أكراد تركيا يدفعون فاتورة مغامرات أردوغان شمال العراق

الأجهزة الأمنية التركية تشن حملة اعتقالات ضد مسؤولين ونواب تابعين لحزب الشعوب الديمقراطي في خطوة انتقامية على فشل عمليتها العسكرية شمال العراق.
الاثنين 2021/02/22
الإرهاب تهمة جاهزة لتعقب الأكراد

وجد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في تعقب أكراد الداخل وملاحقتهم قضائيا مطية للتغطية على فشل العملية العسكرية التي قادها ضد عناصر حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. ويرى محللون أن أردوغان يسعى من خلال تصعيده ضد أكراد الداخل إلى تحويل الأنظار عن الانتقادات التي طالت حكومته.

أنقرة- فتحت السلطات التركية الأحد تحقيقا بحق نائبة مؤيدة للأكراد يشتبه في أنها زارت منطقة في العراق تخضع لسيطرة المتمردين الأكراد، وقُتل فيها 13 رهينة تركية في عملية إنقاذ فاشلة، فيما يرى مراقبون في الخطوة استهدافا لأكراد الداخل بعد فشل تعقبهم في الخارج.

وأعلن مكتب المدعي العام في أنقرة أنه “فتح تحقيقا بحق النائبة ديريت ديلان تاسدمير بشأن انتمائها إلى منظمة إرهابية”. واتهم وزير الداخلية التركي سليمان صويلو النائبة تاسدمير، عضو حزب الشعوب الديمقراطي المؤيد للأكراد، بزيارة مدينة غارا في شمال العراق، حيث نفذت أنقرة مؤخرًا عملية ضد حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه منظمة إرهابية.

وفقًا لصويلو، قال عضو سابق في حزب العمال الكردستاني استسلم للسلطات إنه تم تجنيده من قبل نائب سابق من حزب الشعوب الديمقراطي، ورافقته تاسدمير من حزب الشعوب الديمقراطي في السيارة التي نقلته من غارا إلى قنديل، المنطقة الجبلية في العراق حيث ينشط حزب العمال الكردستاني. وأضاف “حزب الشعوب الديمقراطي هو حزب المنظمة الإرهابية. ممثلوه المنتخبون ليست لديهم شخصية سياسية. إنهم رهائن لدى حزب العمال الكردستاني”.

واتهمت تركيا الأسبوع الماضي حزب العمال الكردستاني بإعدام 13 تركيا، معظمهم من الجنود وعناصر قوات الأمن، كان يحتجزهم في شمال العراق منذ سنوات. وأقرّ حزب العمال الكردستاني بمقتل مجموعة سجناء لكنه نفى رواية أنقرة، مؤكداً أنهم قتلوا بضربات جوية تركية.

وكثف مقتل الرهائن الضغط على الأوساط المؤيدة للأكراد في تركيا، ولاسيما حزب الشعوب الديمقراطي أكبر أحزاب المعارضة. ويعتبر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان حزب الشعوب الديمقراطي بأنه “الواجهة السياسية” لحزب العمال الكردستاني وتم اعتقال العشرات من مسؤوليه ونوابه منذ عام 2016، مما أثار قلق الدول الغربية.

سليمان صويلو: نواب حزب الشعوب الديمقراطي يمثلون المنظمة الإرهابية

وأجريت تحقيقات مع عدد كبير من أعضاء الحزب البارزين وحوكموا وسجنوا بتهم الإرهاب. وزعيم الحزب السابق صلاح الدين دميرطاش وهو من أبرز السياسيين الأتراك، مسجون منذ أكثر من أربع سنوات بتهم تصفها المعارضة بالكيدية والانتقامية.

ولا يزال السياسي الكردي خلف القضبان على الرغم من عدّة أوامر قضائية بالإفراج عنه، من قبل المحاكم التركية والمحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، ويواجه عقوبة تصل إلى 142 عامًا في السجن.

ودعت المحكمة الأوروبية في 22 ديسمبر تركيا إلى الإفراج الفوري عن دميرطاش وقالت إنه لا يوجد دليل يربط أفعال دميرطاش بالجرائم المزعومة المتعلقة بالإرهاب، والتي تمّ الاستشهاد بها كأساس لاستمرار احتجازه.

ومنذ العام 1984 يشن حزب العمال الكردستاني، تمردا في جنوب شرق تركيا الذي تسكنه أغلبية كردية. ولقي أكثر من 40 ألفا حتفهم في الصراع. وفي الآونة الأخيرة ركزت تركيا قتالها ضد حزب العمال الكردستاني في شمال العراق حيث معقل الحزب في جبال قنديل.

وشنت الأجهزة الأمنية التركية في الأيام الأخيرة حملة أمنية اعتقلت خلالها أكثر من 700 من المواطنين الأكراد بعد العملية الأمنية الفاشلة في شمال العراق. ويُرجح على نطاق واسع أن الرئيس التركي يحاول استغلال تداعيات تلك العملية وتوظيفها لجهة تضييق الخناق على معارضيه الذين انتقدوا فشله في تحرير الرهائن الأتراك وأيضا للتغطية على تلك النكسة التي تعتبر ضربة موجعة لأردوغان الذي يكابد لترميم شعبيته المتهاوية.

ومنذ آخر انتخابات تشريعية في يونيو 2015 وبعد أن انتزع حزب الشعوب الديمقراطي فوزا يعتبر ساحقا بعد 3 سنوات من تأسيس الحزب وتخطيه عتبة الـ10 في المئة من الأصوات المطلوبة لدخول البرلمان (حصل حينها على نسبة 13 في المئة) لأول مرة منذ ما يزيد عن عقد، أصبح الحزب يمثل كابوسا بالنسبة لأردوغان، فقد حرم فوز الحزب المؤيد للأكراد حينها حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، من الأغلبية البرلمانية المريحة. ومنذ ذلك التاريخ يتعرض الحزب ونوابه والأعضاء فيه إلى حملة أمنية شرسة ومعظم الملاحقات القضائية بحقهم تتعلق بتهم الإرهاب أو الدعاية للإرهاب.

وضمن جهود حكومية على ما يبدو لتفكيك الحزب وربما حظره لاحقاً، قدّمت وزارة الداخلية التركية طلبات لرفع الحصانات البرلمانية عن تسعة نواب من حزب الشعوب الديمقراطي، بما في ذلك الرئيس المشارك بيرفين بولدان، وذلك بسبب دورهم المزعوم في سلسلة من احتجاجات الشوارع في عام 2014، والتي يطلق عليها اسم احتجاجات كوباني، للتحذير من اقتحام تنظيم الدولة الإسلامية داعش لمدينة عين العرب السورية.

وقد يواجه نواب حزب الشعوب الديمقراطي، فاطمة كرتولان، وغارو بايلان، وهودا كايا، وميرال دانيش بشتاش، وحكي ساروهان أولوتش، وسربيل كمالباي، وسيزاي تميلي، وبيرو دوندار، وبيرفين بولدان، المحاكمة فيما إذا اكتملت إجراءات رفع الحصانات عنهم من خلال تصويت البرلمان على الطلبات التي تُعتبر أساسية لوزارة العدل لبدء الإجراءات اللازمة.

وفي وقت سابق أيّدت محكمة النقض التركية حكما بسجن عضو في البرلمان من حزب الشعوب الديمقراطي، عمر فاروق جرجرلي أوغلو، بتهم الإرهاب مما يفتح الطريق أمام إسقاط عضويته البرلمانية.

الأجهزة الأمنية التركية شنت في الأيام الأخيرة حملة أمنية اعتقلت خلالها أكثر من 700 من المواطنين الأكراد بعد العملية الأمنية الفاشلة في شمال العراق

وفي العام الماضي تم إسقاط عضوية البرلمان عن اثنين من أعضاء الحزب، وهو ثالث أكبر الأحزاب تمثيلا في البرلمان، بعد أن صار حكمان صادران ضدهما نهائيين. وفي 30 ديسمبر، أعدّ مكتب المدعي العام في أنقرة لائحة اتهام ضدّ 108 من أعضاء حزب الشعوب الديمقراطي، بما في ذلك الرئيس المشارك السابق المسجون دميرطاش والنواب التسعة.

وقد اتهم المشتبه بهم بارتكاب جرائم مختلفة، منها القتل من الدرجة الأولى والشروع في القتل والسرقة والتحريض على العنف وانتهاك سلامة الدولة.

وخلال الفترة من 6 ولغاية 8 أكتوبر 2014، قُتل ما لا يقل عن 34 شخصًا في احتجاجات ضدّ حصار تنظيم داعش الإرهابي لمدينة عين العرب (كوباني) الكردية السورية، في ظلّ صمت الرئيس التركي وموافقته الضمنية، وقد امتدت الاحتجاجات إلى عدّة محافظات في أنحاء تركيا.

5