أوروبيون يتسابقون على ارتياد الفضاء

باريس - لم يكن عدد الأوروبيين الطامحين إلى أن يصبحوا رواد فضاء كبيراً مثلما هو اليوم، وخصوصاً في فرنسا، تأثراً ربما برائد الفضاء توما بيسكيه، وهو ما يعكس رغبة متصاعدة في السفر إلى القمر لدى الجيل الحالي، يُميّزها إقبال متزايد من الإناث.
ويبدو أن المسابقة التي تنظمها وكالة الفضاء الأوروبية ستشهد منافسة شرسة، إذ ستفضي في نهاية 2022 إلى اختيار ما بين أربعة وستة فحسب من بين 22589 مرشحا للسفر إلى النجوم.
وقالت كلودي إينيوريه، أول أوروبية فرنسية قامت برحلة إلى الفضاء، أثناء مؤتمر صحافي “خلال آخر حملة أجرتها ‘الناسا’ لاختيار رواد فضاء تقدّم 18 ألف مرشح”.
وتابعت رائدة الفضاء ووزيرة البحث السابقة “كانت زيادة عدد المرشحات مفاجأة سارة. عند اختيار مجموعتي عام 1985 كنا 10 في المئة، انتقلنا إلى 15 في المئة عام 2008، ونحن اليوم 24 في المئة… إنه تقدم مساو تقريبا لنسبة النساء في اختصاصات الهندسة في أوروبا”.
ووصف المدير العام لوكالة الفضاء الأوروبية يوزيف اشباخه هذا الأمر بأنه “استثنائي وتاريخيّ بالتأكيد”، ورأى في تدفق الطلبات “رمزا” إلى الإقبال الأوروبي على استكشاف الفضاء، وهو ما يجسّده رواد الفضاء على متن محطة الفضاء الدولية.
لكن طموح الوافدين الجدد لا يتوقف عند هذه المهمة في مدار منخفض على ارتفاع 400 كلم، بل هم يفكرون في الرحلات المستقبلية إلى القمر والتي ستشارك فيها وكالة الفضاء الأوروبية خلال السنوات العشر المقبلة، وبعدها رحلة إلى كوكب المريخ.

تزايد أعداد المترشحين يُظهِر إلى أي حد يؤثر وجود الفرنسي توما بيسكيه في محطة الفضاء الدولية على الجمهور
ولاحظت كلودي إينيوريه أن تزايد أعداد المتقدمين “يُظهِر إلى أي حد يؤثر وجود توما بيسكيه في محطة الفضاء الدولية” على الجمهور.
ولئن كان تأثير “رائد الفضاء الوطني” جليا في فرنسا فإن الشغف بهذه المهنة يظهر أيضا في زيادة الترشيحات في دول أخرى لديها “أبطالها” في الفضاء، بحسب ما أوضح جول غراندساير مسؤول الإعلام في وكالة الفضاء الأوروبية، مشيرا إلى سامانتا كريستوفوريتي في إيطاليا وتيموثي بيك في المملكة المتحدة وغيرهما.
وهو يرى أن هذا النجاح يكلل “جهود الوكالة لتقاسم مهمات” رواد الفضاء على شبكات التواصل الاجتماعي و”إلهام” الجمهور.
أما بالنسبة إلى الجيل الجديد من رواد الفضاء فإن الوكالة تبحث -بحسب أحد المسؤولين- عن مرشحين ذوي مواصفات “متنوعة إلى أقصى حد ممكن، بينهم أشخاص لا ينطبق عليهم النموذج الكلاسيكي لأفلام مثل ‘الرجال الحقيقيون'” الذي يتناول مغامرة غزو الفضاء، مضيفا “لا نعتمد نظام النسب”.
وفي ختام عملية الاختيار التي تتضمن ست مراحل تستبقي وكالة الفضاء الأوروبية أيضا حوالي عشرين رائد فضاء احتياطيا، إضافة إلى رائد فضاء يعاني من إعاقة جسدية لمشروع مستقبلي، في سابقة عالمية.
ويتعين الآن على فريق الاختيار العمل على فرز الترشيحات الخاضعة لشروط، هي أن يكون عمر المرشح أقل من خمسين عاما، وأن يحمل شهادة ماجستير علمية أو شهادة في الهندسة، وأن تكون له خبرة مهنية لثلاث سنوات.
ويتم في مرحلة أولى استبقاء حوالي 1500 مرشح ، على أن يخضعوا في المرحلة الثانية الخريف المقبل في هامبورغ لاختبارات “نفسية تقنية” لتقييم ذاكرتهم ومدى استجابتهم وقدراتهم الحسابية.