الليبية للاستثمار تبدأ تدقيق الأصول السيادية

طرابلس - دشنت المؤسسة الليبية للاستثمار (صندوق الثروة السيادية) مرحلة جديدة في طريق استعادة مكانتها كأداة تمكّن البلد النفطي من الاستفادة من الإيرادات المستقبلية بعد أن دخلت في متاهة الانقسامات السياسية وتراجع نشاطها منذ 2011.
وكشف محمود حسن محمد رئيس مجلس إدارة المؤسسة في مقابلة مع وكالة رويترز أن الصندوق سيبدأ هذا الشهر الاستعدادات للبدء في نشر بيانات مالية مجمّعة، وذلك بعد إعلانه عن أصول تبلغ 68 مليار دولار معظمها مجمدة إثر تقييم داخلي هو الأول له منذ سنوات.
وقال محمد إن “المؤسسة تعتزم الشروع في إصدار بيانات مالية سنوية، وإنها تعكف على إعداد البيانات بالتعاون مع إي.واي كمدقق مالي”.
وأضاف “سنرسي بهذه العملية أساسا صلبا للمضي صوب الاستثمار قبل تحقيق نجاحات في الحوكمة والامتثال لمبادئ سانتياغو التي تستهدف النهوض بالحوكمة الرشيدة والمساءلة والشفافية وممارسات الاستثمار الحصيفة”.
وفي رسالة بالبريد الإلكتروني قالت المؤسسة الليبية الاستثمار لرويترز إن “الأمر قد يستغرق عاما ونصف العام لنشر البيانات المالية النهائية بمجرد تدقيقها”.
ويعمل أكبر صندوق سيادي في قارة أفريقيا من أجل استعادة ثقة المجتمع الدولي بعد أن جمّدت الأمم المتحدة معظم أصوله السائلة نتيجة مطالبة المجلس الانتقالي الذي تشكل بعد اندلاع الثورة الليبية في فبراير 2011 ضد حكم الزعيم الراحل معمر القذافي لمنع سيطرة أطراف أخرى عليها.
ومنذ 2014 انقسمت هذه المؤسسة إلى كيانين بسبب تنازع حكومتين إحداهما في الشرق والأخرى في الغرب، وهو نفس الأمر الذي حصل مع مصرف ليبيا المركزي والمؤسسة الليبية للنفط.
ويعتبر الصندوق الذي تأسس في 2006 بأصول تصل قيمتها 40 مليار دولار مصدر هام محتمل لتمويل إعادة بناء ليبيا بعد سنوات من الحرب والفوضى، وهو يضمّ تحت مظلته محفظة متنوعة من الشركات تعمل في قطاعات مختلفة بينها النفط والإعمار وغيرها.
وكان الصندوق قد قال في وقت سابق هذا الشهر إن أول تقييم يجريه لأصوله منذ تسع سنوات كشف عن موجودات بلغت 68.35 مليار دولار في نهاية 2019 مقارنة مع 67 مليار دولار في 2012.
وتقول الليبية للاستثمار في موقعها الإلكتروني إن استراتيجيتها ترتكز على بناء الثقة والحصول على دعم المجتمعين المحلي والدولي من خلال تعزيز الحوكمة والشفافية والاتصالات الخارجية.
وكذلك تعزيز القدرات عبر تهيئة المؤسسة لتنفيذ استراتيجيتها التي ستحقق عوائد استثمار مستدامة لتوفير الموارد اللازمة وتأهيل البنية التحتية والكوادر البشرية القادرة على قيادتها.
وتشمل الاستراتيجية إعادة هيكلة استثمارات المؤسسة وإعداد سياسة موحدة والانتقال إلى نظام العقوبات الذكية.
ومنذ انتهاء القتال الصيف الماضي، وافقت الأطراف المتحاربة على حكومة وحدة جديدة مكلفة بتوحيد مؤسسات الدولة والتجهيز لإجراء انتخابات في ديسمبر المقبل.
وقال محمد، الذي قضت محكمة في بريطانيا العام الماضي لصالحه حتى يرأس المؤسسة الليبية للاستثمار “ترأس ليبيا الآن حكومة وحدة وطنية ويحق لنا استخدام أموالنا وأصولنا”.
وأوضح أن الصندوق “يكثف” المحادثات مع الأمم المتحدة حتى يتمكن من استثمار الأصول أو استخدامها بحرية أكبر مما يُسمح به الآن.
وأضاف “الشعب الليبي بحاجة ماسة لهذه الأصول. لدينا نازحون، أشخاص ليست لديهم منازل، ومشاكل في الكهرباء، ومرض كوفيد – 19”.
وتواجه حكومة الوحدة الوطنية عراقيل مثل سيطرة جماعات مسلحة على مناطق ووجود مرتزقة أجانب وتدخل قوى خارجية متنافسة.
وبالرغم من العقوبات، أظهر التقييم الذي أجرته ديلويت استقرارا نسبيا في قيمة أصول الصندوق بفضل زيادة قيمة شركة أويل إنفست ومحفظة الاستثمار طويل الأمد التابعتين للمؤسسة.
ومعظم هذه الأصول، التي تشمل 33.5 مليار دولار أموالا سائلة و20.1 مليار في محافظ استثمار، موجودة في الخارج وتخضع للتجميد.
وهناك نحو 15 مليار دولار من أصول المؤسسة غير مجمدة وهي أصول مملوكة لشركات تابعة لها. وقال محمد إن نحو تسعة مليارات دولار من هذه الأصول مستثمرة في ليبيا وإن المؤسسة تسعى لاستثمار مليار أخرى هناك.
وعبَّر محمد أيضا عن أمله في استخدام بعض الودائع النقدية والأسهم المجمدة كضمانات مالية لجذب الشركات الأجنبية إلى ليبيا والمساعدة في تدشين مشروعات في قطاعات النفط والغاز والكهرباء والعقارات.
واحتلت المؤسسة المرتبة 98 ضمن 100 من الصناديق السيادية وصناديق عامة لمعاشات التقاعد في تصنيف لعام 2020 لمدى الاستمرارية والحوكمة أجرته غلوبال أس.دبليو.إف، التي ترصد صناديق الثروة السيادية في العالم.