شكوك في مساعي حماس لمبادلة البرغوثي بالأسرى الإسرائيليين

الحركة الإسلامية تفضل التعاطي مع محمود عباس على مواجهة خصم عنيد.
السبت 2021/06/05
البرغوثي... ورقة لجس النبض

قوبل قرار حركة حماس إدراج الأسير الفلسطيني في السجون الإسرائيلية مروان البرغوثي ضمن قائمتها لصفقة تبادل أسرى مرتقبة مع تل أبيب بشكوك حول جدية مساعيها لإطلاق سراح خصم سياسي لا يخدم مصالحها الانتخابية.

القدس - تتشكك أوساط سياسية فلسطينية في جدية حركة حماس مبادلة مروان البرغوثي بأسرى إسرائيليين لديها ضمن صفقة تبادل تأمل في عقدها مع تل أبيب، إذ أنها تفضل التعاطي مع رئيس حركة فتح محمود عباس في الاستحقاقات الانتخابية بدل مواجهة خصم عنيد.

وكانت مصادر في الحركة تحدثت عن أن البرغوثي على رأس قائمة حماس التي ستتفاوض عليها بشكل غير مباشر مع إسرائيل، في خطوة يشكك مراقبون في صدقيتها ويصنفونها ضمن مناورات انتخابية داخلية وتوجه لتحسين صورة الحركة الإسلامية في الخارج.

عماد عمر: حماس تسعى لتبييض وجهها من خلال البرغوثي
عماد عمر: حماس تسعى لتبييض وجهها من خلال البرغوثي

ومن شأن تحالف البرغوثي مع القيادي السابق في حركة فتح ناصر القدوة، الذي عزله عباس من عضوية الحركة ولجنتها المركزية، ضمن قائمة مشتركة أن يؤثر على مجرى الانتخابات التشريعية، وأن تحالف القياديين يخدم حماس التي تتطلع لاستثمار تشظي وتشتت غريمتها فتح، لتعزيز حظوظها في الاستحقاقات.

وتحتفظ حماس بأربعة إسرائيليين، اثنان منهم جنديان، أُسرا خلال الحرب الإسرائيلية على غزة صيف عام 2014 (دون الإفصاح عن مصيرهما أو وضعهما الصحي)، في حين دخل الاثنان الآخران غزة في ظروف غير واضحة خلال السنوات الماضية. وتطالب حماس بالإفراج عن أسرى فلسطينيين مقابل الإسرائيليين الأربعة.

وفي وقت سابق، أعلنت منظمة التحرير الفلسطينية أن حماس طلبت قوائم بأسماء المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، مشيرة إلى أن الحركة لم تتشاور مع الهيئة المعنية بالمعتقلين بشأن الصفقة التي تحاول الحركة الإسلامية المدعومة من إيران تمريرها والمتعلقة بتبادل أسرى من الطرفين.

وتعزز هذه الإشارات الشكوك حول تنازلات غير مسبوقة قدمتها حماس لإسرائيل من أجل المضي قدما في مسار تبادل المعتقلين.

وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبوبكر إن هناك “حاليا في السجون الإسرائيلية 5000 أسير فلسطيني موزعين على 23 سجنا منها 22 داخل الخط الأخضر (إسرائيل) وسجن عوفر داخل أراضي 67 (الضفة الغربية)”. وأوضح أبوبكر أنه لم يتم التشاور مع الهيئة في ما يجري الحديث حوله من صفقة لتبادل المعتقلين بين حركة حماس وإسرائيل.

ودعت إسرائيل في السابع من أبريل إلى الاستئناف الفوري للمحادثات غير المباشرة بشأن إعادة اثنين من المدنيين الإسرائيليين ورفات جنديين من غزة. وجاء النداء في بيان أصدره مكتب رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بعد أن قالت حماس إنها قد تكون مستعدة للمضي قدما في هذه المسألة، في خطوة يرى مراقبون أنها تنم عن الموقع الضعيف الذي باتت تفاوض منه حماس.

وذكرت مصادر سياسية أن حماس المدعومة من إيران نظرت بجدية إلى العرض الإسرائيلي مع اشتداد الخناق عليها وتضاؤل هامش مناورات الوسطاء في تحريك ملف الأسرى.

وكان يحيى السنوار رئيس الحركة قد أعلن في أبريل الماضي عن استعداد حركته لتقديم “مقابل جزئي” لإسرائيل، لتفرج عن معتقلين فلسطينيين في مبادرة قدمتها الحركة على أنها “تحمل أبعادا إنسانية”.

وبينما يقول مراقبون إن بقاء البرغوثي في السجن يمثل ميزة لحماس لأنها ترى في محمود عباس شخصا ضعيفا لن يستطيع وهو على رأس حركة فتح منافستها، ومن مصلحتها أن يستمر الوضع الراهن لتتمكن من تجاوز الانتخابات بنصر كاسح، يرى آخرون أن حماس تسعى للاستفادة من خروج البرغوثي ضمن صفقتها لتؤكد أنها طرف فاعل في المعادلة الفلسطينية، وذلك لن يخصم من رصيدها لأنها لا تشغلها المنافسة على منصب الرئيس، ويبقى هدفها الأساسي الهيمنة على المجلس التشريعي باعتباره القابض الأساسي على زمام السلطة التنفيذية.

رمز المقاومة
البرغوثي يتميز بشعبية كبيرة

وقال الخبير في الشؤون الفلسطينية، طارق فهمي، إن الحركة تبعث برسائل إلى المجتمع الدولي بأنها ليست فصائلية، وتعمل على إعادة تقديم نفسها للرأي العام الفلسطيني لتحقيق أهدافها الشعبية في أي انتخابات مقبلة، حال إجرائها، ومحاولة دعم ثقلها السياسي إذا توافقت الأطراف المختلفة على تشكيل حكومة وحدة وطنية.

وأضاف فهمي في تصريح لـ”العرب” أن خروج البرغوثي يعني أنه سيكون منافسًا قويًا للرئيس محمود عباس، خاصة إذا تحالف مع القدوة، والوضع ذاته حال تحالفه مع رئيس تيار الإصلاح الديمقراطي محمد دحلان وسيكون لذلك تأثيراته الكبيرة داخل حركة فتح، والتي ستواجه تعقيدات قد تخدم حماس بصورة غير مباشرة.

وأشار الخبير في الشؤون الفلسطينية أن حماس تسعى إلى تجاوز الأخطاء التي وقعت فيها عند إتمام صفقة الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد أن اقتصرت القائمة على عناصرها فقط قبل أن تقوم إسرائيل باعتقال عدد كبير منهم مجددًا، وتسعى لأن تكون الصفقة المرتقبة ذات مصداقية على المستوى الداخلي والخارجي.

وقد تساعد شعبية البرغوثي حماس في توسيع قاعدتها الشعبية في الضفة الغربية بعد أن تمكنت من فرض سيطرتها على قطاع غزة، إضافة إلى أن الرجل نفسه ليس لديه خلافات واسعة مع حركة حماس على المستوى السياسي أو العسكري.

ولفت المحلل السياسي الفلسطيني، عماد عمر، إلى أن إضافة البرغوثي للقائمة جاء بإجماع حركة الأسرى داخل السجون الإسرائيلية، ما يفرض على حماس القبول به، لاسيما أنه يمثل حالة وطنية فلسطينية بعيدًا عن الخلافات الطويلة بين الفصائل المختلفة، وهناك التفاف حوله من الصعب تجاوزه في أي صفقة مقبلة.

وذكر في تصريح لـ”العرب” أن حماس تضع مجموعة من الأسرى القدامى والمحكوم عليهم بالمؤبد وينتمون لفصائل مختلفة ضمن قائمتها، أبرزهم أحمد سعدات الأمين العام للجبهة الشعبية، ويبقى الهدف سياسيا بالأساس لتبييض وجهها والتأكيد على أنها حركة تحتوي جميع الشخصيات والقوى الوطنية.

2