إعادة استخدام المكونات تضبط بوصلة مصنعي المركبات الخضراء

فرضت الاتجاهات المتعلقة بالحفاظ على البيئة على الكثير من شركات السيارات تطبيع خططها ضمن هذا المسار في محاولة للتغلب على الانبعاثات الضارة وتأتي فولفو في الصفوف الأمامية لهذا السباق، حيث لم تكتف باللحاق بركب تصنيع الطرز الكهربائية، بل ضبطت بوصلة الصناعة عبر تبنيها لخطط إعادة تدوير المكونات ولاسيما البطاريات.
غوتنبرغ (السويد) - يقود بعض المصنعين الاتجاه الجديد في عالم السيارات نحو الوعي البيئي وذلك باللجوء إلى استخدام المواد الخام المتجددة والطبيعية والمعاد تدويرها.
ورغم ما يواجهه هذا الاتجاه المتزايد نحو بيئة أنظف من تحديات، لكن شركات إنتاج السيارات تسعى إلى التغلب عليها من خلال تقنيات التصنيع الحديثة وإيجاد مواد تصمد أمام الاحتياج المستمر والدائم.
وتتبع شركة سيارات السويدية فولفو هذا المسار وهي تخطط لتخفيض انبعاثات الكربون السنوية بمقدار 2.5 مليون طن من خلال إعادة استخدام وإعادة تصنيع المكونات على نطاق واسع.
ويؤكد جيسي كروس الخبير الذي يكتب لمجلة “أوتو كار” المتخصصة في عالم السيارات أن العملية التي تسمى “مبدأ الأعمال الدائري”، ستشمل إعادة تدوير المواد الرئيسية مثل الفولاذ والألمنيوم، وإعادة تصنيع المكونات المعقدة مثل علب التروس، وتجديد الأجزاء الفردية.
وما يؤكد عزم الشركة على المضي قدما في هذا الدرب أنها أعادت تصنيع حوالي 40 ألف قطعة العام الماضي، مما وفر ثلاثة آلاف طن من ثاني أكسيد الكربون.
ولم تكتف بذلك بل أعادت تدوير 95 في المئة من نفايات إنتاجها بما في ذلك 176 ألف طن من الفولاذ لتوفير قرابة 640 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون.
وتتعاون فولفو أيضا مع شركة باتري لوب المتخصصة في إعادة استخدام البطاريات لتحقق إمكانية إعطاء عمر ثان للبطاريات ذات الجهد الكهربائي العالي والبطاريات الهجينة، وكل ذلك بهدف أن تصبح “شركة دائرية بالكامل” باستخدام أجزاء معاد تدويرها بالكامل بحلول عام 2040.
وتشمل المكونات الميكانيكية المدرجة في برنامج إعادة التكييف للشركة ملاقط المكابح والمحاور الخلفية الكهربائية والضواغط والمولدات وأجزاء التعليق والهيكل ومحركات الجر، فضلا عن كتل المحرك ورؤوس الأسطوانات.
ونسب موقع “أوتو كار” إلى أندرس كاربرج رئيس الاستراتيجية والاستدامة في شركة سيارات فولفو قوله إن “هناك فوائد استدامة كبيرة للقيام بذلك. إذا قارنت جزءا جديدا بجزء مُعاد تصنيعه، فإنك توفر حوالي 85 في المئة من ثاني أكسيد الكربون. هناك فوائد كبيرة من حيث تقليل استهلاك المادة الخام أيضا”.
وأوضح كاربرج أن عدة أجزاء يمكن إعادة تصنيعها ثلاث أو أربع مرات، مما يطيل عمرها إلى 20 عاما قبل أن يتم استبدالها أثناء تطور التصميم.
وأضاف “نحن على المسار الصحيح لمضاعفة استهلاك المعادن في السنوات الأربعين المقبلة، وننتج المزيد والمزيد من النفايات. هذا ببساطة غير مستدام. لا يقتصر الأمر على أننا ننتج النفايات فحسب، بل إننا ننتج أيضا الكثير من ثاني أكسيد الكربون”.
كما أكد أنه من أجل الوصول إلى اتفاقية باريس وتقليل ثاني أكسيد الكربون “يتعين علينا القيام بالمزيد من عمليات إعادة التدوير وإعادة التصنيع. هذا هو سبب قيام شركات مثل فولفو بتغيير جذري”.
وأضاف “سيكون الاقتصاد الدائري مهما، لكننا نرى بالفعل فرصة عمل في هذا الأمر ومزايا مالية في الاستخدام الأكثر كفاءة للمواد وإعادة التصنيع. إنه مفيد للبيئة، ولكنه مفيد أيضا للأعمال”.
ويعتبر منح البطاريات عالية الجهد عمرا ثانيا بمجرد أن تقل سعتها كثيرا مع مرور الوقت واستخدامها لها لتزويد الطاقة بشكل مرضي أمرا مهما في هذه الصناعة الآخذة في النمو.
ويُنظر إلى المركبات التي تعمل بالبطاريات على نطاق واسع بين جميع المصنعين على أنها طريقة سليمة لتقليل التأثير البيئي لإنتاج البطاريات.
ويعتقد أولريك بيرسون مدير تطوير بطارية الجر في فولفو أن القيام بذلك يمكن أن يطيل عمر بطارية السيارات الكهربائية لما يصل إلى عقدين أو أكثر، حيث تعمل البطاريات النقية بجهد كبير من خلال التدوير القوي الذي تخضع له.
وقال إن “الشحن السريع هو مثال على ركوب الدراجات بقوة، كما هو الحال في القيادة على الطريق السريع، حيث تقوم بتشغيل الطاقة عبر نظام البطارية بسرعة كبيرة أثناء الشحن والتفريغ”.
ويمكن أن تكون تطبيقات الحياة الثانية أقل عدوانية بكثير، مع مطالب ألطف بكثير يتم إجراؤها على البطاريات للتطبيقات الثابتة، مثل موازنة الشبكة تخزين فائض الكهرباء في البطاريات المتولدة خارج الذروة، لتتم تغذيتها في الشبكة خلال فترات الذروة في معدل صديق للبطارية.
ويعد استخدام بطاريات المركبات الصديقة للبيئة القديمة لموازنة الشبكة إضافة قيمة لتوليد الطاقة المستدامة من توربينات الرياح والألواح الشمسية، والتي قد تحصد كميات كبيرة من الطاقة عندما يكون الطلب منخفضا. وقال بيرسون “يجب تحديد أبعاد أنظمة البطارية لكل تطبيق”.
وستحدد سعة البطارية المستخدمة في تطبيق معين مدى عمق أو ضحلة ركوب الدراجات. الكثير من التبذير. القليل جدا سوف يؤدي إلى ركوب عميق. وطالما أن نظام البطارية لا يتم تفريغه بعمق، وبدلا من ذلك يتم استخدام جزء فقط من السعة المتاحة، ويعتقد بيرسون أن احتمال إطالة العمر أمر جيد.
وقال “عمر تصميم أنظمة البطاريات لدينا هو 15 عاما. أعتقد أنه يمكن إطالة عمر البطارية لمدة خمس سنوات إضافية أو ربما 10 سنوات إذا تم استخدام البطارية بالطريقة الصحيحة”.

وأضاف “سيخبرنا الوقت وستلعب عوامل أخرى دورا… تتحلل البطارية ليس فقط بسبب التدوير ولكن أيضا بسبب التقادم ودرجة الحرارة”. وبمجرد وصول البطاريات إلى نهاية عمرها الافتراضي، يكون الهدف هو استرداد أكبر عدد ممكن من المواد وإعادة تدويرها.
ويؤكد بيرسون أنه “لتحقيق الاقتصاد الدائري، يجب أن نتعامل مع جميع المواد الداخلية على أنها ثمينة، ونحن نشارك في بحث مكثف حول استخراج المواد المعدنية من البطاريات في جامعة تشالمرز في غوتنبرغ”.
وتتزايد قناعة المختصين بأن المركبات النظيفة لديها طابع استثنائي في كل شيء ولاسيما طريقة التعامل معها أثناء القيادة على الرغم من المشاكل التي قد تعترض السائق نتيجة التعقيدات التكنولوجية المكونة منها هذه الأنواع من السيارات.
ويُرجع المطورون ذلك لكون السيارات الكهربائية لا تحتوي ببساطة على المكونات الكلاسيكية من قبيل فلتر الهواء وفلتر الوقود وفلتر الزيت وشمعات الإشعال.
وينعم أصحاب السيارات الصديقة للبيئة بمعايشة أجواء مختلفة لمتعة القيادة سواء كانت سيارة صغيرة للسير داخل المدن أو سيارة كبيرة للأراضي الوعرة على غرار السيارات الرياضية.