الإعلام الفلسطيني يحتاج تشريعات تعزز الحريات حتى بعد الانتخابات

الماكينة الإعلامية تسير في نهج مخالف لتصريحات ووعود السياسيين.
الثلاثاء 2021/02/23
الانقسام الفلسطيني انعكس على الصحافة والإعلام

يعتبر مرسوم تعزيز الحريات الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس، خطوة إيجابية على طريق تحسين الأداء الإعلامي خلال الانتخابات، لكن الواقع الصحافي الفلسطيني يحتاج تشريعات تواكب العصر وتساند حقوق الصحافيين في كل الأوقات لا فقط خلال المواسم الانتخابية.

رام الله – تفاءل صحافيون فلسطينيون بمرسوم تعزيز الحريات العامة الذي أصدره الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع اقتراب الانتخابات التشريعية والرئاسية، لكنهم في نفس الوقت مازالوا ينتظرون إجراءات فعلية على أرض الواقع لا تقتصر على المواسم الانتخابية وتتجاوز الانقسام الفلسطيني الذي ترك أثره بشكل سلبي على الإعلام.

ونص المرسوم على توفير الحرية الكاملة للدعاية الانتخابية بأشكالها التقليدية والإلكترونية كافة، والنشر والطباعة وتنظيم اللقاءات والاجتماعات السياسية والانتخابية وتمويلها وفقا لأحكام القانون، وتوفير فرص متكافئة في وسائل الإعلام الرسمية لكافة القوائم الانتخابية دونما تمييز، وفقا للقانون.

وأكد المرسوم توفير مناخات الحريات العامة، على أن يكون ملزما للأطراف كافة في الأراضي الفلسطينية.

وقال المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية “مدى” إنه يتطلع أن يكون هذا المرسوم “أرضية صلبة وقاعدة متينة تصان على أساسها الحريات العامة بما فيها الحريات الإعلامية للصحافيين والمؤسسات الإعلامية في فلسطين”.

ويأمل بأن تكون هذه الخطوة “بداية جديدة لرفع سقف الحريات في البلاد والتي ستنعكس بالضرورة على الدعاية الانتخابية”.

وجدد مطالبته بناء على هذا المرسوم بعدم تعرض أي صحافي للاعتقال أو التوقيف بناء على عمله الصحافي أو بناء على آرائه الشخصية.

ومن الناحية النظرية يعتبر المرسوم تقدما ملحوظا للمساهمة في رسم خارطة طريق لوسائل الإعلام الفلسطينية قبل وخلال الانتخابات القادمة، في حال تم تطبيقه.

المركز الفلسطيني للتنمية والحريات الإعلامية "مدى": بناء على هذا المرسوم نطالب بعدم تعرض أي صحافي للاعتقال

لكن المخاوف أن يكون مصيره مشابها للتصريحات السياسية عن الخطاب الرسمي الفلسطيني الوطني والمحايد في وسائل الإعلام، بينما الماكينة الإعلامية الفلسطينية بكافة توجهاتها تسير في نهج آخر، إذ تتمسك بوجهات النظر المستندة على رؤية كل طرف للطرف الآخر؛ وتنحاز كل منصة إلى الجهة التي تنتمي لها، ما أثر بشكل سلبي على تغطيتها لموضوع الانتخابات. وتحدث متابعون عن الفجوة بين التصريحات الرسمية وما يتم تداوله من أنصار كل طرف؛ ما يزيد من الأعباء التي يواجهها الإعلام الفلسطيني.

وتعاني التغطية الإعلامية للانتخابات من نقاط ضعف عديدة إذ يبدو الحديث عن أهمية الانتخابات متواضعا وتوعية المواطنين بحقوقهم كناخبين ضعيفة ودون المستوى، وحتى الإعلام الرسمي لا يقوم بالدور الذي يجب أن يقوم به، فلا توجد نشرات توعية أو دليل للناخبين، ولا استطلاعات لآراء الشارع الفلسطيني.

وأضاف المركز أن المرحلة الراهنة تحتاج إلى إنشاء منصات رقمية مشتركة تتمتع بالمهنية، وتهدف إلى تغليب المصلحة الفلسطينية العليا، وتقديم الصالح العام على الصالح الخاص.

وقال مدير موقع “صدى سوشيال” إياد الرفاعي “إن إثارة الإعلام الفلسطيني ومواقع التواصل الاجتماعي، مسألة الانتخابات الفلسطينية في مناسبات سابقة، ولّد حالة من الفتور في التفاعل مع هذه القضية”.

وتابع الرفاعي في تصريحات لوسائل إعلام محلية، أن “الإعلام الرسمي وإعلام الفصائل الفلسطينية، لا يتناول موضوع الانتخابات بالتركيز الذي يجب أن يأخذه في الوضع الطبيعي”.

وتعتبر الانتخابات الفلسطينية القادمة هي الأولى في ظل انتشار مواقع التواصل الاجتماعي، وسط مخاوف من قبل المتابعين والمراقبين والمختصين التقنيين من كيفية وآلية استخدام هذه المنصات والمواقع في موضوع الانتخابات تحديدا، فيما إذا سيتم استغلالها لصالح مرشحين على حساب آخرين، أو تنظيم حملات لنشر الشائعات والأخبار المضللة كما حدث في دول عديدة أخرى بما فيها الديمقراطية.

وفي ظل حالة الانقسام الفلسطيني تبدو هذه المخاوف مضاعفة، خصوصا مع عدم وجود تشريعات إعلامية تنظم العمل الصحافي وتضع حدا لفوضى مواقع التواصل الاجتماعي.

هل هو إجراء يقتصر على المواسم الانتخابية فقط؟
هل هو إجراء يقتصر على المواسم الانتخابية فقط؟

ورأى صحافيون أن المرسوم تناول جزءا واحدا من العمل الإعلامي يتعلق تحديدا بالانتخابات وتمثيل المرشحين وفق أسس عادلة وتغطية منصفة للجميع، لكن الأزمة أعمق من ذلك ويحتاج حلها إلى سن تشريعات لتنظيم القطاع الإعلامي وحماية الصحافيين.

وأضافوا أن قانون النشر والمطبوعات الذي تم فرضه عام 1995 دون مشاورة أحد لم يعد صالحاً للتطبيق كونه قد عفا عليه الزمن، ولم يعد يواكب العصر.

وطالبوا بقانون إعلامي جديد يواكب الثورة التكنولوجية في العالم، ويرتب الحالة الإعلامية، وينظم العمل الصحافي بهدف تعزيز حرية الرأي والتعبير.

وأوضحت دراسة حديثة أجراها الباحث أحمد حمودة أنه لا يوجد سوى قانون المطبوعات والنّشر الصّادر عام 1995، وهو قانون خاص بالمطبوعات والنشّر أي بالصحف والمجلّات الورقيّة، ونظام ترخيص المحطات الإعلامية الذي صدرت نسخته في عام 2018 والذي ينظم جزئيًا عمل الإعلام المرئي والمسموع.

وحتّى مشروع قانون الحقّ في الحصول على المعلومة الذي أقرّه مجلس الوزراء الفلسطيني عام 2013، وكان من المفترض أن يتمّ التوقيع عليه وإقراره من قبل المجلس التّشريعي والرئيس الفلسطيني، بقي حبرًا على ورق ولم ير النور للعديد من الاعتبارات السياسية الداخلية على وجه التحديد. إضافة إلى صدور قانون الجرائم الإلكترونية التي احتوت نصوصه على الكثير من القيود على حرية الرأي والتعبير بوجه عام وعلى الحرية الإعلامية بوجه خاص، مما أثار العديد من ردود الأفعال الرافضة للقانون من المجتمع ومن الصحافيين الفلسطينيين.

ووفقا للباحث فإن هناك إشكالية رئيسية تتمثل في غياب التشريعات المنظمة للعمل الإعلامي والصحفي الفلسطيني في بيئة الاتصال الجديدة.

ودعت الدراسة السلطات إلى تعديل القوانين السارية وصياغة قوانين جديدة لتنظيم قطاعات الاتصال والمعلومات وإدارتها، وتنظيم طرق التواصل والاحترام المتبادل وحقوق الملكيّة الفكرية للجميع لمواكبة التطورات الرقمية.

وطرحت الدراسة رؤية جديدة بتأسيس هيئة لمراقبة أخلاقيات المهنة في ظل تصاعد انتشار الأخبار الزائفة وانتهاك أخلاقيات الصحافة في فلسطين، ويجب أن تكون الهيئة قادرة على أداء دورها في تعزيز أخلاقيات الصحافة وتمكين الجمهور من حقه في الحصول على المعلومة.

ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الفلسطينية، على 3 مراحل خلال العام الجاري: تشريعية في 22 مايو، ورئاسية في 31 يوليو، وانتخابات المجلس الوطني (خارج فلسطين) في 31 أغسطس.

18