الإسلاميون الأوفر حظا للفوز في الانتخابات الجزائرية

السلطة تخطط للاستغناء عن أحزاب الموالاة التقليدية.
الخميس 2021/04/22
عبدالقادر بن قرينة يتوقع الصدارة

الجزائر - تبدو الأحزاب الإسلامية في الجزائر الأوفر حظا للفوز في الانتخابات التشريعية القادمة مستفيدة من أزمات الأحزاب التقليدية التي تصدرت المشهد السياسي طيلة السنوات الماضية في تحالف غير معلن مع المؤسسة العسكرية التي تهيمن على النظام.

وفي حين يتوقع أن تظل السلطة النهائية في يد الجيش، إلا أن الإسلاميين يستغلون اضطرابات سياسية نجمت عن الاحتجاجات الشعبية التي أدت إلى استقالة الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة في 2019.

ولا تزال حركة الاحتجاج العلمانية إلى حد كبير، والتي يطلق عليها “الحراك”، تنظم مظاهرات أسبوعية للمطالبة بمقاطعة الانتخابات إذ تعتبرها تمثيلية ما دامت السلطة النهائية في يد المؤسسة العسكرية والمتحالفين معها.

محمد مولودي: المشاركة السياسية بدل المواجهة هي العلامة التجارية لأحزاب الجزائر الإسلامية
محمد مولودي: المشاركة السياسية بدل المواجهة هي العلامة التجارية لأحزاب الجزائر الإسلامية

وهذا ما يفسح المجال أمام الإسلاميين للفوز بأصوات الناخبين من مؤيدي الأحزاب الوطنية القديمة التي دخل مسؤولون كبار فيها السجن بتهم الفساد بعد الاحتجاجات وهو ما خلق قطيعة بينها وبين الشارع.

ويعتبر حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي من أكبر القوى السياسية المتضررة من انتفاضة الحراك الشعبي، لارتباطهما طيلة العقود الماضية بالسلطة الحاكمة وبأداء دور الذراع السياسية التي أججت غضب الجزائريين على النظام في فبراير 2019.

وإذ سبق للحزبين أن استحوذا على المؤسسات المنتخبة والحكومة خلال حقبة بوتفليقة فإن التطورات المتسارعة في السنوات الأخيرة ألقت بظلالها على الأوضاع الداخلية للحزبين؛ فرغم استقدام قياديّيْن جديديْن (أبوالفضل بعجي على رأس جبهة التحرير، وطيب زيتوني على رأس التجمع الوطني الديمقراطي) خلفا للقيادييْن السابقيْن المسجونيْن وهما جمال ولد عباس وأحمد أويحيى، المتهمان في قضايا فساد مالي وسياسي، لم يحقق ذلك الاستقرارَ الداخلي وخلق حالة من الارتياب والخوف على مستقبل الحزبين، خاصة في ظل حديث عن أن السلطة تنوي الاستغناء عن أحزاب الموالاة التقليدية والتخطيط لبناء خارطة سياسية جديدة قوامها شركاء جدد من الطبقة السياسية والمجتمع المدني.

ويأمل الإسلاميون في استغلال حالة الفراغ السياسي التي تركها تراجع الأحزاب التقليدية، باعتبارهم الأكثر خبرةً وتنظيمًا مقارنة ببقية الأحزاب حديثة التشكيل.

وقال عبدالقادر بن قرينة رئيس حركة البناء في مقر الحركة بالعاصمة الجزائرية “نتوقع أن نكون في الصدارة”، مشددا على أن حزبه يرى أن دوره هو العمل من أجل الإصلاح.

ويقول محللون إنه إذا فاز الإسلاميون في الانتخابات فمن الممكن أن يعين الرئيس عبدالمجيد تبون قرابة عشرة منهم في مناصب وزارية لكنهم لن يتولوا وزارات الداخلية والمالية والعدل الرئيسية.

ومثل معظم الأحزاب الإسلامية الأخرى في الجزائر ركز حزب حركة البناء علانية على الاقتصاد وكفاءة الأداء الحكومي لا على الطموح الأشمل للحركة بدمج الشريعة الإسلامية في الدستور.

وأضاف بن قرينة “في حالات كثيرة أظهرت الحكومة عجزها عن معالجة مشاكل الحياة اليومية”، مضيفا أن حزبه سيكون في مجلس الوزراء “جزءا من الفريق … لمعالجة مشاكل الجزائر السياسية والاقتصادية والاجتماعية”.

ويركز البرنامج الرسمي للحزب على إصلاحات السوق الحرة واستحداث التمويل الإسلامي لكنه ينأى بنفسه عن القضايا الاجتماعية رغم أن المدافعين عن حقوق المرأة يخشون أن يحاول عرقلة إصلاحات قانون الأسرة الذي يقيد حريات المرأة.

وكان بن قرينة حصل على 1.5 مليون صوت في انتخابات الرئاسة عام 2019 ويرجح المحللون أن يجيء حزب حركة البناء، الذي انشق عن حزب إسلامي آخر في 2014، في الصدارة في انتخابات يونيو المقبل.

Thumbnail

وعندما فاز الإسلاميون في عام 1992 ألغى الجيش الانتخابات الأمر الذي أطلق شرارة حركة عصيان مسلح وحرب أهلية سقط فيها 200 ألف جزائري قتلى قبل أن تضع أوزارها في 1999.

ومنذ ذلك الحين شاركت الأحزاب الإسلامية في الحياة السياسية لكنها كانت تتبنى مواقف معتدلة.

وقال محمد مولودي الخبير في شؤون التيار الإسلامي في البلاد “الأحزاب الإسلامية اكتسبت خبرة سياسية هائلة منذ التسعينات… وأصبحت المشاركة السياسية بدلَ المواجهة هي العلامة التجارية لأحزاب الجزائر الإسلامية اليوم”.

ويعارض الحراك الذي تراجع عدده إلى عشرات الآلاف بدل الملايين إجراء الانتخابات البرلمانية من منطلق أن البرلمان لطالما كان أداة بيد السلطة.

ولا تعارض شخصيات قيادية في الحراك الأحزاب الإسلامية لذاتها بل تنتقدها لدعمها ما ترى أنه نظام غير مشروع.

وذكر حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية أنه سيقاطع الانتخابات أيضا. وقال زعيم الحزب محسن بلعباس “الجزائريون طلبوا منا عدم اعتماد خارطة الطريق التي وضعها النظام الحاكم”.

ورغم أن أغلب الأحزاب الإسلامية أيدت حركة الاحتجاج علانية فقد تجاهلت مطالباتها السابقة بمقاطعة الانتخابات. والآن حتى حزب العدالة الذي شارك من قبل في مقاطعة الانتخابات يعتزم خوضها حسب قول زعيمه عبدالله جاب الله.

وأضاف جاب الله “المشاركة لا تعني الموافقة على النظام بل إنها وسيلة قانونية لإبداء معارضتنا له”.

1