المغربي محمد الأشعري شاعر الحرية يتوّج بجائزة الأركانة العالمية للشعر

الشاعر محمد الأشعري يحرص على تحصين قصيدته من كل تجريد ذهني وصون حيويتها وديناميتها استنادا إلى تجربة تنصت لنبْض اليومي ولمتغيرات الحياة الحديثة.
الاثنين 2021/02/22
شاعر كرس قصيدته لكشف المجهول

الرباط- فاز الشاعر المغربي محمد الأشعري بجائزة الأركانة العالمية للشعر للعام 2020، التي يمنحها سنويا بيت الشعر في المغرب، بشراكة مع مؤسسة الرعاية لصندوق الإيداع والتدبير، وبتعاون مع وزارة الثقافة.

وذكر بلاغ بيت الشعر بالمغرب أن جائزة الأركانة العالمية للشعر في دورتها الـ15، التي اجتمعت لجنة تحكيمها بالرباط، آلت إلى الشاعر محمد الأشعري الذي “أسهمت قصيدته، منذ أكثر من أربعة عقود، في ترسيخ الكتابة بوصفها مقاومة تروم توسيع أحياز الحرية في اللغة وفي الحياة، عبر ممارسة شعرية اتخذت من الحرية أفقا ومدار انشغال”.

محمد الأشعري يدعو إلى ضرورة إقامة حوار بين الشعر وباقي أشكال الكتابة والإبداع، والفلسفة أيضا

 وأشار البيان إلى أن لجنة تحكيم الجائزة لهذه السنة، ترأسها الشاعر نجيب خداري، وضمت كلا من الناقد عبدالرحمن طنكول، والناقد خالد بلقاسم، والشعراء حسن نجمي الأمين العام للجائزة، ورشيد المومني وعبدالسلام المساوي ونبيل منصر ومراد القادري.

 واعتبر بيت الشعر أن “قصيدة الشاعر الأشعري، التي يجسد مسارها أطوار وعي القصيدة المغربية المعاصرة بذاتها وبأزمنتها الشعرية، عملت على تحرير مساحات في اللغة لصالح القيم ولصالح الحياة، وذلك بتحرير هذه المساحات من النزوع التقليدي المحافظ الذي يشل الحياة بشل اللغة وتقليص مناطق مجهولها”.

وأضاف أن قصيدة الأشعري “ظلت وفية لما يوسع أفق الحرية في الكتابة وبالكتابة، باعتبار هذه الحرية مقاومة باللغة، بما جعل الانحياز إلى هذا الأفق، في منجزه النصي، ذا وجوه عديدة؛ منها التصدي بطرائق مختلفة للتقليد ولتضييق الحياة، والارتقاء باللغة إلى صفائها الشعري، وتمكين الجسد من حصته الحرة في بناء اللغة وفي بناء المعنى، وتحضير الكلمة الشعرية لأن تقتات مجهول الجسد، احتفاء به وبالحياة، وانتصارا للحرية التي هي ما يمنحهما المعنى”.

قصيدة محمد الأشعري تحرر مساحات في اللغة ويجسد مسارها أطوار وعي القصيدة المغربية المعاصرة بذاتها

وأشار البيان إلى أهمية التفاعل الشعري لمحمد الأشعري مع الحياة الحرة في أدق التفاصيل؛ في اليومي وفي العابر وفي المتغير بوجه عام.

مضيفا أن الشاعر حرص دوما على تحصين قصيدته من كل تجريد ذهني، وعلى صون حيويتها وديناميتها استنادا إلى تجربة تنصت لنبْض اليومي ولمتغيرات الحياة الحديثة ولانشغالات الإنسان وقلقه، وتنصت، في الآن ذاته، للمنجز الشعري العالمي، بما أمّن لقصيدته خلفيتها المعرفية، دون أن تتحول هذه الخلفية إلى تجريد، لأن الأشعري انحاز إلى شعر المعنى وفق معتبرا أن الشعر يقيم لا في اللامعنى بل بين المعنى واللامعنى، اعتمادا على لغة عربية حديثة قائمة على صفاء شعري.

وتجدر الإشارة إلى أنه صدرت للشاعر محمد الأشعري المجاميع الشعرية التالية “صهيل الخيل الجريحة”، 1978، “عينان بسعة الحلم”، 1982، “يومية النار والسفر”، 1983، “سيرة المطر”، 1988، “مائيات”، 1994، “سرير لعزلة السنبلة”، 1998، “حكايات صخرية”، 2000، “قصائد نائية”، 2006، “أجنحة بيضاء… في قدميها”، 2007، “يباب لا يقتل أحدا”، 2011، “كتاب الشظايا”، 2012، “جمرة قرب عش الكلمات”، 2017 .

وقد كتب الأشعري السرد فقدم في القصة القصيرة مجموعته “يوم صعب” 1992، تلاها عدد من الروايات نذكر منها “جنوب الروح”، 1996، “القوس والفراشة” 2010، “علبة الأسماء” 2015.

ورغم اتجاهه إلى كتابة السرد لم يتخل الأشعري عن مشروعه الشعري، إذ يؤكد على أن الشعر هو جوهر كل كتابة أدبية، على أساس أن “الطموح الأساس في عملية الكتابة لا يتمثل في مجرد بناء نص ملائم للجنس الأدبي الذي ينتمي إليه، وإنما يكمن في بناء رؤية شعرية داخله”.

ويرى الأشعري، الذي شغل منصب وزير الثقافة والاتصال سابقا، والروائي المتوج بجائزة البوكر العربية سنة 2011، أننا نعثر على الكثير من الشعر في مجالات غير مجال القصيدة، مثل اللوحة والسينما والمسرح، بل و”حتى في بعض الكتب الفكرية والنظرية، نصادف انبثاقات شعرية”.

قصيدة الشاعر الأشعري التي يجسد مسارها أطوار وعي القصيدة المغربية المعاصرة بذاتها وبأزمنتها الشعرية، عملت على تحرير مساحات في اللغة لصالح القيم ولصالح الحياة

ودعا الأشعري أكثر من مرة إلى ضرورة إقامة حوار بين الشعر وباقي أشكال الكتابة والإبداع، والفلسفة أيضا، متوقفا، مثلا، عند ذلك الحوار الخلاق الذي قام بين الشعر والفلسفة في ألمانيا، بما أغنى الشعرية الألمانية الحديثة والمعاصرة، إلى غير ذلك من صيغ الحوار بين الشعر والتشكيل، أو الشعر والسينما، أو الشعر والمسرح، في تجارب إنسانية عالمية.

وبصرف النظر عن كتابة الشعر أو الرواية، يقول الأشعري ليس هاجس الأجناس الأدبية هو ما يهم، بل إن الأسئلة التي تهمني، هي “تلك المرتبطة بالزمن، وبالتناقضات التي نعيشها.. ما يهمني هو التأمل في التغيير، وما يتبدى على أنه تغيير، وما هو بتغيير”.

15