تل أبيب تبلغ واشنطن رسميا رفضها إحياء الاتفاق النووي الإيراني

رغم التعهدات الأميركية بضمان أمن إسرائيل ومنع إيران من امتلاك سلاح نووي، تعتزم تل أبيب الأحد إبلاغ الولايات المتحدة رسميا برفضها إحياء الاتفاق النووي مع إيران الذي بات وشيكا والذي تعتبره تل أبيب، إن تم، تهديدا مباشرا لأمنها القومي واستقرار المنطقة بأسرها.
القدس - يبدأ رئيس هيئة أركان الجيش الإسرائيلي أفيف كوخافي ورئيس جهاز المخابرات (الموساد) يوسي كوهين ورئيس هيئة الأمن القومي مئير بن شبات الأحد زيارة إلى واشنطن لبحث الملف النووي الإيراني، فيما قرّر المستوى السياسي الإسرائيلي رسميا الخميس معارضة إحياء الاتفاق النووي مع إيران والذي بدأت معالمه تتبلور في فيينا.
ورغم أن إسرائيل ليست طرفا في الاتفاق النووي الإيراني الموقع في فيينا سنة 2015 والذي انسحب منه الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب وأعاد بموجبه فرض عقوبات على طهران، ترفض تل أبيب مساعي إدارة الرئيس جو بايدن لإحياء الاتفاق وقالت إن ذلك لن يكون ملزما لها.
وتشير التصريحات الإسرائيلية إلى مخاوف من نشوب مواجهة عسكرية محتملة بين تل أبيب وطهران في حال مضي واشنطن في إحياء الاتفاق دون الأخذ بعين الاعتبار التحفظات الإسرائيلية وهو ما يهدد الاستقرار والأمن الدوليين في المنطقة.
ولا يستبعد مراقبون أن تبادر تل أبيب إلى اعتداء جوي وصاروخي بعيد المدى، تستهدف من خلاله نقاطا محددة داخل إيران، ومنها أهداف معدّة لمواقع ومنشآت نووية، فتدمر بهذه الضربة المنشآت النووية الإيرانية الأكثر قدرة من ناحية الإمكانية والتوقيت على تصنيع قنبلة نووية، وبعد ذلك ستجد أن عودة واشنطن إلى الاتفاق النووي لن تكون مزعجة لها، على الأقل في المدى المنظور.
وقالت هيئة البث الإسرائيلية الجمعة “أصدر المستوى السياسي في ختام جلسته مساء الخميس تعليماته إلى رؤساء الأجهزة الأمنية الذين سيتوجهون إلى واشنطن، الإعراب عن الرفض للاتفاق المتبلور مع إيران”.
وكان مسؤولون إسرائيليون دعوا إلى مواصلة العقوبات على إيران وعدم العودة إلى الاتفاق النووي الموقع معها عام 2015.
ويقول هؤلاء إن رفع العقوبات عن إيران سيسمح لها بالمضي قدما في تخصيب اليورانيوم ما يمكنها في نهاية المطاف من امتلاك سلاح نووي وتهديد أمن تل أبيب والمنطقة بأسرها.
والثلاثاء حذر أكثر من ألفي ضابط إسرائيلي متقاعد إدارة الرئيس الأميركي بايدن من العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران، في وقت لا يستبعد فيه خبراء عسكريون توجيه تل أبيب ضربة عسكرية جوية إلى المنشآت النووية الإيرانية إذا مضت واشنطن في إحياء الاتفاق النووي مع طهران دون الأخذ بعين الاعتبار المخاوف الإسرائيلية.
وأعرب الموقعون على البيان عن قلقهم من مساعي واشنطن وعدّة دول أوروبية لإنعاش الاتفاق النووي، وسط تجاهل مخاوف دول في الشرق الأوسط من الصفقة المحتملة.
وأشاروا إلى أن النظام الإيراني يسعى بشكل صريح وعلني إلى تدمير إسرائيل، معتبرين أن منعه من امتلاك القدرة على صنع أسلحة نووية هو أمر أساسي “لمنع حدوث كارثة”.
وكشفت تقارير إعلامية إسرائيلية أن إيران اتخذت مؤخرا عدة خطوات قد تسمح لها بأن تختصر بشكل كبير الوقت الذي سيستغرقه تطوير سلاح نووي إذا قرر النظام الاندفاع إليه، رغم إعلانها عن رغبتها في التفاوض بشأن اتفاق نووي جديد.

جيك سوليفان: الولايات المتحدة ملتزمة بألا تمتلك إيران سلاحا نوويا
وأشارت التقارير إلى أن تحركات إيران الأخيرة بما في ذلك تكديس اليورانيوم المخصب منخفض الدرجة وتركيب أجهزة طرد مركزي متطورة وتوسيع العديد من المنشآت النووية ومتابعة تخصيب اليورانيوم إلى مستوى 60 في المئة ومؤخرا الإعلان عن خطط لإنتاج معدن اليورانيوم لوقود المفاعل، تعني أن توجّه إيران نحو الأصول النووية آخذ في الازدياد.
وفي 14 أبريل جددت الولايات المتحدة على لسان مستشار الأمن القومي جيك سوليفان التزامها بأمن إسرائيل، متعهدة بألا تمتلك إيران سلاحا نوويا أبدا.
وتنفي إيران اتهامات لها بالسعي إلى إنتاج أسلحة نووية، وتقول إن برنامجها مصمم للأغراض السلمية.
وفي السادس من أبريل الجاري انطلقت محادثات فيينا لإعادة إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران والدول الكبرى، بمشاركة الولايات المتحدة بشكل غير مباشر، فيما أفادت مصادر مطلعة على المحادثات أن تقدما إيجابيا تحقق إلى الحد الأن، مشيرين إلى أن المفاوضات ستنتهي في نهاية المطاف إلى إحياء الاتفاق النووي مع إيران بالكامل.
والأربعاء أفاد مسؤول أميركي رفيع أن بلاده أطلعت إيران على تفاصيل بشأن العقوبات التي هي على استعداد لرفعها في إطار العودة إلى الاتفاق النووي.
وقال المسؤول الأميركي حول المحادثات الأخيرة التي يقودها الاتحاد الأوروبي “هذه المرة دخلنا في تفاصيل أكثر”.
وأضاف “قدمنا إلى إيران عددا من الأمثلة تتعلق بنوع العقوبات التي نعتقد أننا سنحتاج إلى رفعها من أجل العودة إلى السكة، والعقوبات التي نعتقد أننا لن نحتاج إلى رفعها”.
ولم يؤكد المسؤول أو ينفي المعلومات التي أوردتها صحيفة وول ستريت جورنال وفيها أن الوفد الأميركي أبدى استعدادا لرفع عقوبات اتخذتها إدارة ترامب ضد القطاعين النفطي والمالي، على أساس اتهامات بالإرهاب موجهة إلى إيران.
لكنه لفت إلى أن الولايات المتحدة تطرقت أيضا إلى فئة ثالثة وصفتها بأنها “حالات صعبة”، في إشارة ربما إلى عقوبات فرضها ترامب لا تتعلق بالأنشطة النووية، لكن “كان هدفها فقط منع” بايدن من العودة إلى الاتفاق.
ومارست إيران ضغوطا على واشنطن لرفع جميع العقوبات المفروضة في عهد ترامب مقابل عودتها عن خطوات تخلت فيها عن التزامات بموجب اتفاق 2015.
وكان الرئيس الإيراني حسن روحاني أعرب في وقت سابق عن تفاؤله، قائلا إن المفاوضات حققت “تقدما بنسبة من 60 إلى 70 في المئة”.
ويشكّل الاتفاق على العقوبات التي سترفعها واشنطن إحدى أبرز النقاط الشائكة في المفاوضات، وكذلك مسألة عودة الإيرانيين إلى احترام كامل لالتزاماتهم الواردة في الاتفاق.