المناطق الصناعية السورية تنشد تعزيز البنية الكهربائية

ألقت أزمة قطاع الكهرباء المزمنة التي تعانيها سوريا بظلال قاتمة على نشاط المناطق الصناعية، حيث يفرض نقص آليات استخراج الطاقة وقدم معدات التحويل ضغوطا على العمل ما يزيد في كلفة الإنتاج، الأمر الذي دفع للمطالبة بتحسين البنية التحتية لتأمين العمل.
دمشق – طالب عمال المنطقة الصناعية بحماة الحكومة بتدخل عاجل لتعزيز البنية التحتية الكهربائية وتحسين مصادر استخراج الطاقة الكهربائية لضمان حسن سير الشركات التي تؤمن إنتاج المواد الغذائية والكيمياوية والمعدنية، ما يسلط النظر على فاتورة أضرار الحرب على قطاع الطاقة في البلد.
تعد المنطقة الصناعية في حماة محركا اقتصاديا بارزا تضم عددا من المنشآت الصناعية والحرفية على مساحة 7 هكتارات وتستقطب أكثر من ستة آلاف عامل كما تسهم في تنمية الإنتاج المحلي ودعم الاقتصاد المحلي.
ونسبت وكالة الأنباء السورية (سانا) لعدد من الصناعيين قولهم إن “المنطقة تحتاج إلى دعم بنيتها التحتية وخاصة تحسين مصادر استخراج الطاقة الكهربائية لتأمين استمرارية العمل والإنتاج”.
وقال مصطفى حبال صاحب منشأة صناعية إن “المنطقة الصناعية تضم كبرى شركات الإنتاج الصناعي التي تنتج المواد الغذائية والكيمياوية والمعدنية ومختلف المواد الاستهلاكية، ما يؤمن حاجة أسواق محافظة حماة أولا ومن ثم أسواق المحافظات الأخرى”.
وأشار إلى أن “الإنتاج فيها يتركز بين الساعة الثامنة صباحا والخامسة مساء وهذا يحتم على المعنيين تنظيم تقنين الكهرباء بما يناسب الصناعيين، حيث يؤدي انقطاع الكهرباء إلى زيادة تكاليف الإنتاج بسبب الاعتماد على المولدات وغلاء المازوت”.
ولفت الصناعي فراس شومل إلى أن “المنطقة الصناعية تؤمن مصدر دخل يعيل الآلاف من الأسر من أبناء المحافظة كما أنها تمد أسواق المدينة بمختلف أنواع المنتجات وتؤمن الخدمات الحرفية لكل أبناء المحافظة”.
وشدد “نظرا لحساسية هذه المنطقة نطالب بإنشاء محطة تحويل كهربائي وتبديل شبكات الكهرباء والمحولات القديمة بما يسهم في تخفيض تكاليف العمل والإنتاج”.
6 آلاف عامل يشتغلون في المنطقة الصناعية يعانون قلة مصادر الطاقة لتأمين العمل والإنتاج
وأشار الحرفي خلدون حورية إلى أن “المنطقة الصناعية تحتاج إلى دعم حكومي مباشر على غرار المناطق الصناعية في المحافظات الأخرى، حيث قام صناعيو وحرفيو المنطقة بالتعاون مع غرفة صناعة حماة بمبادرة لشراء كابلات كهربائية بهدف إعفاء المنطقة من نظام التقنين وقد تم تسديد المبالغ المالية، لكن لم يتم تركيب الخط حتى هذه اللحظة ولم نر أي تغيير على أرض الواقع”.
وتحدث عدد من المواطنين عن تأثر الخدمات المقدمة في المنطقة الصناعية سلبا بالتقنين الكهربائي والذي ينعكس تأخيرا في إنجازهم لأعمالهم ما يرتب جهدا ونفقات إضافية وخاصة لأبناء الريف، متمنين من الجهات المعنية دعم واقع المنطقة الصناعية وتغطيتها بالكهرباء اللازمة في فترة النهار.
وأشار أحمد اليوسف مدير كهرباء محافظة حماة إلى أن المنطقة الصناعية في مدينة حماة تغذى عبر خط معفى من التقنين من الساعة الـ9 إلى الـ3 ظهرا ليتسنى للصناعيين والحرفيين القيام بأعمالهم.
ويتم تطبيق نظام التقنين بعد هذه الفترة كما يتم تنفيذ تعليمات وزارة الكهرباء بقطع الكهرباء من الخميس حتى الأحد عن المنطقة الصناعية والتي تشمل كل المناطق الصناعية، أما قطع الكهرباء المتكرر عن المنطقة فهو ناتج عن التحميل الزائد والاستخدام الكبير.
وحول الإجراءات القادمة لفت اليوسف إلى “أنه يتم التنسيق حاليا مع مجلس مدينة حماة وغرفة صناعة حماة لتأمين مستلزمات الطاقة الكهربائية من كابلات ومحولات لتغذية توسع المنطقة الصناعية، وقد تم تسديد ما قيمته 15 في المئة من مجمل تكلفة المشروع ونحن بانتظار استكمال باقي المبلغ للمباشرة في عمليات تركيب المستلزمات وتغذية المنطقة الصناعية”.
وتسلط هذه الإشكالية الضوء على كلفة فاتورة الحرب على قطاع الطاقة في البلد، حيث تضررت شبكة إمدادات الكهرباء بشكل كبير خلال سنوات الحرب التي جعلت المواطنين يعيشون مشاكل بالإضافة إلى معاناتهم من نقص الغذاء والدواء وشح السيولة النقدية في الأسواق والتراجع التاريخي لقيمة الليرة.
وكانت الحكومة قد كشفت قبل فترة عن تفاصيل الدمار الشامل الذي لحق بالحقول والمنشآت النفطية طيلة أكثر من 9 سنوات من الحرب، وما لذلك من آثار على توفير إمدادات الكهرباء للسكان في مناطق سيطرة النظام.

وتشهد مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ سنوات أزمة محروقات حادة وساعات تقنين طويلة بسبب عدم توفر الفيول والغاز اللازمين لتشغيل محطات التوليد، ما انعكس بشكل كبير على السكان.
ويؤكد محللون أن سنوات الحرب استنزفت قطاعي الطاقة والكهرباء مع خروج أبرز حقول النفط والغاز عن سيطرة النظام السوري وتعرّض محطات التوليد لاعتداءات أو تضررها خلال المعارك.
ولكن يبدو أن عدة عوامل أخرى أثّرت على تأمين إمدادات الكهرباء بشكل مستقر، حيث تحول العقوبات الاقتصادية المفروضة على سوريا دون وصول بواخر النفط بانتظام.
وتلقى القطاع ضربة جديدة حينما تسبّب انفجار خط غاز رئيسي بريف دمشق العام الماضي في انقطاع التيار الكهربائي عن أنحاء سوريا، في حادث قالت دمشق إنه “عمل إرهابي”.
ويعدّ هذا الانفجار الأحدث ضمن سلسلة اعتداءات استهدفت في السنوات الأخيرة إمدادات أو مرافق حيوية بينها أنابيب غاز ومنشآت نفطية بحرية أو محطات توليد للكهرباء، وهي قطاعات استنزفتها سنوات الحرب الدامية.
وانخفضت تلبية الطلب على الكهرباء إلى مستويات غير مسبوقة، حيث تشير بيانات رسمية إلى بلوغه أقل من 27 في المئة بسبب محدودية مادة الفيول والغاز بعد أن كان عند مستوى 97 في المئة قبل النزاع.
وكان إنتاج محطات توليد الكهرباء في سوريا يبلغ نحو 8 آلاف ميغاواط يوميا قبل اندلاع الأزمة، وكانت تمتلك فائضا من إنتاج الكهرباء تقوم بتصديره إلى دول الجوار، فيما انخفض الإنتاج حاليا إلى ما بين 1500 وألفي ميغاواط يوميا.
ووفق الأمم المتحدة، يعيش أكثر من 80 في المئة من السوريين تحت خط الفقر، بينما ارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 133 في المئة منذ مايو العام الماضي، بحسب برنامج الأغذية العالمي.
وتضررت العديد من المحطات الكهربائية وكانت وزارة الطاقة قد قدرت في وقت سابق الأضرار التي لحقت بقطاع الكهرباء بنحو ألفي مليار ليرة سورية ( 3.8 مليار دولار).
وأدى هذا الانخفاض إلى خروج عدد من محطات الكهرباء والخطوط الكهربائية عن الخدمة بسبب “الاعتداءات المتكررة من قبل المجموعات الإرهابية” أو لوقوعها في المناطق الخاضعة لسيطرة الفصائل المقاتلة.