أبل تختار السعودية مركزا لريادة الأعمال في الشرق الأوسط

الشركة تدشن أول أكاديمية بالمنطقة لتطوير المهارات التكنولوجية.
الجمعة 2021/07/09
في قلب خطط الإصلاح

اكتسبت الخطط الاستراتيجية للسعودية من أجل تحويل العاصمة الرياض إلى مركز إقليمي للأعمال زخما كبيرا بانضمام شركة أبل، أحد عمالقة التكنولوجيا، إلى ورشة تطوير ريادة الأعمال في المملكة، في مسعى يؤكد اهتمام الحكومة لمنافسة مدن خليجية باتت تفرض نفسها على خارطة الشركات الناشئة.

الرياض - يعطي اختيار عملاق التكنولوجيا أبل السعودية كمركز له لريادة الأعمال في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمحة عن الجهود التي بذلها المسؤولون طيلة السنوات الأخيرة من أجل جذب عمالقة وادي السيليكون للاستثمار في البلد الخليجي.

وبذلك تكون السعودية قد وضعت قدما أخرى في سياسة الإصلاح الاقتصادي ومواصلة تجسيد خطط “رؤية 2030” واقعيا عبر التركيز على جذب أكبر الشركات العالمية للاستثمار في البلاد، استعدادا لتحويل العاصمة الرياض إلى مركز إقليمي للأعمال.

ورغم أن الخطوة تأتي من أجل توفير الوظائف للسعوديين، وتحقيق عوائد أكبر لخزينة البلد الخليجي في إطار سياسة تنويع الاقتصاد في ظل عصر النفط الرخيص، إلا أنها تعكس اهتمام الحكومة بأن تكون على خارطة العالم من حيث التجارة والاستثمار أسوة بمدن خليجية أخرى.

وقررت الشركة الأميركية إقامة “أكاديمية مطوري أبل” في العاصمة الرياض لتُصبح السعودية الأولى في المنطقة العربية في تأسيس الأكاديمية التي ستُخصص في مرحلتها الأولى للمبرمجات والمطورات، دعما لجهود تمكين المرأة والإصلاحات الاجتماعية المتتالية.

إيناس العيسى: استضافة أبل تؤكد تفوق السعودية وقوة حضورها في المنطقة

وتتوزع فروع أبل الأكاديمية في كل من الولايات المتحدة والبرازيل وإيطاليا وكوريا الجنوبية وإندونيسيا، حيث أسهمت في مجملها بإنشاء أكثر من 160 شركة ناشئة وأكثر من 1500 تطبيق بواسطة خريجيها عبر فروعها حول العالم.

ويندرج هذا الاتجاه ضمن مساعي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان المستمرة لإيجاد مكانة للسعودية في قطاع التكنولوجيا في إطار برنامج التحول الوطني لتنويع مصادر الدخل بعيدا عن عوائد النفط.

وتأتي شراكة أبل الاستثنائية مع الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز ممثلة بأكاديمية طويق، بالشراكة مع جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن.

ونسبت وكالة الأنباء السعودية الرسمية إلى إيناس بنت سليمان العيسى رئيسة جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن قولها إن “استضافة الجامعة لأكاديمية أبل تؤكد تفوق وقوة حضور المملكة في المنطقة”.

وأضافت خلال حدث أقيم مساء الأربعاء الماضي في الرياض “نعلن إطلاق أول أكاديمية لمطوري أبل في جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن التي تُعتبر أكبر جامعة نسائية في العالم التعاون مع شريكنا الاستراتيجي الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز ممثلة بأكاديمية طويق”.

وستعمل الأكاديمية على توفير الأدوات والتدريب لرواد الأعمال لتأسيس شركات ناشئة وتوفير وظائف في مجال تطبيقات (آي.أو.أس) عبر عدة مسارات تركز عليها وهي البرمجة وتطبيقات الأعمال والتسويق والتصميم والمهارات المهنية.

ومن شأن جذب أبل أن يعزز خطط الإصلاح التي وضعها الأمير محمد بن سلمان ويرفع مكانة الشركتين في سوق حديثة وميسورة نسبيا تتباهى بالفعل ببعض أعلى معدلات استخدام الإنترنت والهواتف الذكية في العالم.

وتشير التقديرات الرسمية السعودية إلى أن قرابة 70 في المئة من سكان البلد الخليجي تحت سن الثلاثين يقبلون على استخدام مواقع التواصل الاجتماعي بكثافة ولاسيما عبر الهواتف الذكية.

وخففت الرياض القيود التنظيمية خلال السنوات الأربع الماضية بما في ذلك القيود على الملكية الأجنبية التي كانت سببا في عزوف المستثمرين لفترة طويلة منذ انهيار أسعار الخام في منتصف 2014 الذي سلط الضوء على الحاجة لتنويع الاقتصاد السعودي القائم على النفط.

وفي حين تدعو خطط الإصلاح لجذب استثمارات أجنبية على نطاق واسع في مختلف القطاعات، سعى المسؤولون لاستمالة أقطاب وادي السيليكون لاسيما في العامين الماضيين لدعم طموحاتهم في مجال التكنولوجيا الفائقة.

ويقول محللون إن الأمير محمد معروف بحماسه الشديد للتكنولوجيا، فأثناء زيارة رسمية للولايات المتحدة في 2016 التقى مع الرؤساء التنفيذيين لشركات فيسبوك ومايكروسوفت، كما التقى بالرئيس التنفيذي لشركة أوبر، التي اشترى فيها صندوق الثروة السيادية السعودي الذي يرأسه ولي العهد حصة قيمتها 3.5 مليار دولار.

فيصل الخميسي: الخطوة تدعم جهود تمكين المرأة وزيادة معدل توظيف النساء

ومنذ ذلك الحين أسس أيضا صندوقا لاستثمارات التكنولوجيا بقيمة 45 مليار دولار مع سوفتبنك الياباني وأعلن عن خطط لإنشاء مدينة مستقبلية للتكنولوجيا الفائقة بقيمة نصف تريليون دولار.

واعتبر رئيس مجلس إدارة الاتحاد السعودي للأمن السيبراني والبرمجة والدرونز فيصل الخميسي أن اختيار أبل العاصمة الرياض لتكون مقرا لأكاديميتها يُعد ثمرة من ثمار الدعم الكبير وغير المحدود الذي يجده القطاع التقني من الأمير محمد بن سلمان.

وأضاف “هذا السعي نحو تحقيق مستهدفات رؤية 2030 يدعم جهود تمكين المرأة وزيادة معدلات توظيف النساء ويسهم في تحقيق الأهداف الاجتماعية والاقتصادية لرؤيتنا الطموحة التي نسير في طريق إنجاز مستهدفاتها”.

وأكد الخميسي الذي يرأس أيضا مجلس إدارة أكاديمية طويق أن كل ذلك سيجعل من الشراكة مع أبل أحد الجوانب المهمة في دعم هذه التوجهات خلال السنوات العشر المقبلة.

وجذبت سياسات الانفتاح، التي يتبناها ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان خلال السنوات القليلة الماضية، الكثير من الشركات ورواد الأعمال للعمل في أكبر اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

وفي خطوة تعكس هذا التمشي، أبرمت 24 شركة عالمية عملاقة تعمل في مجالات مختلفة، في مقدمتها بيبسيكو وشلمبرجيه وديلويت وبي.دبليو.سي وتيم هورتينز وبيكتيل وبوش اتفاقيات في فبراير الماضي مع الهيئة الملكية لمدينة الرياض تهدف إلى إنشاء مكاتب إقليمية رئيسية لها في العاصمة السعودية.

ويقول خبراء إن معركة التكنولوجيا في السعودية ستشهد احتداما خلال الفترة المقبلة مع اعتزام أبل إحدى أكبر الشركات في العالم الاستثمار بالبلاد وانتزاع حصة في سوق ناشئة يتوقع أن تنمو بشكل متسارع مع تنفيذ مراحل الإصلاح الاقتصادي.

11