إسرائيل لحماس: هدنة طويلة الأمد أو استمرار القتال

غزة – تتكثف الجهود الدولية لوقف التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية الذي دخل يومه العاشر، وسط حديث إسرائيلي عن شروط لإنهائه من بينها الاتفاق على هدنة شاملة وطويلة الأمد مع قطاع غزة.
ومنذ بدء الحلقة الجديدة من التصعيد بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في قطاع غزة في العاشر من مايو، قُتل أكثر من 214 فلسطينيا، بينهم طبيبان وما لا يقلّ عن 61 طفلا، إضافة إلى أكثر من 1400 جريح.
وشردت الغارات الجوية الإسرائيلية أكثر من 52 ألف فلسطيني ودمرت أو ألحقت أضرارا بالغة بنحو 450 مبنى في غزة منها ستة مستشفيات وتسعة مراكز للرعاية الصحية الأولية. وفر نحو 47 ألفا من النازحين إلى مدارس تديرها الأمم المتحدة في القطاع.
وهناك مخاوف من إطالة أمد الحرب واتساع رقعتها، وسط دعوات للطرفين للنزول من الشجرة التي صعداها.
وأجرى الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ونظيره المصري عبدالفتاح السيسي الثلاثاء مباحثات عبر الفيديو مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، وقال قصر الإليزيه إنّ هذه المباحثات تأتي في سياق السعي لوساطة لوقف التصعيد بين إسرائيل والفلسطينيين “مع هدف تحقيق وقف إطلاق نار سريع وتجنّب توسع النزاع”.
وأعلن الديوان الملكي الأردني بدوره في بيان أن العاهل الأردني أجرى مباحثات عبر تقنية الاتصال المرئي مع ماكرون والسيسي حول التصعيد الأخير بين إسرائيل والفلسطينيين.
وبحسب البيان أكد الملك عبدالله “ضرورة حماية الفلسطينيين ووقف جميع الاعتداءات والإجراءات الإسرائيلية غير القانونية في القدس، وإنهاء العدوان على غزة”. كما شدد على أنه “لا بد من وضع حد للانتهاكات والاستفزازات الإسرائيلية المتكررة التي قادت إلى التصعيد وتفاقم الأوضاع”.

بيني غانتس: القتال لن يتوقف حتى نصل إلى تهدئة شاملة وطويلة الأمد
ودعا العاهل الاردني إلى “بلورة جهد دولي فاعل يوقف التصعيد في الأراضي الفلسطينية، ويدفع باتجاه تحقيق السلام العادل والشامل على أساس حل الدولتين”.
وكان ماكرون ناقش الاثنين مع نظيره المصري الموجود في باريس المسألة وأعلن نيّتهما المشتركة طلب مساندة من الأردن لإجراء وساطة في النزاع بين إسرائيل والفلسطينيين.
وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي عقب مؤتمر دولي لمساعدة السودان إن هذه الوساطة “هي أحد العناصر التي من شأنها أن تؤدي إلى وقف لإطلاق النار، الشرط الأساسي لإتاحة توحيد المكوّنات الفلسطينية وضمان عدم اللجوء إلى العنف”.
وأضاف “قررنا أن نجري في الأيام المقبلة محادثات مع ملك الأردن للبحث في كيفية تقديم اقتراح ملموس على هذا الصعيد”.
وتسعى مصر الموقّعة على معاهدة سلام مع إسرائيل وتتشارك حدودا مع غزة، إلى إحياء دورها التاريخي من خلال عرض وساطتها منذ تفجر النزاع الدائر حالياً بين إسرائيل وحماس، في وقت لا تلعب فيه واشنطن دوراً بارزاً في المفاوضات الدولية حول هذا الملف، حيث ترى بأحقية إسرائيل في منع بروز حزب الله جديد على خاصرتها الجنوبية.
وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن جدد التأكيد على دعم بلاده لإسرائيل في “حق الدفاع عن نفسها”، وذلك في اتصال مع نظيره الإسرائيلي بيني غانتس الثلاثاء.
وقال المتحدث باسم البنتاغون جون كيربي “أوستن أكد مجددا على دعم الولايات المتحدة الثابت لحق إسرائيل في الدفاع عن نفسها وفي حماية المدنيين الإسرائيليين، وأبدى أسفه لمقتل إسرائيليين وفلسطينيين أبرياء”. وأضاف كيربي “أوستن عبّر أيضا عن دعمه لخفض التصعيد في الصراع واستعادة الهدوء”.
ونقل البيت الأبيض في وقت سابق عن الرئيس الأميركي جو بايدن قوله في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إن من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها ضد الهجمات الصاروخية العشوائية لكن حثها «على بذل أقصى جهد لحماية المدنيين».
ويرى مراقبون أن إسرائيل لا تبدي أيّ استعداد لوقف التصعيد، طالما لم تتحقّق الأهداف التي أعلنتها في بداية التصعيد ومنها استعادة الردع، ويشير المراقبون إلى أن تل أبيب بدأت مؤخرا في الحديث عن طلب آخر وهو اتفاق على هدنة طويلة المدى لوقف التصعيد، وهذا سيعني أنه لن تكون أمام الفصائل إمكانية الرد على أيّ تحركات إسرائيلية في باقي الأنحاء الفلسطينية ومنها القدس.

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي في بيان مصور في وقت سابق إن “القتال لن يتوقف حتى نصل إلى تهدئة شاملة وطويلة الأمد” وألقى اللوم على حماس في موجة التصعيد الجارية.
وكانت مصر أعلنت عن نيتها للتوسط في هدنة شاملة، ويرى المراقبون أن هناك تصورا مختلفا بين مفهوم الهدنة الشاملة التي تطرحها مصر والتصور الإسرائيلي.
ويقول المراقبون إن إسرائيل تريد من هدنة شاملة وطويلة الأمد لجم الفصائل عن أيّ ردّ ضد أيّ تحرك إسرائيل لا يشمل غزة، وهذا يضع حركة حماس في زاوية ضيقة، في ظل خيارات أحلاها مرّ بين الاستمرار في القتال وبالتالي المزيد من الدمار والدماء في غزة، فضلا عن الخسائر التي تتكبدها الحركة على مستوى استنزاف ترسانتها الصاروخية، وبين وقف القتال بالشروط الإسرائيلية التي قد لا تقبلها باقي الفصائل الفلسطينية.
وسبق لحماس أن دخلت في مفاوضات غير مباشرة مع إسرائيل بشأن هدنة مطولة وشاملة شاركت فيها قطر، لكن هذه المفاوضات تعثرت في اللحظات الأخيرة.
وجاء انفجار الوضع في قطاع غزة على خلفية اقتحام القوات الإسرائيلية للمسجد الأقصى ومحاولة مستوطنين يهود طرد عائلات فلسطينية من منازلهم في حيّ الشيخ جراح بالقدس الشرقية.