تأسيس "تحالف حرية الصحافة" لسد غياب العمل النقابي في العراق

رحب صحافيون عراقيون بإعلان تأسيس “تحالف حرية الصحافة” الذي سيضم صحافيين يمثلون 18 محافظة عراقية والضغط على السلطة للقيام بواجباتها الدستورية لحماية حق حرية العمل الصحافي، لكن مهمته لن تكون سهلة بعدم وجود دعم من جهات حكومية تستطيع فرض القانون في بلد تهيمن عليه الميليشيات المسلحة.
بغداد - أعلنت جمعية الدفاع عن حرية الصحافة في العراق، عن إطلاق “تحالف حرية الصحافة” بمشاركة عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بحرية التعبير والصحافة، ومؤسسات ووسائل إعلام مستقلة، وجمع من الصحافيين، في خطوة هي الأولى من نوعها لكنها تحتاج دعم جهات نافذة لتثبت جدواها.
وقالت الجمعية في بيان الأحد، إن “إطلاق التحالف جاء في اجتماع رعته جمعية الدفاع عن حرية الصحافة، وبحضور ممثلين عن مركز إمارجي، مركز مترو، شبكة نيريج للصحافة الاستقصائية، صحيفة العالم الجديد، مؤسسة المربد، جريدة أوينة، صحيفة هاولاتي، شبكة نينوى، شبكة النساء الصحافيات، مركز القلم، شبكة صحافيو الجنوب، ومنظمة برج بابل والعديد من الصحافيين المؤثرين”.
وأبدى العديد من الصحافيين تفاؤلهم بالتحالف الصحافي الجديد الذي سيضم صحافيين يمثلون 18 محافظة عراقية يتفقون على خطاب جديد وخطوات مبتكرة، وقال الصحافي محمود النجار إن “تحالف حرية الصحافة” مشروع رائد ومهم يضم نخبة من الشخصيات والمؤسسات الصحافية الاحترافية في العراق.
وأضاف النجار في تغريدة على حسابه في تويتر أن “الحدث وضع استراتيجيات لبداية عمل مهني منظم، بهدف توحيد الجهود ومنع انتهاك حقوق الصحافيين وتسليم العلاقات المحلية والدولية لتطوير العمل الصحافي”.
وخلص الاجتماع إلى جملة توصيات تمثل خطط عمل مستقبلية، لفترات قصيرة ومتوسطة، أبرزها العمل على تسجيل التحالف وتحديد فترة زمنية أمدها شهرين أو ثلاثة للبدء بإجراءات التسجيل الرسمية، وتسمية الهيئة العامة التي تضم جميع الأعضاء الحاضرين في الاجتماع وغير الحاضرين، وتشكيل لجان وأهمها اللجنة القانونية، لجنة العلاقات الدولية، لجنة الرصد وتلقي الشكاوى، لجنة الموقع الإلكتروني والمنصات الأخرى.
ويهدف التحالف بحسب البيان، إلى تعزيز مناصرة حرية العمل الصحافي في العراق، وملء الفراغ الذي ولّده غياب العمل النقابي، وإنهاء حالة الإفلات من العقاب، والضغط على السلطة للقيام بواجباتها الدستورية لحماية حق حرية العمل الصحافي، والتفاوض مع المنظمات الدولية لمنع أي نوع من أنواع التخادم مع الجهات القامعة لحرية العمل الصحافي.
غير أن البيان أو الصحافيين المشاركين في الاجتماع لم يذكروا طرقا أو آليات لتفعيل ما سيصدر عن هذا التحالف، وهل يستطيع التحالف بالفعل ممارسة الضغط على السلطات لحماية القطاع كما جاء في البيان.

محمود النجار: الحدث وضع إستراتيجيات لبداية عمل مهني منظم
وتصدر المنظمات والهيئات المعنية بحرية التعبير والإعلام تقارير دورية تتحدث فيها عن أوضاع الحريات في العراق وترصد الانتهاكات والاعتداءات التي يتعرض لها الصحافيون ووسائل الإعلام بشكل منتظم.
وتشير هذه المنظمات إلى المنتهكين الذين غالبا ما يكونون عناصر تابعة للميليشيات المسلحة المتنفذة غير الخاضعة لسلطة القانون في العراق، أو أجهزة الأمن نفسها التابعة لحكومة عاجزة أصلا عن حماية الصحافة، ولا تستطيع تلبية النداءات المتكررة من قبل المنظمات المحلية أو الدولية لمحاسبة المعتدين على الصحافيين ووسائل الإعلام في العراق أو إقليم كردستان.
لذلك فإن التحالف الجديد سيكون بمثابة هيكل تضامني رمزي يجمع المعنيين بحرية الصحافة والمهنيين في القطاع، فيما بياناته ستكون رصدا توثيقيا يضاف إلى ما تصدره المنظمات والهياكل المماثلة.
ويرى متابعون أن انضمام صحافيين بارزين للتحالف سيكون فرصة لكشف الحقائق وزيادة التوعية وتسليط الضوء على المشاكل الجوهرية الاجتماعية والسياسية ومناقشة الآراء وإبداء الحلول، رغم أنه لن يكون بمنأى عن الضغوط والتهديدات.
وقال الإعلامي عزيز الربيعي في تغريدة على حسابه في تويتر إن “واحدة من أسباب تأسيس التحالف هو معالجة الأخطاء التي رافقت المشاريع التي قبله، والأجمل من ذلك أنه لن يستثني أي محافظة من رصد انتهاكات حرية الصحافة”.
وخلال الاجتماع تطرقت المنظمات المشاركة لأوضاع الصحافيين، وأكد رئيس جمعية الدفاع عن حرية الصحافة مصطفى ناصر، تسجيل انتهاكات جسيمة بحق المتظاهرين والنشطاء والصحافيين والإعلاميين.
وأعلن ناصر عن إصابة العديد من المتظاهرين والصحافيين والنشطاء بجروح وتصفيتهم جسديا، إضافة إلى إغلاق عدد من المؤسسات الإعلامية والصحافية وشن هجمات مسلحة طالت تلك المؤسسات دون محاسبة الجناة.
العديد من الصحافيين أبدوا تفاؤلهم بالتحالف الصحافي الجديد الذي سيضم صحافيين يمثلون 18 محافظة عراقية يتفقون على خطاب جديد وخطوات مبتكرة
ودعا إلى تقييم أداء هيئة الإعلام والاتصالات الاتحادية، واصفا إياها بأداة سياسية غير مستقلة منذ تشكيلها، موضحا أن التحالف الذي يسعون إلى تشكيله يؤمن بحرية الصحافة وبنظام ديمقراطي حقيقي.
وركز المشاركون على كثرة التضييق على الصحافة والإعلام وموقف الحكومة الخجول تجاه الاعتداءات والانتهاكات ضد الصحافيين والإعلاميين والنشطاء والمتظاهرين، مؤكدين استخدام هيئة الاتصالات والإعلام حزبيا دون أن تحمي حرية الصحافة، إضافة إلى قيامها بانتهاكات ضد وسائل الإعلام وإصدار قرارات منافية لحرية الصحافة والإعلام وتقويض حرية التعبير.
وقال منسق مركز ميترو للدفاع عن حقوق الصحافيين رحمن غريب إن “حكومة إقليم كردستان قامت باستخدام كافة الوسائل العنفية ضد حرية الصحافة واعتقالهم بشكل متكرر ودون إصدار أوامر قضائية والاعتداء على الصحافيين والصحافيات بالضرب وسجنهم وتهديدهم عن طريق الرسائل النصية واعتقالهم بسبب التعبير عن آرائهم في وسائل التواصل الاجتماعي. وانتقد غريب النقابات ومن ضمنها نقابة الصحافيين في كردستان بسبب عدم اتخاذها أي موقف واضح وجدي تجاه تلك الانتهاكات والاعتداءات إضافة إلى عدم وجود تضامن بين المؤسسات الإعلامية والصحافية في الإقليم.
وأكد غريب أن حكومة إقليم كردستان والسلطات الأمنية لا تعملان بقانون الصحافة والسلطات الأمنية تستخدم كافة وسائل العنف ضد المتظاهرين والصحافيين.
وبيّن أن أعضاء برلمان إقليم كردستان ورئاسة البرلمان يلتزمون الصمت إزاء هذه الانتهاكات والاعتداءات ولم يخاطب برلمان كردستان حكومة الإقليم ولو لمرة واحدة بشأن هذه الانتهاكات أو المطالبة بالتحقيق فيها، واصفا الصمت البرلماني بالخطير ويدل على خضوع السلطة التشريعية للحكومة.