باريس تستكشف خيارات واشنطن بشأن مكافحة الجهاديين في أفريقيا

واشنطن- أدت وزيرة الجيوش الفرنسية فلورانس بارلي الجمعة زيارة إلى واشنطن هي الأولى عقب تولّي الإدارة الجديدة مهامها، تباحثت خلالها مع نظيرها لويد أوستن سبل مواجهة الجهاديين في الساحل الأفريقي في ضوء توجّه باريس لتقليص دورها العسكري.
وتأتي الزيارة بعد سلسلة نقاشات في قمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) في بروكسل في شهر يونيو، عكست “عودة الولايات المتحدة” إلى جانب حلفائها الأوروبيين بعد النزعة الانعزالية التي سادت واشنطن إبّان ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب.
وبعد ثمانية أعوام في الساحل حيث ينتشر حاليا 5100 عنصر فرنسي، تودّ باريس الانتقال من وضعية القوة التي تتصدر مواجهة الجهاديين إلى قوة مساندة ودعم (توفير الجهد الاستخباري والطائرات المسيّرة وتلك المقاتلة وغيرها).
وتلفت الدائرة المحيطة بالوزيرة الفرنسية إلى أنّ الولايات المتحدة ستستمر في مساندة العسكريين الفرنسيين (التزوّد بالوقود جوا، النقل اللوجستي والجهد الاستخباري) في تلك البقعة الجغرافية الشاسعة، وسط التشديد على أنّ “لا داعي للقلق إذ إنّ الأميركيين قدّموا لنا تعهدات”.

فلورانس بارلي تباحثت خلال زيارتها إلى الولايات المتحدة مع نظيرها لويد أوستن سبل مواجهة الجهاديين في الساحل الأفريقي في ضوء توجّه باريس لتقليص دورها العسكري
وكان المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية جون كيربي أعلن منتصف يونيو أنّ بلاده “ستواصل دعم” العمليات ضد الجهاديين في منطقة الساحل رغم التوجّه الفرنسي لتقليص الحضور.
ولا يزال موقف الولايات المتحدة من مكافحة الجهاديين في الساحل الأفريقي غير واضح إذ أن تصريحات المسؤولين الأميركيين تركز على مواصلة تقديم الدعم اللوجستي، بينما تريد فرنسا أكثر من ذلك عبر مشاركة القوات الأميركية في تحالف دولي تسعى باريس إلى إنشائه لتعويض تواجدها الميداني.
والخيار المطروح أمام باريس والذي مهدت له منذ أشهر، يتمثل في تدويل الحرب على الإرهاب في منطقة الساحل، من خلال المزيد من إشراك حلفائها أكثر في هذا الصراع، ودفع الولايات المتحدة إلى تحمل عبء أكبر في المنطقة، مع إبقاء باريس لقواعد عسكرية في كل من تشاد والنيجر ومالي وبوركينا فاسو.
ولا تبدي الدول الأوروبية ترحيبا ملحوظا بالخطوة التي سبق وأن دعت إليها باريس، لاسيما في ظل رغبة العديد منها في عدم الانخراط في أي تحالفات جديدة في تلك المنطقة على نحو يمكن أن يزيد من الأعباء العسكرية التي تتعرض لها ويفرض ضغوطا داخلية قوية على بعض الحكومات، مع ظهور اتجاهات داخلية أوروبية تدعو إلى عدم الانخراط في مثل هذه الجهود.
ولا تبدو الولايات المتحدة متحمسة كثيرا لقيادة عملية عسكرية في الساحل، خصوصا وأن استراتيجيتها الجديدة في مكافحة الإرهاب تسعى لتقليص حجم تواجدها في المناطق الساخنة والاكتفاء بتوفير التدريب والدعم اللوجستي للجيوش المحلية.
وفي هذه المنطقة الصحراوية الشاسعة المهملة عموما من السلطات المركزية، يجب أن تتولى جيوش القوة المشتركة لمجموعة دول الساحل الخمس (موريتانيا، تشاد، مالي، بوركينا، النيجر) الجوانب الأخرى من مكافحة الحركات الجهادية، إلا أن قلة من المراقبين تعتبر أنها قادرة على ذلك.
وفي المقابل تواصل الحركات الجهادية فرض نفسها فتوسعت باتجاه غينيا جنوبا مكبدة القوات المسلحة والمدنيين خسائر كبيرة. وتزامنت الزيارة إلى واشنطن مع لقاء الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون نظراءه في مجموعة دول الساحل، وذلك للمرة الأولى منذ الكشف عن التوجه الفرنسي لخفض الحضور.