عين الشركات المصرية على مشاريع الإعمار في ليبيا

تعزيز التعاون في البنية التحتية وقطاعات النقل والكهرباء والاتصالات.
الثلاثاء 2021/04/27
دبلوماسية اقتصادية

نزلت القاهرة بكل ثقلها للمشاركة في تنفيذ مشاريع إعادة الإعمار في ليبيا، حيث يستهدف البلد بعد زيارات إلى طرابلس الاستفادة من هذه المشاريع العملاقة في البنية التحتية، وتعزيز التعاون الاقتصادي في مجالات الكهرباء والصحة والنقل في ظل تنافسية دولية محتدمة.

القاهرة – أكد خبراء اقتصاديون وسياسيون مصريون أن بلادهم ستشارك بفاعلية وقوة في مشروعات إعادة إعمار ليبيا، لاسيما في ظل قوة الشركات المصرية، ووجود ترحيب ليبي مدفوع بالدور المصري الإيجابي داخل الساحة الليبية.

وزار وفد مصري كبير برئاسة رئيس الحكومة مصطفى مدبولي، وعضوية 11 وزيرا، طرابلس قبل أيام.

ووقع الوفد المصري خلال الزيارة 11 مذكرة تفاهم مع الجانب الليبي، في مجالات الصحة والبنية التحتية والنقل والكهرباء والاتصالات والقوى العاملة وغيرها، وذلك بحضور مدبولي ونظيره الليبي عبدالحميد الدبيبة. كما اتفق الجانبان على إعادة فتح السفارة المصرية في طرابلس عقب عيد الفطر القادم.

جمال بيومي: ليبيا دولة نفطية غنية ورائدة في الاستثمار في مصر
جمال بيومي: ليبيا دولة نفطية غنية ورائدة في الاستثمار في مصر

والأحد، أجرى وزير الخارجية المصري سامح شكري اتصالا هاتفيا مع نظيرته الليبية نجلاء المنقوش، بحثا خلاله “سبل تعزيز العلاقات الثنائية”، ثم وجه الأول الدعوة للمنقوش لزيارة مصر في أقرب فرصة. وكان رئيس الحكومة الليبية قد زار مصر في 18 فبراير الماضي، والتقى الرئيس عبدالفتاح السيسي، في أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه.

وأكد الدبيبة خلال الزيارة أن ليبيا تتطلع إلى إقامة “شراكة شاملة” مع مصر، بهدف استنساخ نماذج ناجحة من تجربتها التنموية التي تحققت خلال السنوات الماضية.

وفي هذا الصدد، قال الأمين العام لاتحاد المستثمرين العرب جمال بيومي، إن زيارة الوفد المصري رفيع المستوى إلى طرابلس تؤكد أن البلدين يقفان على “أرضية مشتركة صلبة وقوية”.

ونقلت شينخوا عن بيومي، وهو مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، قوله إن “مصر من أكثر الدول تأثيرا على الليبيين بكافة أطيافهم، لأنها الدولة الأكثر قبولا للشعب الليبي، والأكثر حيادية بالنسبة لكل الأطراف الليبية”.

ورأى أن توقيع هذه الاتفاقيات طبيعي في ظل أن ليبيا دولة جوار لمصر، وكان يوجد فيها أكثر من مليوني مصري للعمل.

وأردف “بالتأكيد سوف تشارك مصر بقوة في إعادة إعمار ليبيا، لأن البلدين لديهما مصلحة في هذا، فدولة ليبيا تريد إعادة إعمارها، ومصر ستستفيد من ذلك، خاصة أن ليبيا ليست فقيرة، فهي دولة نفطية ورائدة في الاستثمار في مصر”. وأوضح أن “ليبيا استعادت توازنها إلى حد كبير، وتسعى لجذب شركات للاستثمار والعمل في أراضيها”.

واستطرد أن “ما قامت به الشركات المصرية من تنفيذ مشروعات عملاقة في مصر أعطى انطباعا قويا بأنها تستطيع تنفيذ مشروعات إعادة الإعمار في ليبيا”.

وختم أن “العجلة بدأت في الدوران، وهناك إشارات إيجابية في جميع الاتجاهات، ولو سارت الأمور في مسارها الطبيعي سوف نلاحظ المزيد من المشروعات والتجارة والاستثمار وتبادل الخبرات بين البلدين”.

من جهته، أكد الدكتور مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية أن هناك اهتماما مصريا بالشأن الليبي، مشيرا إلى أن “مصر لعبت دورا أساسيا ووضعت بصمة كبيرة للوصول إلى تهدئة الأوضاع في ليبيا وسريان هذه المرحلة”. وقال غباشي إن هناك في الوقت نفسه “ترحيبا ليبيا بالدور المصري المستقبلي داخل الساحة الليبية”.

وتابع أن هذا الدور “لن يكون سياسيا أو تقنيا مرتبطا بالأمن القومي فقط، ولكنه دور مرتبط بمرحلة إعادة الإعمار والمشاركة في مشروعات البنية التحتية في ليبيا، وهذه مرحلة أخرى سيكون فيها تنافس بين قوى إقليمية ودولية كبيرة”. ورأى أن “الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع ليبيا تمثل بصمة أولية وسريعة وتفتح أبوابا كثيرة، وهذا مهم جدا لمصر”.

مختار غباشي: الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع ليبيا تمثل بصمة أولية وسريعة
مختار غباشي: الاتفاقيات التي وقعتها مصر مع ليبيا تمثل بصمة أولية وسريعة

وأشار إلى أن هذه الاتفاقيات “تعطي إشارة قوية إلى مشاركة مصر في إعادة إعمار ليبيا، وأتصور أنه سيكون لمصر دور أساسي في إعمار ليبيا، ولو نظرنا إلى هذه الاتفاقيات سنجد أنها في كافة المجالات وتشمل حتى العمالة المصرية في ليبيا وآليات وصولها، والأمر القادم سيتوقف على تفعيل هذه الاتفاقيات داخل الساحة الليبية”.

وواصل “أتصور أن هناك إرادة سياسية مصرية لتنفيذ هذه الاتفاقيات.. خاصة أن هناك شركات مصرية كبيرة تسعى لذلك بشكل ملحوظ”.

وأضاف أنه “دون شك، نجاح الشركات المصرية في إنجاز المشروعات العملاقة في مصر منحها ثقة كبيرة للمشاركة في المشروعات الليبية، في ظل وجود ترحيب ليبي بذلك”.

وأكد أن “مشاركة مصر في إعمار ليبيا سوف تنعكس إيجابا على اقتصاد مصر وشركاتها والعمالة المصرية”.

بدوره، رأى الدكتور طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن توقيع مصر وليبيا 11 مذكرة تفاهم “أمر مهم جدا”. وقال فهمي، إن توقيع هذه الاتفاقيات يؤكد أن البلدين سوف يدشنان “تعاونا اقتصاديا كبيرا في الفترة المقبلة”.

وأضاف أن “فتح السفارة المصرية في طرابلس عقب عيد الفطر القادم خطوة إيجابية ومبشرة ستنعكس على تطوير وتنمية العلاقات بين البلدين، بما فيها العلاقات الاقتصادية، فهذه الاتفاقيات تؤكد أن مصر ستشارك بقوة في إعادة إعمار ليبيا”. وتابع أن “مصر حاضرة بقوة في ليبيا، ومجالات التعاون المشترك سوف تكون لها نتائج إيجابية ومهمة للبلدين”.

وختم أن “مصر لديها الإمكانيات والقدرات، والحكومة الليبية طلبت مشاركة مصر في عمليات الإعمار، وأعتقد أن البلدين سيدخلان في شراكةمتكاملة مستقبلا”.

وفي سياق آخر تستهدف القاهرة من جاهزيتها تلبية جميع الطلبات الخاصة بالسوق الليبية، بما يعزز تنشيط اقتصادها ومواجهة عمليات التهريب التي تتمّ على الحدود الليبية.

وتتواصل مساعي القاهرة لتحريك مفاصل وسبق، ودشنت عشر مناطق لوجستية بمدينة السلوم المتاخمة للحدود مع ليبيا. وتتيح هذه المناطق جميع البضائع التي تحتاجها السوق الليبية على مساحة 400 ألف متر مربع لتعزيز سهولة تدفق المنتجات المصرية.

وعرضت مصلحة التخطيط العمراني الليبية على لجنة التشييد بجمعية رجال الأعمال المصريين، احتياجات السوق في مجال الإسكان، وكشفت عن فجوة حجمها 400 ألف وحدة سكنية.

11