتونس في محاولة لكسب ودّ الشارع الغاضب على سياسات الحركة مجددا.
لكن سعيّد تحرك دبلوماسيا من أجل وقف تفاقم الأزمة الصحية في بلاده ما أفضى إلى ضمان استجلاب الملايين من اللقاحات المضادة لفايروس كورونا المستجد.
وقال سعيّد على هامش تلقيه لقاح كورونا الاثنين “وجدنا لقاح كورونا وسيأتي اللقاح للجوائح السياسية المفتعلة التي ابتُلينا بها” في إشارة إلى خصومه السياسيين الذين في مقدمهم حركة النهضة التي تخوض صراعا مع سعيّد على أكثر من صعيد، سواء على مستوى السلطة التنفيذية في ما يتعلق بالحكومة أو على الصلاحيات مع زعيمها راشد الغنوشي الذي يرأس البرلمان.
ومنذ وصوله إلى رئاسة المجلس النيابي حاول الغنوشي التطاول على صلاحيات الرئيس سعيّد التي يخولها له دستور البلاد وأبرزها الدبلوماسية، لكن سعيّد تصدى لتحركات رئيس النهضة التي كان آخرها ما يتعلق بالأزمة الصحية.

باسل الترجمان: نجاحات سعيّد في حشد الدعم الدولي أحرجت النهضة
وأسفرت تحركات للرئيس سعيّد ومحادثات مع قادة عرب وأجانب على حصول تونس على الملايين من اللقاحات المضادة لكورونا التي تحصد أرواح العشرات من التونسيين يوميا.
وأعلنت المملكة العربية السعودية عن عزمها إرسال مليون جرعة لقاح مضاد لكوفيد – 19 بأمر من العاهل السعودي الملك سلمان عبدالعزيز وذلك استجابة لطلب من الرئيس سعيّد.
وقال سفير المملكة لدى تونس عبدالعزيز بن علي الصقر إن “خادم الحرمين الشريفين وجّه بدعم تونس بشكل عاجل بإرسال مليون جرعة من اللقاح المضاد لفايروس كورونا من أجل معاضدة جهودها في مواجهة الانتشار السريع لجائحة كوفيد – 19، إلى جانب مستلزمات طبية أخرى على غرار أجهزة تنفس اصطناعي والملايين من الكمامات الطبية وغيرها”.
وبدورها أرسلت الثلاثاء دولة الإمارات طائرة محملة بـ500 ألف جرعة لقاح مضاد لكورونا لدعم الجهود الرامية لتطويق الوباء في تونس.
وقال راشد محمد المنصوري سفير دولة الإمارات لدى تونس الثلاثاء إن توجيهات القيادة بإرسال جرعات لقاح مضاد لكوفيد – 19 تأتي في إطار “دعم دولة الإمارات للشعب التونسي الشقيق في مواجهة الأوضاع الصحية التي تشهدها تونس جراء جائحة كورونا”.
وأوضح أنها ليست المرة الأولى التي توفر فيها دولة الإمارات الدعم الطبي لتونس حيث أرسلت خلال نوفمبر 2020 طائرة تحمل مواد طبية عاجلة شملت 11 طناً من المعدات الطبية وأجهزة الفحص والتشخيص بجانب أجهزة تنفس اصطناعي ووحدات متنقلة لهذا الغرض وأدوات حماية ووقاية للعاملين في القطاع الطبي.
وكان ولي عهد أبوظبي الشيخ محمد بن زايد آل نهيان تلقى مؤخرا اتصالاً هاتفياً من الرئيس قيس سعيّد تناولا خلاله تطورات الجائحة وجهود البلدين في مواجهتها واحتواء تداعياتها.
ومن جهتها أعلنت فرنسا الاثنين تخصيص 800 ألف جرعة من اللقاح المضاد لكوفيد – 19 لتونس، إضافة إلى معدات طبية للمستشفيات التونسية التي تواجه اكتظاظا غير مسبوق بسبب تضاعف أعداد الإصابات بكورونا.
وقال الناطق باسم الحكومة الفرنسية غابرييل أتال بعد سويعات من إدراج بلاده لتونس في القائمة الحمراء بسبب الوضعية الوبائية الحرجة التي تعرفها إنه “من المفترض أن يؤدي جان بابتيست لوموين وزير الدولة المكلف بشؤون السياحة والفرنسيين المقيمين في الخارج والفرانكفونية زيارة إلى تونس قريبا”.
وأرسلت الجزائر 250 ألف جرعة لقاح في أعقاب اتصال جمع الرئيس سعيّد بنظيره الجزائري عبدالمجيد تبون، فيما أرسلت تركيا 50 ألف جرعة.
ويأتي ذلك في وقت تعرف فيه تونس وضعا وبائيا حرجا دخل بدوره مربع المزايدات السياسية، حيث تعمل أطراف الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد على استغلال ذلك الوضع لتسجيل نقاط سياسية ضد الخصوم.
وبدا لافتا خروج قيادات حركة النهضة الإسلامية للترويج لتحركات دبلوماسية لزعيم حزبهم راشد الغنوشي الذي يرأس أيضا البرلمان لانتشال البلاد من أزمتها الصحية.
وحاول هؤلاء نسب النجاح في حشد الدعم الدولي إلى الغنوشي رغم أن قيادات الحركة أطلقوا في وقت سابق تصريحات بشأن تعهد الدوحة بتوفير مليوني جرعة من اللقاحات على هامش زيارة لرئيس حزبهم إلى قطر لم يتحقق منها شيء إلى الآن.
وقال المحلل السياسي باسل الترجمان إن “الرئيس سعيّد تسبب في حرج كبير للنهضة وأربكها بفضل نجاحه في توفير الدعم اللازم للتونسيين في هذا الظرف الوبائي الدقيق”.
وأوضح الترجمان في تصريح لـ”العرب” أن “التونسيين لم يروا شيئا من تصريحات النهضة بشأن تعهد قطر بتوفير مليوني جرعة أو تقديم الدعم الاقتصادي المطلوب لتتجاوز تونس أزمتها الحالية (…) لكن الرئيس سعيّد تمكن من خلال اتصالاته مع القادة الأشقاء العرب وفي مقدمهم السعودية والإمارات والجزائر ومصر في جلب ما يقارب ثلاثة ملايين جرعة لقاح وكميات من المعدات الطبية”.
وتابع أن “هناك جسرا جويا سعوديا سيصل تونس، هذا سبّب حرجا كبيرا لرئيس البرلمان (الغنوشي) ورئيس الحكومة هشام المشيشي وحركة النهضة (…) وهؤلاء بدأوا حملة تشويش وتشكيك في جهود الرئيس سعيّد بل وصل الأمر بالبعض إلى إطلاق اتهامات بالتسوّل وغيرها رغم أن منظومة كوفاكس تشترك فيها تونس”.
وكان الغنوشي قد أدى في وقت سابق زيارة إلى قطر حاولت قيادات النهضة تضخيم نتائجها رغم أن الدوائر السياسية والإعلامية في الدوحة لم تشر أصلا إلى هذه الزيارة.
وقال وقتها مستشار الغنوشي رياض الشعيبي إن قطر تعتزم توفير مليوني جرعة من لقاح كوفيد – 19 “في شكل هدية للشعب التونسي”، إضافة إلى اتفاق “لمضاعفة عقود العمل المخصصة للتونسيين بدولة قطر ليتجاوز 50 ألف عقد”، وتنظيم الدوحة “منتدى دوليا للاستثمار في تونس يوفر 25 مليار دولار للبلاد على امتداد 5 سنوات”.
منذ وصوله إلى رئاسة المجلس النيابي حاول الغنوشي التطاول على صلاحيات الرئيس سعيّد التي يخولها له دستور البلاد وأبرزها الدبلوماسية
وتشهد تونس أزمة صحية حادة حيث سجلت الاثنين 106 وفيات بالفايروس و4310 إصابات جديدة ليبلغ بذلك إجمالي الوفيات 16 ألفا و494، وعدد المصابين 501 ألف و923 شخصا.
وأعلن ممثل منظمة الصحة العالمية إيف سوتيران أن تونس تسجل عدد وفيات هو “الأعلى” عربيا وأفريقيّا وتمر “بوضع صعب” قد يزداد سوءا، وبالتالي تحتاج البلاد إلى مساعدة ولقاحات.
وقال سوتيران لوكالة فرانس برس “تونس تسجل نسبة وفيات هي الأعلى في القارة الأفريقية والعالم العربي”، مضيفا أنه يتم تسجيل “أكثر من 100 وفاة في اليوم” في بلد يسكنه حوالي 12 مليون نسمة “هذا حقا كثير”.