الدراجات الهوائية تشقّ طريقها ببطء لتصبح وسيلة نقل التونسيين

جائحة كورونا وإجراءات الإغلاق تشجعان سكان العاصمة التونسية على تجربة متعة السفر بالعجلتين.
الأحد 2021/05/30
ثورة دراجات

شكّل خلو الشوارع من السيارات بفعل القيود التي فُرضت لاحتواء جائحة كوفيد – 19 فرصة سانحة لدفع المزيد من التونسيين نحو استعمال الدراجات الهوائية، لكن ثمة عوائق بالجملة يواجهها مستخدمو الدراجات بينها الوضع السيء جداً للشوارع والطرقات وعدم توفر ممرات خاصة بالدراجات، وخاصة العقلية الاجتماعية التي ما زالت غير متقبلة لفكرة التنقل بالدراجات الهوائية.

تونس - لم تكن طرقات تونس يوما مثالية لراكبي الدراجات الهوائية، بفوضاها المرورية وطرقاتها المليئة بالحفر والحجارة، لكنّ وسيلة النقل هذه بدأت تشق طريقها ببطء بفعل تفشي الوباء.

وكما هو الحال في كل المدن الكبرى في كل أنحاء العالم، شكّل خلو الشوارع من السيارات بفعل القيود التي فُرضت لاحتواء جائحة كوفيد – 19 فرصة سانحة لدفع المزيد من التونسيين نحو استعمال الدراجات الهوائية، سواء لملء وقت الفراغ بسبب التوقف عن العمل أو للالتفاف حول قيود السفر، وتستخدم إحدى المجموعات الناشطة فرصة السفر بالعجلتين لتعزيز دعوتها للسلطات لأخذ ركوب الدراجات بجدية أكبر.

وتم إطلاق جمعية فيلوروسيون تونس في عام 2017، وتنظم هذه الجمعية رحلات بالدراجات للمقيمين والسائحين، كما تدير مدرسة أسبوعية لتعليم ركوب الدراجات الهوائية وتنظم جولات احتجاجية لمطالبة المسؤولين بتحسين البنية التحتية لركوب الدراجات في المناطق الحضرية.

مخاوف تتعلق بالسلامة

قال حمزة عبدالرحيم الرئيس والشريك المؤسس للجمعية، التي اشتق اسمها من الكلمة الفرنسية التي تعني “دراجة” و “ثورة”، إنه لا يوجد سوى عدد قليل من ممرات المخصصة للدراجات في تونس، وعدد قليل من الأماكن المخصصة لوضع الدراجات.

وقالت إيناس زغدودي، وهي باحثة مساعدة تعيش في تونس العاصمة، في إحدى دورات فيلوروسيون الليلية، إنها تقدر قيمة الهدوء والأمان في الطرقات بعد حظر التجول.

وذكرت زغدودي، التي تمارس رياضة ركوب الدراجات بانتظام منذ شهر ديسمبر، “المشكلة تتعلق بالبنية التحتية التي يجب أن تتغير لأن الكثير من الأشخاص الذين أعرفهم لا يثقون في ركوب الدراجة لأنه لا توجد ممرات للدراجات”.

في آخر ليلة من شهر رمضان انطلقت زغدودي وحوالي 15 آخرين بالدراجة من وسط تونس العاصمة إلى البحيرة في ضواحي المدينة.

خلو الشوارع من السيارات بفعل القيود التي فُرضت لاحتواء جائحة كوفيد – 19 شكّل فرصة سانحة لدفع المزيد من التونسيين نحو استعمال الدراجات الهوائية

هذا هو أحد الأماكن القليلة في البلاد التي يوجد بها ممر كامل للدراجات يمتد على طول الواجهة البحرية.

لكن طالبة الطب نشوى ورتاتاني، البالغة من العمر 23 عاما، التي بدأت ركوب الدراجات بعد الإغلاق العام الماضي، قالت “إن الطريق سياحي أكثر منه ممر للدراجات والرحلات العادية.لا نحتاج إلى ممر للدراجات للذهاب في نزهة، نحن بحاجة إلى ممرات للتنقل من مكان إلى آخر”.

واعتادت ورتاتاني على ركوب دراجتها وهي طفلة لكنها قالت إنه كان من الصعب على أسرتها قبول قرارها بالبدء في ركوب الدراجات على الطرق الرئيسية بسبب مخاوف على سلامتها.

وقالت “راكبو الدراجات والمشاة مستبعدون من المدينة ولا مكان لهم”.

وحاليًا، يمتلك حوالي 10 في المئة فقط من التونسيين سيارة، لكن العدد يتزايد بمعدل 70.000-80.000 سيارة سنويًا، وفقًا لتقرير المفوضية الأوروبية لعام 2018.

توجد ممرات نادرة أخرى للدراجات في البلاد في ضاحية الزهراء بجنوب تونس، وقد شيدتها منظمة المجتمع المحلي “نظف بلدك” في عام 2018.

وقال عمر خلفت، الرئيس التنفيذي لنظف بلدك، إن المشروع ما هو إلا خطوة أولى، مضيفًا أن الجمعية تقوم حاليًا بجمع الأموال لتوسيع مسار الدراجات البالغ طوله 500 متر (1640 قدمًا) إلى ثلاثة كيلومترات في سبتمبر.

التقدم البطيء

متعة ورياضة
متعة ورياضة

في سعيها لتشجيع السلطات على استيعاب راكبي الدراجات، أعدت فيلوروسيون دراسات جدوى حول ممرات الدراجات ومواقف السيارات في أجزاء من البلاد.

قال رئيس بلدية أريانة، فاضل موسى، في مقابلة هاتفية، إنه عقب إحدى هذه الدراسات، وافقت السلطات في أريانة في شمال تونس على ممر للدراجات كجزء من ميزانيتها لعام 2021.

وأضاف موسى أن المشروع توقف بسبب مقاومة البائعين والسائقين وراكبي الدراجات النارية، الذين يعارضون تقاسم الطريق.

وقال “هناك منافسة بين مستخدمي الطريق، فالأمر يحتاج إلى وقت وتوعية”.

كما حفز بحث المجموعة السلطات في جندوبة على إنشاء ممر للدراجات بطول 1.2 كيلومتر على الطريق المؤدي إلى جامعة المدينة في يوليو، وفقًا لعضو المجلس البلدي منير السلامي.

وقال إنهم ينتظرون فقط المناقشات النهائية مع وزارة التجهيز والإسكان والبنية التحتية، المسؤولة عن هذا الطريق.

وقال عدنان بوعصيدة رئيس بلدية منطقة رواد في تونس العاصمة، إن هناك خطة لإدراج ممرات الدراجات في مشروع تطوير صناعي وسكني جديد.

لكنه أضاف أن إدخال ممرات الدراجات في الطرق الحالية يبقى أكثر صعوبة.

واوضح “بعض الطرق لا يتجاوز عرضها ستة أمتار لأن السلطات تخطط لبيع المزيد من الأراضي بدلاً من ترك مساحة للطرق – فالطرقات والأرصفة ليست كبيرة بما يكفي (لممرات الدراجات)”.

ازدهار ركوب الدراجات

جمعية فيلوروسيون تنظم رحلات بالدراجات الهوائية للتونسيين والسائحين، وتدير مدرسة لتعليم ركوب الدراجة للمبتدئين
جمعية فيلوروسيون تنظم رحلات بالدراجات الهوائية للتونسيين والسائحين، وتدير مدرسة لتعليم ركوب الدراجة للمبتدئين

“أنا أقود”! صرخت فتاة بينما كانت تسير إلى الأمام عبر موقف للسيارات بجوار ملعب المنزه في تونس، والذي سيطرت عليه دراجات المدرسة الأسبوعية للدراجات الخاصة بجمعية فيلوروسيون.

وشهدت مدرسة الدراجات زيادة في عدد المنخرطين خلال الوباء، وكان البعض منهم يخوض التجربة لأول مرة، مثل مازر، الذي قال إنه يريد أن يتعلم ركوب الدراجات لتجنب الازدحام المروري في تونس العاصمة.

وقال الطبيب البالغ من العمر 34 عامًا، الذي رفض الكشف عن اسمه الأخير، “اعتقدت أن الأطفال فقط يمكنهم تعلم ركوب الدراجة، وأن الأوان قد فات بالنسبة لي”.

وعلى الرغم من الارتفاع المفاجئ في عدد راكبي الدراجات، فإن غالبية التونسيين تمسكوا بوسائل النقل المألوفة، بما في ذلك االحافلات المزدحمة، حتى مع استمرار ارتفاع حالات المصابين بفايروس كورونا في البلاد.

وقالت ورتاتاني”لا يعتبر الناس ركوب الدراجات وسيلة نقل ويعتبر راكب الدراجة فقيرًا وغير قادر على شراء سيارة”.

ودعا عبدالرحيم، إلى معالجة هذه الأفكار المسبقة، لأنه يرى أن حركة المواطنين ضرورية لجعل ركوب الدراجات في المدينة أسهل وأكثر أمانًا.

وقال “كل السياسات في تونس تعتمد على المواطنين. إذا لم يدفع المواطنون السلطات لفعل ذلك فلن يحدث أي شيء”.

21