سياسات الهجرة المغربية تحرز تقدّما في أفريقيا

الرباط - سجل مكتب لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية بشمال أفريقيا، في بيان توصلت به "العرب"، "إحراز تقدم إيجابي في سياسات الهجرة بالمغرب، ونحو تكريس المزيد من حقوق العمال الأجانب"، وأن المغرب، الذي يستضيف المرصد الأفريقي للهجرة التابع للاتحاد الأفريقي، يعتبر من البلدان الرائدة في مجال مكافحة الهجرة.
وتم تسجيل تراجع تدفقات الهجرة غير النظامية بنسبة 17 في المئة، مقارنة مع عام 2018، وتم تأكيد المنحى التنازلي في العام 2020 بعد تسجيل انخفاض بنسبة 44 في المئة في عدد محاولات الهجرة غير الشرعية اعتبارا من 31 أغسطس الماضي.
ويأتي تقييم الأمم المتحدة لسياسات الهجرة المغربية أعقاب انطلاق سلسلة من الورشات في الأول من يوليو الجاري والتي تندرج ضمن برنامج “إحصاءات الهجرة والاعتراف بالكفاءات بأفريقيا”.
واستضافة المغرب لورشة حول قضية الهجرة، تدخل في إطار مساهمته في النقاش الدولي بشأن هذه المعضلة حيث قدم المغرب مقترحات ملموسة وشاملة في محتواها وعملية في إجراءاتها، وقد اعتمدت المملكة منذ العام 2016 قانونا بشأن الاتجار بالبشر بهدف ملاءمة التشريعات الوطنية مع التشريعات الدولية، ولاسيما البروتوكول المتعلق بالاتجار بالأشخاص التابع لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة العابرة للحدود.
وأوضحت اللجنة الأممية، أن الورشة “شكلت منصة لتقاسم التجارب بين المغرب وجنوب أفريقيا والكوت ديفوار ومالي والسنغال والمغرب وزيمبابوي، خاصة في تدبير سياسات الهجرة، وتقاسم الممارسات الجيدة بين البلدان المعنية بالبرنامج، وتمكين مختلف القطاعات الوزارية بمجموعة عمل المغرب من تقديم تجاربها في مجال الإستراتيجية الوطنية للهجرة”.
وأكد مدير مركز الرباط للدراسات السياسية والإستراتيجية خالد الشرقاوي السموني، أن “المغرب انخرط في العمل من أجل تقديم أجوبة لإشكالية الهجرة، وذلك في إطار مسار استراتيجي حقيقي وضعه المغرب في إطار توجّهه إلى تفعيل التعاون جنوب/ جنوب”.
وتابع السموني لـ”العرب”، أن “الإستراتيجية الوطنية الجديدة للهجرة التي اعتمدها المغرب منذ سنة 2014، تأخذ بعين الاعتبار البعدين الحقوقي والإنساني والتي كانت رائدة على المستوى الإقليمي والدولي”.
وكان المغرب قد أطلق منذ عام 2014، عملية واسعة لتسوية الوضعية القانونية للآلاف من المهاجرين غير النظاميين المقيمين في المملكة، مكّنت من تسوية وضعية 25 ألف مهاجر، وأقيمت المرحلة الثانية من العملية في العام 2016، وذلك في إطار السياسة الجديدة للمملكة في هذا المجال.
وأوضح صبري الحو وهو خبير في القانون الدولي للهجرة ونزاع الصحراء لـ”العرب”، “أن المغرب عمل على توحيد السياسة الأفريقية في مجال الهجرة وجعلها عنصرا لخدمة القارة، حيث يمكن قياس هذه السياسة على خطوة أخرى متعلقة بالتنمية البشرية”.

وبادر العاهل المغربي الملك محمد السادس إلى وضع “الأجندة الأفريقية للهجرة”، بما في ذلك إحداث المرصد الأفريقي للهجرة، الذي تم اعتماد نظامه الأساسي خلال القمة الـ33 للاتحاد الأفريقي التي عقدت في فبراير 2020.
وتتوافق هذه الرؤية القارية مع الالتزام الدولي للمغرب الذي استضاف، في ديسمبر من العام 2018، المؤتمر الدولي للهجرة المنظم تحت رعاية الأمم المتحدة، والذي صادق على الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والشرعية، في إطار البحث المستمر عن حلول مبتكرة بين إدارة الحدود وحماية حقوق الإنسان للمهاجرين، وبين الهجرة والتنمية.
وذكر السفير الممثل الدائم للمغرب في فيينا عزالدين فرحان، أن النموذج المغربي المتعلق بسياسة الهجرة، الذي يقوم على ثلاث ركائز: التضامن، المسؤولية والتعاون الدولي، حيث يشكل المغرب نموذجا إقليميا لتدبير إشكالية الهجرة بمسؤولية وتضامن، من خلال وضع برامج اجتماعية تمكن هؤلاء المهاجرين من الاندماج اجتماعيا، وكذا الاستفادة من التعليم والصحة والسكن ثم التكوين المهني.
من جهتها أكدت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة بالمغرب سيلفيا لوبيز إيكرا، أن التدبير الجيد للهجرة يجعل منها عاملا للازدهار والابتكار، ولأجل ذلك، يتعين توفير مناخ ملائم لتمكين الأشخاص في وضعية هجرة من إفادة بلدانهم الأصلية وبلدان الاستقبال على السواء، داعية البلدان الأفريقية إلى الانضمام إلى البلدان الرائدة في تنفيذ الميثاق العالمي للهجرة.
وكان المغرب قد قدم مشروع المنصة الوطنية لجمع إحصائيات الهجرة، وكذلك الخلاصات الأولية للتقرير التحليلي والتوليفي المتعلق بالدراسة التي أجريت في المغرب حول الاعتراف بتخصصات المهاجرين في أفريقيا، والذي أبان عن إحراز تقدم إيجابي في سياسات الهجرة بالمغرب نحو تكريس المزيد من حقوق العمال الأجانب، كما أبان عن ضرورة تحديد، بشكل واضح، الاعتراف بالكفاءات، لاسيما على المستوى القانوني، ووضع مساطر موحدة لكافة المهاجرين من أجل العمل.
ويعد مرصد الهجرة الأفريقي، أول هيئة في الاتحاد الأفريقي تُعنى بالهجرة، يهدف إلى تطوير مسلسل لجمع وتحليل وتبادل المعلومات بين البلدان الأفريقية في هذا المجال، كما سيكون له دور تصحيح الصور النمطية الخاطئة عن الهجرة لفائدة تنمية البلدان الأصلية وبلدان الاستقبال.