الغرب في سباق مع الوقت للحفاظ على شريان حياة السوريين مفتوحا

معبر باب الهوى يتيح إيصال المساعدات إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في منطقة إدلب، التي تسيطر عليها جماعات جهادية وأخرى معارضة.
الجمعة 2021/07/09
الملايين من المدنيين يعولون على المساعدات العابرة من الحدود

دمشق – تحاول الدول الغربية جاهدة إقناع روسيا بضرورة التمديد للآلية الأممية لمرور المساعدات الإنسانية إلى سوريا مع اقتراب نفاد الوقت، بيد أن هذه الجهود لا تزال تصطدم حتى الآن بموقف روسي متحفظ عبر عنه الخميس مبعوث الرئيس الروسي الخاص إلى سوريا ألكسندر لافرينتييف، في اختتام الجولة السادسة عشرة من مفاوضات أستانة.

وتصر روسيا على وقف العمل بالآلية الحالية التي تنتهي في العاشر من الشهر الجاري، لتتولى دمشق الإشراف على المساعدات، في محاولة لتهيئة مدخل تتم من خلاله إعادة تعويم حليفها النظام السوري، لكن القوى الغربية ترفض الأمر معتبرة أن سيطرة النظام على المساعدات غير مقبول لاسيما وأن المدنيين المستفيدين من تلك المساعدات يقعون في مناطق خارج سيطرته وأن منحه هذا الامتياز سيعني إعطاؤه سلاحا مهما في مواجهة خصومه، فضلا عن غياب أي ثقة به في كيفية توزيعها.

وقال لافرتينيف “أؤكد مرة أخرى: الغرب لا يريد الحديث عن الحكومة السورية في معرض الإشارة إلى المساعدات، لكن عليه أن يدرك أن ذلك يعود بالنفع على الشعب السوري. وبطبيعة الحال يجب وضع حدّ لاستخدام أساليب العقاب الجماعي بحق الشعب السوري والتي نعتبرها معيبة إطلاقا”.

وأرجئ تصويت كان مقررا الخميس في مجلس الأمن الدولي على تمديد آلية إدخال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا وذلك في محاولة لتليين موقف روسيا. وقال دبلوماسي طلب عدم الكشف عن هويته إن “الفكرة الآن هي (إجراء التصويت) الجمعة”، بينما ذكر مصدر آخر أن التأجيل يمنح “مزيدا من الوقت لاستكمال المفاوضات”.

60 في المئة من السوريين، ليس لديهم ما يكفي من الطعام. ولا يملكون القدرة على توفيره

وترفض روسيا منذ بداية الأسبوع أي مناقشة لمشروع القرار الذي اقترحته أيرلندا والنرويج العضوان غير الدائمين في مجلس الأمن المسؤولان عن الملف الإنساني السوري. ومساء الأربعاء أدخل البلدان الأوروبيان تعديلا أساسيا على مقترحهما في محاولة منهما لتليين موقف موسكو وإقناعها بتمرير النصّ.

وكان مشروع القرار في صيغته الأصلية، ينصّ على أمرين هما: تمديد العمل لمدة سنة بآلية إدخال المساعدات العابرة للحدود إلى سوريا من منفذ باب الهوى (شمال غرب) الحدودي مع تركيا، وتوسيع نطاق هذه الآلية بحيث تشمل أيضا معبر اليعربية الحدودي مع العراق، كما كان عليه الوضع في الماضي. وبحسب النص المعدل فقد تم التخلي عن مطلب إعادة فتح معبر اليعربية والإبقاء فقط على معبر باب الهوى.

وتعتمد المجموعة الدولية منذ العام 2014 على إرسال المساعدات إلى المدنيين في سوريا عبر 4 معابر حدودية في الجنوب من الأردن، وفي الشرق من العراق، وفي الشمال والغرب من تركيا. لكن في السنوات الأخيرة، نجحت روسيا في فرض أمر واقع جديد من خلال استخدام حق النقض لتُبقي فقط على معبر وحيد وهو معبر باب الهوى من الجهة التركية.

ويتيح معبر باب الهوى إيصال المساعدات إلى أكثر من ثلاثة ملايين شخص في منطقة إدلب، التي تسيطر عليها جماعات جهادية وأخرى معارضة. ويقول نشطاء إنه يمثل شريان حياة بالنسبة للمدنيين في شمال غرب سوريا، فكل يوم تمر عبره شاحنة وراء شاحنة لإمداد المعوزين. على متن هذه الشاحنات يوجد كل شيء يحتاجه الناس للبقاء على قيد الحياة: الغذاء والدواء والخيام وأكثر من ذلك بكثير.

وقد تصبح هذه النقطة الحدودية التي تمر عبرها مساعدات الأمم المتحدة جزءا من الماضي اعتبارا من 10 يوليو، في حال استمر الموقف الروسي على حاله.

Thumbnail

وترى موسكو أن مساعدات الأمم المتحدة يمكن أن تُنقل بسهولة عبر دمشق إلى مناطق المتمردين. وحتى الآن، لا يبالي الروس بحقيقة أن جميع الخبراء ابتداء من أنطونيو غوتيريش إلى من هم أدناه يعارضون ذلك. وبالنسبة إلى روسيا الأمر لا يتعلق بتوزيع الإمدادات الإنسانية، بل بفرض النفوذ، فسيطرة الأسد على جزء كبير من المساعدات ستعزز بشكل كبير موقفه تجاه خصومه.

ويرى متابعون أن ما تبقى من أمل لدى الدول الغربية أمام روسيا لفرض مساعيها في تمديد توصيل المساعدات عبر المعبر ضئيل، غير أن أحد الدبلوماسيين يرى بأن موسكو قد تقبل الإبقاء على معبر باب الهوى مفتوحا أمام المساعدات لستة أشهر، حيث إن رفضها سيضر كثيرا بسمعتها.

وتوضح الأرقام وحدها مدى أهمية باب الهوى للبقاء على قيد الحياة في شمال غرب سوريا. فوفقا لتقديرات الأمم المتحدة، يعيش حوالي أربعة ملايين سوري في المنطقة، معظمهم من النازحين الذين يعيشون في مخيمات ومنازل نصف مكتملة وملاجئ فقيرة مماثلة. وكلهم تقريبا يعتمدون على المساعدات الإنسانية، وبالتأكيد مساعدات الأمم المتحدة. وهناك 3.1 مليون شخص يتلقون الغذاء من برنامج الأغذية العالمي.

وبوجه عام يعتبر الوضع الإنساني في سوريا كارثيا بعد أكثر من عشر سنوات من الصراع المستمر، والذي تفاقم بسبب أزمة اقتصادية حادة، بما في ذلك انهيار العملة. ويشكو برنامج الأغذية العالمي منذ شهور من أن أكثر من اثني عشر مليون سوري، أي حوالي 60 في المئة من السكان، ليس لديهم ما يكفي من الطعام. وعندما يكون هناك طعام، فإنه غالبا ما يكون باهظ التكلفة بالنسبة للكثيرين.

ويتوقع كونستانتين فيتشل منسق الشؤون السورية في منظمة “إغاثة جوعى العالم” الألمانية، الأسوأ في حال تم وقف العمل بالآلية الأممية، حيث يقول “ستكون هذه كارثة أخرى ضمن الكارثة”.

2