الليرة السورية تلتمس طريق التعافي

ضبط رأس المال وتحديد السحب المصرفي.
الثلاثاء 2021/03/30
المخاوف لا تزال قائمة

حققت الليرة السورية بعض التعافي جراء تدهورها القياسي مدفوعة بتشديد ضوابط رأس المال وتقييد السحب المصرفي لتقليل الطلب على الدولار في وقت تتزايد فيه إجراءات مكافحة سوق الصرف الموازية ومحاصرة تجار الصرافة، غير أن المخاوف لا تزال قائمة من النتائج العكسية لهذه الإجراءات على المدى القريب.

دمشق - استفادت الليرة السورية من تشديد الضوابط على السحوبات المصرفية والإجراءات الهادفة إلى تقليل الطلب على الدولار، على غرار وقف استيراد الهواتف المحمولة ورفع سعر صرف الدولار للمنظمات الدولية لزيادة التحويلات الواردة عبر القنوات الرسمية.

 وقال مصرفيون ورجال أعمال إن الليرة السورية تعافت من أدنى مستوياتها على الإطلاق في وقت سابق من مارس بعد أن شددت السلطات الضوابط على السحوبات المصرفية والتحويلات الداخلية وقيدت حركة السيولة في جميع أنحاء البلاد لوقف اكتناز الدولار.

وقال متعاملون إن الليرة جرى تداولها حول 3500 مقابل الدولار الأميركي الأحد، وهو أقوى مستوى لها منذ شهر. وارتفعت السبت بنحو 12 في المئة، مما عوض الخسائر التي دفعت العملة إلى أدنى مستوى لها على الإطلاق عند 4000 في وقت سابق هذا الشهر.

وقال مصرفيون ورجال أعمال إن صعود الليرة جاء بعد فترة وجيزة من مطالبة مصرف سوريا المركزي للبنوك الأسبوع الماضي بسقف لعمليات السحب عند مليوني ليرة (572 دولارا) من الحد السابق البالغ 15 مليون ليرة.

وأضافوا أن المصرف المركزي عمل أيضا على الحد من حركة النقد داخل المحافظات بما لا يتجاوز خمسة ملايين ليرة وفرض سقفا يصل إلى مليون ليرة للتحويلات داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة لخفض الطلب على الدولار.

12 في المئة نسبة ارتفاع الليرة الأحد مما قلل خسائر انهيارها إلى أدنى مستوياتها

وقال أحد كبار رجال الأعمال المطلعين على سياسة المصرف المركزي عبر الهاتف من دمشق بأنه “تم تجفيف السيولة من أيدي الناس ولذلك إجباري ينزل الدولار لأنه عرض وطلب”.

وأضاف رجل الأعمال، الذي طلب عدم الكشف عن اسمه لدى سؤاله عن الخطوات لوقف الدولرة المتزايدة للاقتصاد الذي أصابه الشلل بعد حرب على مدى عشر سنوات، “المشكلة أنها وسيلة مفتعلة لرفع العملة”.

أدى انخفاض العملة إلى ارتفاع التضخم وتفاقم المصاعب إذ يكافح السوريون من أجل توفير الغذاء والطاقة وغيرها من الأساسيات.

وكان يتم تداول الليرة عند 47 مقابل الدولار قبل اندلاع الاحتجاجات ضد حكم الرئيس السوري بشار الأسد في مارس 2011.

وقال رجال أعمال ومصرفيون إن القيود الجديدة، التي تضمنت أيضا حملة أمنية على تجار الصرافة الذين يُتهمون بالتسبب في انخفاض قيمة العملة، كانت سيئة التخطيط وستؤدي إلى نتائج عكسية.

وقال متعامل كبير، طلب عدم ذكر اسمه، “لا يمكن الاستمرار في توقف السحب من البنوك لفترات طويلة. كيف يمكن أن يتقدم الاقتصاد دون سحب أموال”.

وقال مصرفي، طلب أيضا عدم الكشف عن هويته، “قال اثنان من تجار الصرافة إن قوات الأمن اعتقلت الأسبوع الماضي العشرات من التجار وصادرت ملايين الدولارات في حلب وحماة والعاصمة”.

وقال مصرفيون إن المصرف المركزي، الذي تخلى إلى حد كبير عن جهود دعم العملة، خفض أيضا الواردات غير الضرورية في الشهرين الماضيين للحفاظ على العملات الأجنبية المتبقية.

علّقت وزارة الاقتصاد السورية استيراد أجهزة الهواتف المحمولة “حتى إشعار آخر”، في خطوة برّرتها الهيئة الناظمة للاتصالات بمنح الأولوية لاستيراد مواد أساسية وسط شحّ الدولار وتدهور الليرة.

وأوضح محلل اقتصادي في دمشق، رفض الكشف عن اسمه، أن “القرار يحسّن من سعر الصرف لفترة محدودة، لأنه يُقلل الطلب على الدولار من السوق الموازي أو من المصرف المركزي، لكن بشكل مؤقت”.

Thumbnail

ويموّل المصرف المركزي جزءا من كلفة إجازات الاستيراد الرسمية، ومع هذا القرار، سيذهب الجزء المخصص للهواتف المحمولة إلى تمويل مواد أساسية أخرى.

وفي محاولة أخرى لوقف انهيار الليرة لجأ البنك المركزي السوري إلى رفع سعر صرف الدولار للمنظمات الدولية بهدف وضع سياسات تشجيعية لزيادة التحويلات الواردة عبر القنوات الرسمية، بهدف تحريك سعر صرف الحوالات وجعله قريباً من سعر السوق السوداء.

وجاءت هذه التحركات بعد دعوة خبراء إلى ضرورة قيام مصرف سوريا المركزي بوضع سياسات تشجيعية لزيادة التحويلات الواردة عبر القنوات الرسمية، أبرزها تحريك سعر صرف الحوالات وجعله قريباً من سعر السوق السوداء.

وأدى تآكل النقد الأجنبي في سوريا إلى إضعاف قيمة الليرة بعد أن فاق الطلب العرض في ظل تدافع لشراء الدولار مما ضغط على قيمة العملة المحلية ودفعها إلى التهاوي.

وفي يناير الماضي أصدر البنك المركزي السوري ورقة مالية جديدة بقيمة 5 آلاف ليرة لتداولها بجانب الفئات النقدية المتداولة في البلاد، معتبرا أن الوقت أصبح ملائما لذلك وفق المتغيرات الاقتصادية الحالية، غير أن خبراء اعتبروا الخطوة ستغذي انهيار العملة المحلية.

ولكن البنك قال في حينها إن “طرح فئة الـ5 آلاف ليرة للتداول جاء بعدما تبينت الحاجة لفئة نقدية أكبر من الفئات الحالية المتداولة ذات قيمة تتناسب مع احتياجات التداول النقدي”، مشيرا إلى أنه “تمت طباعتها منذ عامين”.

وتعد الورقة النقدية الجديدة من فئة الـ5 آلاف ليرة، الورقة النقدية الثانية التي يتم إصدارها خلال الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 10 سنوات في سوريا.

وكان المصرف المركزي السوري قد طبع خلال عام 2017 فئة الألفين، بعد ارتفاع نسب التضخم وانهيار الليرة أمام العملات الأجنبية.

11