أمازيغ يقيمون وليمة موسيقية في قراهم بالجزائر

الموسيقى لغة التواصل بين الشعب الواحد وبين الشعوب التي لا تشترك في اللغة، هي أيضا أنغام الهوية والتراث، فالأمازيغ مازالوا يحتفظون بتراثهم الفني ويتناقلونه بين الأجيال كما فعل الشباب في الجزائر حين نظموا حفلات موسيقية في القرى الأمازيغية في تيزي وزو.
تيزي وزو (الجزائر) - ملأ فنانون شباب شوارع قرية أيت بوعدو في منطقة القبائل بالجزائر احتفالا بالتراث الثقافي الأمازيغي بمناسبة اليوم العالمي للموسيقى.
وتعد هذه المناسبة فرصة للموسيقيين الشبان من أبناء المنطقة الذين يسعون لاستعراض مواهبهم فيعزفون ويغنون في أحياء مختلفة بقرى ومدن المنطقة على أمل أن يعرفهم الناس، وفي ذات الوقت فرصة لأهل تلك القرى والمدن في منطقة القبائل للاستمتاع بالموسيقى لأنه نادرا ما تُتاح لهم فرصة حضور حفلات موسيقية ومجانية أيضا.
وتعود فكرة “يوم الموسيقى العالمي” إلى فرنسا، إذ أطلقته لأول مرة وزارة الثقافة الفرنسية في 21 يونيو عام 1982.
وفي هذا اليوم من كل عام، تقوم أكثر من 123 دولة حول العالم بالاحتفال بالموسيقى.
ويهدف المهرجان إلى تعزيز الموسيقى تحت شعار “اصنعوا الموسيقى”، فهو يشجع الموسيقيين الهواة على التطوع بالعزف في الشوارع والأماكن العامة، ويتم التشديد فيه على مبدأ “المجانية”، إذ يقوم فنانون بالعزف وتنظيم الحفلات دون مقابل.
وقالت القروية آسيا “آمل أن يعجبك الحفل وأن يعجب الجميع، جرى تنظيمه لجمع الناس معا وتعريف الأطفال بهذه التقاليد. آمل أن يسعد هذا المهرجان الأجانب الذين قدموا ونأمل أيضا أن تعجبك القرية وسكانها. شكرا لك”.
وقالت قروية أخرى هي جميلة صمايدة “هذا المهرجان هو وليمة أمازيغية، قمنا بتنظيمه اليوم للجميع في القرية. كان هناك الجميع كبيرهم وصغيرهم. كلهم سعداء. نأمل أن يستمر هذا التقليد”.
وتعتبر الموسيقى الأمازيغية مستوحاة من جمال الريف في دول الاتحاد المغاربي لاسيما جبال الأطلس بالمغرب ومنطقة القبائل بالجزائر، وتختلف بحسب المناطق الأمازيغية ولهجاتها.
وقال كريم بوعزة، وهو عضو فرقة موسيقية تحيي حفلا بالقرية، “نأتي إلى الحفلات بكل سرور لنعبر عن أنفسنا ونغني، ليست لدينا فرصة للتألق في أماكن أخرى. نأتي إلى القرى بكل سرور واحترام، ونأمل أن تستمر هذه القرية في هذه الاحتفالات وأن تنجح”.
وقال رئيس مجلس القرية مولود مزاش “يصعب الوصول إلى الموسيقى اليوم، فهي غير متاحة بسهولة بالنسبة إلى الجمهور”.

المهرجان يشجع الموسيقيين الهواة على التطوع بالعزف في الشوارع والأماكن العامة، ويتم التشديد فيه على مبدأ “المجانية”
وأضاف “بالنسبة إلينا فإن يوم الموسيقى هو لقاء الشباب والأقل شبابا، من الفنانين المعروفين وغير المعروفين للتعبير عن أنفسهم في الشارع ومن خلال الناس وعبر القرية”.
وقالت رشيدة، وهي رئيسة جمعية نسوية في المنطقة، “ننظم هذا المهرجان الموسيقي لاكتشاف المغنين الشباب ومنحهم الفرصة للتعريف بأنفسهم. لا تُتاح لهم جميعا فرصة الصعود على خشبة المسرح مع الموسيقيين. اعتمدنا بشكل أساسي على المطربين الشباب غير المعروفين”.
ويعد هذا المهرجان أيضا وسيلة لتعريف الأجيال الشابة بتراثها الموسيقي وتقاليدها، حيث ترتدي النساء فساتين تقليدية وتغني وترقص جميع شرائح المجتمع في هذه المناسبة.
وهذه أول دورة لهذا المهرجان الذي ينظمه سكان محليون يأملون في تحويله يوما ما إلى مهرجان موسيقي دولي.
ولعبت الأغنية القبائلية الجزائرية دورا هاما في تقوية الوعي بالانتماء إلى الهوية الأمازيغية بمنطقة القبائل الكبرى.
وكانت لهذه الأغنية قاعدة شعبية على يد مغنين أمازيغيين أمثال سليمان عزام، وإيدير، وآيت منقلات وفرحات مهني وغيرهم من الذين بدأت معهم حركة الاحتجاج المعلن والشديد للأغنية القبائلية الجديدة.
والأغنية القبائلية بدأت تعرف النور في الفترة بين 1945 و1950 عندما قام جيل من الشباب القبائلي المناضل بتأليف أغان ملتزمة باللغة الأمازيغية.
وابتداء من 1974 أعطت الأغنية القبائلية الحديثة الهوية الأمازيغية كقاعدة جماهيرية، كما عززت من مصداقية الثقافة الأمازيغية على المستوى الوطني والدولي والموسيقى في منطقة القبائل، لتحمل الكثير من الإثارة حتى لو كانت في المناسبات العادية وهي تتميز بطابع شعبي محض.
ويذكر أن بعض الأغاني ترافقها فنون الرقص التي تتداخل فيها الحركات الأنيقة مع الحفاظ على القيم الاجتماعية وقواعد الالتزام بالآداب.