"معلم الآلة الكاتبة"..رواية بطلتها آلة

الرواية تحتفل بالعديد من المشاهد الرمزية التي تحضر فيها شخصيات اصطنعها خيال البطل الذي أراد أن يضفي على ملامح حياته معاني إضافية.
الثلاثاء 2021/04/27
آلة تخفي ماضيا وتفاصيل

عمان – تدور رواية “معلم الآلة الكاتبة ولونُه الواحد” للكاتب المصري منتصر عبدالموجود، حول قصة معلم كان يُدرس الطباعة على الآلة الكاتبة، قبل أن ينقرض هذا النوع من الآلات وتحل محله وسائل التقنية الحديثة في الطباعة.

ويسترسل المعلم في ذكرياته متنقلا بين مراحل بدئه هذا العمل، وسفره إلى الخارج من أجل تطوير قدراته والاطلاع على آخر التقنيات في صناعة الآلات الكاتبة، ومراحل عمله في بلده، وكيف آلت حاله إلى موظف هامشي بعد أن توقفت حصص الآلة الكاتبة، ولم يعد يمارس مهمته التي اعتاد عليها لسنوات طويلة.

 ويقرن البطل في الكتاب، الصادر عن “الآن ناشرون وموزعون”، بين الآلة الكاتبة وحياة الإنسان، جاعلا منها شاهدا على ضرورة الانضباط وعدم هدر الوقت والطاقات في ما لا يفيد، فيحاور تلاميذه في أحد النصوص الاستهلالية للرواية قائلا “حياة الآلة تُقاس بعدد ما تخرجه من أوراق.. الأوراق زمن الآلة؛ لذا لا تضيعوا حياتها في أوراق مكتوبة بالخطأ، لا تجعلوا الآلة تقضي كل عمرها في أوراق تكورها يدك وترميها في السلة الموضوعة عند  قدميك.. من المخزي أن نهدر حيواتنا وحيوات الآخرين.. أليس كذلك؟!”.

اختلط الواقع بالخيال
اختلط الواقع بالخيال

وتحفل الرواية بالعديد من المشاهد الرمزية التي تحضر فيها شخصيات اصطنعها خيال البطل الذي أراد أن يضفي على ملامح حياته معاني إضافية، فهو شخص متأمل ميال إلى فلسفة الأشياء، والنأي عن تفاصيلها اليومية التي لا تناسب رؤيته للحياة.

يصور عبدالموجود حال بطله في أحد الفصول قائلا “عاد إلى مكتبه، نام ليس رغبة في النوم، بل أملا في أن تزوره أشباح المكان؛ إذ يترسخ إيمانه برغبتها في استرداد كامل حقها في القصر الذي صار مدرسة. لم يأته سوى الحارس عند منتصف الليل، مضى إلى العذراء، ثم عكف على طقسهما حتى الصباح”.

 ويختلط الواقع بالخيال عند البطل فيقوده إلى حالات هذيان لا يفرق فيها بين الوهم والواقع، الأمر الذي يضفي على السرد المزيد من التشويق، ويفتح المجال واسعا للتأويل واستنطاق النص.

ورغم النهاية المأساوية التي تعرض لها البطل في الحكاية، إلا أن المشاهد الختامية للعمل تأخذ القارئ إلى مساحات من الأمل تجسدت عبر “الثورة”، وفيها تظهر طاقة الشباب ورغبتهم في التغيير. بذلك يغدو السياق الزمني أكثر وضوحا، وهو سياق شهد جملة من التغيرات، بدءا من التغير في تكنولوجيا الطباعة عبر الانتقال من الآلات الكاتبة إلى أجهزة الكمبيوتر والهواتف الذكية، مرورا بالتغير في وسائل التعبير، وصولا إلى ضرورة الانتقال إلى المستقبل بحسب مفاهيمه وأدواته الجديدة.

 يُذكر أن منتصر عبدالموجود أصدر سابقا ثلاثة كتب في الشعر، هي “حروب وهزائم” (2004)، و”الحنين.. سلة المفقودات” (2010)، و”ثمة أشياء لن يجربها” (2012)، وصدر له في النصوص “مديح البلدات الصغيرة” (2019).

15