مصير مجهول لكيني ناقش أوضاع العمال في قطر

القبض على مالكولم بيدالي يسلط الضوء على التحدي الذي يواجهه العديد من العمال المهاجرين.
الخميس 2021/05/20
ردم الحقائق ما عاد ممكنا

الدوحة - ما تزال قطر وهي تسابق الزمن لتحسين سمعتها الدولية في مجال حقوق الإنسان قدر الإمكان، قبل انطلاق نهائيات كأس العالم في كرة القدم التي ستحتضنها بعد أقلّ من عامين، حيث تغالب الأخبار السيئة عن أوضاع العمّال الوافدين الذين تشارك أعداد كبيرة منهم في إقامة البنى التحتية للتظاهرة الرياضية، محاولة التغلب عليها بالحجب والإخفاء دون طائل.

واعتُقل كيني اعتمد اسما مستعارا للكتابة عن تحديات العيش التي يواجهها كعامل منخفض الأجر في قطر. ودافع عن حقوقه في ظروف غامضة في الدولة الغنية بموارد الغاز الطبيعي.

ويلفت القبض على مالكولم بيدالي الانتباه إلى حدود التعبير في دولة ستستضيف كأس العالم لكرة القدم سنة 2022. كما يسلط الضوء على التحدي الذي يواجهه العديد من العمال المهاجرين عند الموافقة على فرصة عمل ثابت في دول الخليج العربية، مقابل نوبات عمل طويلة يؤدّون خلالها أعمالا وضيعة في ظلال ناطحات السحاب التي ساعدوا في بنائها.

ويقول مناصروه إن قوات الأمن القطرية احتجزت بيدالي في ساعة متأخرة من يوم الرابع من مايو ولم تقدم معلومات عن مكان وجوده.

ووصفت الحكومة القطرية ردا على أسئلة وكالة أسوشيتيد برس بيدالي بأنه “محتجز ويخضع للتحقيق لانتهاكه قوانين لبلاد ولوائح الأمن القطرية”. ورفضت الحكومة تقديم تفاصيل عن اعتقاله ومكان احتجازه وما إذا كان قد تلقى مساعدة قنصلية وطبيعة التهم المحتملة التي يواجهها.

وورد في تقرير للوكالة كتبه جون غامبريل قول جيمس لينش مدير منظمة فير سكوير ريسيرش آند بروجكتس، ومقرها لندن، والتي تدافع عن العمال المهاجرين في الشرق الأوسط، إن قطر “اتخذت الكثير من الخطوات لإصلاح أنظمة العمل لديها. ومع ذلك عندما يتحدث عامل مهاجر عن تجربته، ويشارك تجربته ويدعو إلى التغيير بطريقة سلمية بالكامل، نراه يتعرض للإسكات والاخفاء”.

وعمل بيدالي البالغ من العمر 28 سنة حارس أمن لمدة 12 ساعة في اليوم. وفي أوقات فراغه، كتب تحت الاسم المستعار “نوح” عن تجاربه كحارس، بما في ذلك محاولة تحسين أماكن إقامة العمال. وقد قدمت مقالاته الثناء لقطر في بعض الأحيان باعتبارها “رائدة في مجالات عديدة”.

ومع ذلك لم يتراجع عن وصف غرف النوم الضيقة التي يتقاسمها بعض العمال (مع ما يصل إلى 10 رجال في غرفة) أو الإحباط من عدم القدرة على توفير “رفاهية الخصوصية” التي يتمتع بها المغتربون الغربيون والقطريون من ذوي الياقات البيضاء.

وسأل في مقال “لماذا يجب أن تكون العلاقة الخصوصية، وحتى الحياة الأسرية، محجوزة للجنسيات المتميزة والأثرياء؟”.

جاستن شيلاد: لقطر سجل سابق في حجب التقارير عن حقوق العمال

ولا يزال سبب اعتقال بيدالي غير واضح. وقبل أيام تحدث وظهر لفترة وجيزة في مؤتمر بالفيديو مع منظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية ليصف تجربته.

كما انتقد مؤخرا الشيخة موزة بنت ناصر حرم أمير قطر السابق الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني ورئيسة مجلس إدارة مؤسسة قطر للتربية والعلوم وتنمية المجتمع، بالاسم في تدوينة.

ولم ترد المؤسسة التي عمل لديها بيدالي عن استفسار بشأن ما حدث له، لكنّ موظفا عمل معه في مؤسسة “جي.إس.إس سيرتس” عرّف نفسه باسم بوفان قال إنه لا يعرف مكان زميله. وتابع “قيل لنا إنه لا يزال قيد التحقيق. لذلك، ليست لدينا تفاصيل في الموضوع”.

كما نظم حراس الأمن في شركتين في قطر مؤخرا ما وصفوه بأنه إضرابات بشأن الأجور وقضايا العمل. وبحسب منظمة فريدوم هاوس ومقرها واشنطن، يحق الإضراب للمواطنين القطريين من الاتحاد العام لعمال قطر فقط.

وقالت فريدوم هاوس في تقرير حديث إن العمال الأجانب “الذين يشاركون في الاحتجاجات العمالية معرضون لخطر الترحيل”. وقالت الحكومة القطرية إنها تدخلت في كلتا الحالتين.

ولم ترد السفارة الكينية في قطر على طلبات التعليق. وفي رسالة إلى مسؤولين قطريين، قالت جماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، وفير سكوير وهيومن رايتس ووتش، إنها تخشى أن بيدالي قد احتُجز “دون السماح له بتوكيل محام أو مساعدة قنصلية”. وكتبت “نحن قلقون للغاية على سلامته”.

وتوجد مفارقة كبيرة في قطر تتمثّل في احتضانها وتمويلها قناة الجزيرة الفضائية المنبر الذي يدافع بشدّة عن الديمقراطية والحقوق بما في ذلك حرية الرأي والتعبير، لكن في أي مكان آخر خارج الساحة القطرية حيث تخضع مختلف أنواع التعبير عن الرأي لرقابة مشددة، وهو ما أكّدته مجدّدا قضية العامل الكيني.

وقالت منظمة فريدوم هاوس “بينما يتمتع السكان ببعض الحرية في المناقشة الخاصة، فإن قوات الأمن تراقب الاتصالات الشخصية وغالبا ما يمارس غير المواطنين الرقابة الذاتية لتجنب تعريض عملهم ووضع إقامتهم للخطر. ويمكن أن يواجه مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عقوبات جنائية لنشر محتوى حساس سياسيا”.

ودعت لجنة حماية الصحافيين ومقرها نيويورك قطر في وقت لاحق لتوضيح التهم التي يواجهها بيدالي أو إطلاق سراحه على الفور، مشيرة إلى أن الدوحة “اعتقلت مرارا صحافيين يغطون قضايا عمالية”.

وقال جاستن شيلاد عضو اللجنة والباحث الأول في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا “نشعر بالقلق إزاء احتجاز المدون مالكولم بيدالي دون الكشف عن أي سبب، لاسيما بالنظر إلى سجل السلطات القطرية في محاولتها إسكات التقارير عن حقوق العمال قبل استضافة البلاد لكأس العالم العام المقبل”.

3