الصديق الكبير لم يعد عائقا أمام توحيد المصرف المركزي الليبي

طرابلس- أثار الإعلان عن قرب توحيد مصرف ليبيا المركزي مع بوادر للإبقاء على الصديق الكبير، الذي كان طيلة السنوات الماضية سببا رئيسيا في انقسام المصرف، محافظا استغراب الليبيين والمتابعين للشأن السياسي في ليبيا.
ويعد تغيير المناصب السيادية أحد أركان خارطة الطريق التي أتت بحكومة الوحدة الوطنية بعد سبع سنوات من الانقسام، وكان يترقب أن يكون تغيير الصديق الكبير الذي اتهم من قبل السلطات في الشرق بمحاباة الإسلاميين وتهميش المنطقة الشرقية وتمويل الحرب الأهلية، إحدى الأولويات التي سيتم العمل عليها بعد تشكيل الحكومة الجديدة.
وكشف مصدر سياسي ليبي فضّل عدم الكشف عن هويته عن وجود تفاهم دولي على وقف التفاوض بشأن المناصب السيادية وتأجيله إلى ما بعد الانتخابات.
وأكد المصدر في تصريح لـ”العرب” على أن تسريع عملية توحيد المصرف المركزي جاء بسبب ضغوط دولية على الأطراف الليبية.
وتوقفت فعلا المفاوضات بشأن تعيين شخصيات جديدة في المناصب السيادية منذ فترة رغم محاولات البرلمان ربطها بطريقة غير مباشرة بالمصادقة على الميزانية التي مازال يرفض تمريرها.
وفي يناير الماضي اتفق أعضاء من البرلمان ومجلس الدولة في مدينة بوزنيقة المغربية على آلية لتوزيع المناصب السيادية.
ووزّعت المناصب بناء على المعيار الجغرافي على أقاليم ليبيا الثلاثة؛ فمُنح إقليم برقة محافظ ليبيا المركزي وهيئة الرقابة الإدارية، وإقليم طرابلس ديوان المحاسبة والمفوضية العليا للانتخابات، وإقليم فزان هيئة مكافحة الفساد والمحكمة العليا، على أن تراعى التشريعات الليبية النافذة في تولي منصبي النائب العام ورئيس المحكمة العليا ويكون المنصب الأول لطرابلس والأخير لفزان.
وتسلط هذه التطورات الضوء من جديد على الصديق الكبير وتطرح الاستفهامات بشأن الجهة التي تقف خلفه وتحول كل مرة دون استبعاده من منصب المحافظ.

عبدالحميد الدبيبة: توحيد مصرف ليبيا المركزي بشقيه ضرورة ملحة
وفشلت العديد من المحاولات التي قام بها البرلمان المنعقد في طبرق منذ 2014 عندما كانت الشرعية الدولية لدى الحكومة المؤقتة برئاسة عبدالله الثني ومحاولات أخرى بعد ذلك، في إقالة الصديق الكبير.
ونقل المصرف المركزي خلال تلك الفترة إلى مالطا ليعود في ما بعد إلى طرابلس مع انتقال الشرعية الدولية إلى حكومة الوفاق التي كان يسيطر عليها الإسلاميون.
ورغم إنشاء البرلمان وحكومة الثني لمصرف مركزي مواز مقره مدينة البيضاء شرق ليبيا إلا أن المجتمع الدولي استمر في التعامل مع الصديق الكبير.
وطالب قائد الجيش المشير خليفة حفتر الذي أوقف إنتاج النفط في أكثر من مناسبة، مرارا بإقالة الكبير كشرط لاستئناف الضخ واتهمه باستخدام عائدات النفط في تمويل الميليشيات.
ويعد الصراع على المصرف المركزي الذي تصب فيه عائدات النفط أحد أبرز أسباب هجوم الجيش للسيطرة على العاصمة طرابلس.
وينظر لاستمرار الصديق الكبير في منصبه كهزيمة ثانية لحفتر بعد الهزيمة العسكرية التي مني بها بعد التدخل العسكري التركي لمساندة قوات حكومة الوفاق.
ومعروف عن الصديق الكبير العلاقة القوية التي تربطه بتركيا حيث سبق أن وقّع مذكرة تفاهم مع المصرف المركزي التركي لتعزيز التعاون الاقتصادي والمالي بين المصرفين دون الكشف عن تفاصيل بنودها.
ولا يستبعد مراقبون أن يكون بقاء الكبير بناء على رغبة تركية ما يعكس قوة الموقف التركي وقدرة أنقرة على فرض ما تريده في ليبيا.
وقبل ذلك تحدثت تقارير عن ضخ حكومة الوفاق برئاسة فايز السراج ثمانية مليارات دولار في المصرف المركزي التركي.
ونشرت الصفحة الرسمية لرئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة صورة يتوسط فيها الكبير ونائبه الذي كان محافظ المصرف الموازي في البيضاء علي الحبري.
وقال الدبيبة الخميس إن توحيد مصرف ليبيا المركزي بشقيه طرابلس والبيضاء هدف أساسي وضرورة ملحة.
جاء ذلك خلال كلمة ألقاها الدبيبة أثناء مراسم تسلمه تقرير المراجعة المالية الدولية لمصرف ليبيا المركزي في العاصمة طرابلس.
وحضر مراسم التسليم رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي ونائبه موسى الكوني ومحافظ مصرف ليبيا المركزي ومحافظ المصرف المركزي الموازي في البيضاء والمبعوث الأممي إلى ليبيا يان كوبيتش.
وغطت التصريحات بشأن قرب توحيد المصرف المركزي على النتائج التي توصلت إليها الأمم المتحدة بشأن التحقيقات في طريقة صرف البنك المركزي للمال العام ومدى صحة الاتهامات الموجهة للصديق الكبير وعلي الحبري بشأن تمويل الحرب الأهلية والفساد ومحاباة المصرف المركزي بطرابلس للميليشيات ورجال الأعمال المقربين من تيار الإسلام السياسي في منحهم اعتمادات الاستيراد التي خولت لهم طيلة السنوات الماضية الحصول على الدولار بالسعر الرسمي الذي كان لا يتجاوز 1.5 دينار في حين كان يصل سعره في السوق السوداء إلى 8 و9 دنانير.
