هل تكسب بريطانيا تحدي تغيير طبيعة الجيوش

توقعات بأن يصبح نحو 25 في المئة من الجيش البريطاني جنودا آليين.
الثلاثاء 2021/03/23
انس المروحية على الأرض وانظر إلى المسيرة في السماء

تسعى بريطانيا من خلال إعلانها عن استراتيجية دفاعية جديدة إلى مواكبة التطورات التكنولوجية التي تؤسس للقطع مع مفاهيم الجيوش التقليدية القائمة على العنصر البشري والعتاد، إلا أن التفكير في ذلك يحتاج إنفاقا كبيرا في قطاعات مثل الفضاء والفضاء الإلكتروني وهو ما يمثل التحدي الرئيسي.

لندن - كشفت الحكومة البريطانية الاثنين النقاب عن خططها الدفاعية، واعدةً بتعزيز “الدفاع عن المصالح البريطانية في مجالات متعدّدة وحول العالم”، وذلك في إطار خطة شاملة تستند على تطوير معدات فائقة التكنولوجيا للقوات العسكرية، ما سيغيّر طبيعة الجيوش إذا نجحت في ذلك.

ويأتي هذا الإعلان بعد نحو أسبوع على قرار المملكة المتحدة رفع سقف ترسانتها النووية، للمرة الأولى منذ سقوط الاتحاد السوفييتي. وأُعلِن عن هذا القرار في نهاية مراجعةٍ استراتيجية لمسائل الأمن والدفاع والسياسة الخارجية، وهي الأولى منذ خروج البلاد بالكامل من الاتحاد الأوروبي.

وقالت وزارة الدفاع في بيان “في البحر، سيكون لدينا المزيد من السفن والغواصات والبحّارة، على أن يجري تحويل مشاة البحرية الملكية إلى وحدة جديدة يُطلق عليها اسم: فيوتشِر كوماندو فورس (أف.سي.أف)”.

وهذه الوحدة الجديدة ستكون مسؤولة عن “حماية ممرات الإبحار والحفاظ على حرية الملاحة” وستتلقى أكثر من 200 مليون جنيه إسترليني (232 مليون يورو) في شكل استثمارات مباشرة خلال العقد المقبل.

وأما على الأرض، فسيُنشر لواء عمليات خاصة “قادر على العمل بتكتم في بيئات شديدة الخطورة ويمكن نشره سريعا في كل أنحاء العالم”.

جيمس هيبي: يمكن تقويض العتاد العسكري من خلال الهجمات الإلكترونية
جيمس هيبي: يمكن تقويض العتاد العسكري من خلال الهجمات الإلكترونية

وسيتكون هذا اللواء من أربع كتائب. وعلى مدى السنوات الأربع المقبلة، سيُستثمر 120 مليون جنيه إسترليني في هذا اللواء.

وتوازيا، سيجري إنشاء لواء آخر هو لواء مساعدة قوات الأمن، وسيكون هدفه تقديم المشورة والتدريب للدول الشريكة المتحالفة.

وفي نسخة الأحد من صحيفة ذي تلغراف، كتب وزير الدفاع بن والاس أنه على القوات المسلحة التكيف مع التهديدات التي “تغيرت إلى درجة يتعذر التعرف إليها” خلال الأعوام الثلاثين المنقضية.

وقال والاس “لم يعد بإمكاننا اعتبار تفوق القوات الغربية” أمرا محسوما، معتبرا ان “أعداءنا لديهم المزيد من الخيارات” غير المحدودة.

وأضاف “نجد أنفسنا باستمرار أمام منطقة رمادية وأعمال عدوانية تحت عتبة الصراع المفتوح”.

وأعلن عن استثمارات إضافية لـ”الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع والحرب الإلكترونية وكذلك لتحسين أجهزة الاستشعار والإجراءات الدفاعية”.

كما ستدخل الخدمة بحلول عام 2024 سفينة مراقبة جديدة تابعة للبحرية الملكية بطاقم قوامه نحو 15 فردا، بهدف حماية الكابلات البحرية البريطانية وبنى تحتية أخرى.

ووضعت مؤسسة غلوبال فاير باور الجيش البريطاني في تصنيفها لعام 2020 في المركز الثامن، الأمر الذي استدعى وضع أسس جديدة لعمل القوات البريطانية.

وتركز استراتيجية الحكومة البريطانية للزيادة في الاستثمارات العسكرية على “التكنولوجيا المتطورة”، وتشمل القدرات الإلكترونية والفضائية، إضافة إلى معالجة “نقاط الضعف في ترسانتنا الدفاعية”.

ونشر الجيش البريطاني مؤخرا وثيقة أطلق عليها اسم “وثيقة المشاركة”، دعا من خلالها شركات التقنية المختلفة إلى تقديم روبوتات ومركبات وآليات ذاتية التشغيل تعمل بالذكاء الاصطناعي، وتتصف بأنها ناضجة وذات موثوقية، وقابلة للعمل في قطاع الإمداد والتموين، لتقوم بإدارة وتشغيل أساطيل النقل والعمليات اللوجستية في مختلف الظروف وبيئات العمل المختلفة والمضطربة والمعقدة، وتقل فيها المساهمة البشرية إلى أقصى حد.

وأشارت الوثيقة إلى أن الدعوة تأتي ضمن استراتيجية الانتقال بالجيش البريطاني من عصر الصناعة إلى عصر المعلومات، عبر استكشاف إمكانات فرص التمويل لتطوير استخدام التشغيل الذاتي في عمليات أساطيل النقل والإمداد والتموين.

وجاء في الوثيقة “نريد أن نفهم بشكل أفضل القدرات المتاحة في السوق الحالية للأنظمة الروبوتية والمستقلة، والمزيد الذي تتطلبه من الاستثمار أو التجريب من قبل وزارة الدفاع، فنحن مهتمون بكل من التكنولوجيا المبكرة والأنظمة الناضجة القابلة للاندماج في المركبات العسكرية، وحريصون على استكشاف هذا المجال بشكل أكبر، وستزودنا هذه المعلومات بمعرفة نضج الحلول الموجودة حالياً، والحلول الجديدة في التنمية والمجالات التي قد تتطلب المزيد من الاستثمار من قبل وزارة الدفاع”.

وأوضحت الوثيقة أن المشاركة المطلوبة تقع في مجال “الأنظمة الروبوتية والأنظمة المستقلة ذاتية التشغيل” التي تعرف باسم أنظمة «راس» التي يستهدف من ورائها العمل بإيقاع أسرع، وخفة حركة أكبر، مع تقليل العبء الواقع على الجنود، وتقليل متطلبات الأفراد والوقود، وصولاً إلى نظم التوزيع اللوجستي المستقلة تماماً.

Thumbnail

ويتوقع رئيس هيئة أركان الدفاع في المملكة المتحدة نيك كارتر أن يصبح نحو 25 في المئة من جنود الجيش البريطاني في المستقبل القريب عبارة عن جنود آليين، يعملون وفق أنظمة مستقلة ذاتية التشغيل.

وأضاف كارتر في حديث لقناة سكاي نيوز، أنه “مع انضمام الفضاء الإلكتروني إلى مجالات الجيش التقليدية البرية والجوية والبحرية، فإن أنظمة الذكاء الاصطناعي ستصبح جزءاً لا يتجزأ من جهود تحديث القوات المسلحة، وهذا يعني أنه سيكون لدينا جميع أنواع الأشخاص المختلفين، لأن هذه المجالات تتطلب مهارات مختلفة، وسنستفيد تماماً من التشغيل الذاتي والمنصات الآلية والروبوتات حيثما أمكن ذلك”.

ونبه كارتر إلى أن الأمر يحتاج إلى استثمارات طويلة الأجل، وكان في قلب المراجعة المتكاملة التي أطلقتها الحكومة في وقت سابق من العام الجاري، والتي وضعت لتخطيط الاستثمار الدفاعي للسنوات المقبلة.

وقالت صحيفة تايمز البريطانية، إن حجم الجيش البريطاني قد ينخفض إلى 10 آلاف جندي من حجم القوات البالغة 82 ألف جندي في إطار التركيز المتزايد على الطائرات والمركبات المسيرة إلى جانب تعزيز القدرات التكنولوجية.

ويقول جيمس هيبي، وزير الدولة للقوات المسلحة البريطانية “تثبت المراجعة المتكاملة أننا نعيش الآن في عالم تتعارض فيه المعلومات والبيانات والأشكال التقنية بقدر ما تتعارض فيه السفن والدبابات والطائرات المقاتلة”.

ويضيف هيبي “لقد عدنا إلى عصر المنافسة النظامية ولكن ليس عصرًا محددًا بعدد الدبابات عبر أوروبا الوسطى أو الغواصات في شمال المحيط الأطلسي. لقد أمكن لخصومنا استغلال نقاط ضعفنا من خلال الاستخدام الماكر لمعدات رخيصة الثمن نسبيًا”.

وتابع “تتطلب المراجعة المتكاملة المزيد من الدفاع لأن التهديد وطموح المملكة المتحدة قد تغيّرا. وتعني الزيادة الأكبر في ميزانية الدفاع منذ 30 عامًا أنه يمكننا تحقيق هذا الطموح الجديد، لحماية طرق التجارة العالمية الخاصة بنا”.

واستدرك “يمكن تقويض العتاد العسكري من خلال الهجمات الإلكترونية أو بقطع الكابلات تحت البحر، في حين أن استخدام القوات بالوكالة والأنشطة السرية الأخرى يجعل من الصعب تحديد متى يتم تجاوز عتبة الحرب”.

5