مسلسل يرسم صورة رهيبة للمخرج الأميركي وودي آلن

يجد المخرج السينمائي الأميركي وودي آلن نفسه مرة أخرى عالقا في عاصفة الاتهامات بالتحرش الجنسي، فبعد أن اتهمته ابنته بالتبني وابنة طليقته ميا فارو في وقت سابق بالاعتداء عليها جنسيا، وهو ما سارع المخرج إلى نفيه، ها هو اليوم أمام مسلسل تلفزيوني يكشف خفايا كثيرة من حياته وعمله.
نيويورك - بدأ الأحد عرض مسلسل وثائقي على شبكة “إتش.بي.أو” بعنوان “آلن ضد فارو” يرسم صورة رهيبة للمخرج الأميركي الحائز على جائزة أوسكار وودي آلن، إذ يقدم العمل العديد من الشهادات في قضية الاعتداء الجنسي التي اتهمته ابنته بالتبني ديلان فارو بارتكابها عندما كانت في السابعة من العمر.
ومع أن المسلسل المؤلف من أربعة أجزاء مدة كل واحد منها ساعة واحدة، لا يكشف أي أسرار جديدة، إلا أنه سيلطخ بالتأكيد سمعة المخرج المخضرم في نيويورك.
قضية مستمرة
يخوض المخرجان المعروفان بأفلامهما الوثائقية كيربي ديك وإيمي زيرينغ في ماضي آلن مستخدمين شهادات ووثائق قانونية، بعضها لم تنشر من قبل، للبحث بشكل أعمق في هذه القضية.
وكانت ابنة آلن بالتبني فارو اتهمت المخرج بالاعتداء عليها جنسيا في 1992 عندما كانت في سن السابعة، وهي اتهامات ينفيها المخرج الأميركي باستمرار.
ويربط الوثائقي بين الاعتداء الجنسي المفترض على ديلان وعلاقة آلن بابنة شريكته السابقة ميا فارو بالتبني سون يي بريفين التي أصبحت زوجته، لكنه يشير بشكل عام إلى انجذاب المخرج إلى الفتيات الصغيرات.
ويستشهد الوثائقي بوثائق محكمة وشهادات تشير إلى أن آلن أقام علاقات جنسية مع سون يي عندما كانت قاصرا.
المسلسل يتمحور حول التواطؤ ونفوذ الشهرة والقدرة على التلاعب وطريقة رؤيتنا لقضية التحرش التي تكررت كثيرا
وتبلغ سون يي من العمر حاليا 50 عاما وقد التقت آلن عندما كانت تبلغ 16 عاما، علما أن المخرج يكبرها بـ35 سنة.
وإضافة إلى هذه العناصر المزعجة، يطرح مسلسل “آلن ضد فارو” سعي آلن إلى التلاعب خصوصا بالصحافة، للتقليل من شأن الاتهامات وتشويه سمعة ميا فارو.
ويأتي المسلسل بعد أن أعيد فتح هذا الملف إعلاميا إثر ولادة حركة “أنا أيضا” وتشجيع ضحايا التحرش الجنسي على الكلام. وعلى الرغم من أن المحكمة لم تدنه لا بل برأته مرتين، فإن البعض لا يزال مقتنعا بأن الرجل متحرش.
ويشير الوثائقي إلى أنه قد يكون أخرج التحقيقين الرسميين في القضية عن مسارهما، إذ لم يؤد أي منهما إلى مثوله أمام القضاء وتوجيه اتهامات له.
وعلى نطاق أوسع، يستنكر الوثائقي ثقافة الهيمنة الذكورية التي كانت سائدة قبل حركة “أنا أيضا” والتي سمحت للرجال الذين يملكون نفوذا في مجال الأعمال الاستعراضية وغيرها من المجالات بإساءة استخدام مناصبهم مع الإفلات من العقاب، وأحيانا بمعرفة نظرائهم.
وسيكون لوثائقي “آلن ضد فارو” صدى خاص في فرنسا حيث سيبث الشهر المقبل على شبكة “أو.سي.إس” وسط سلسلة من الادعاءات الأخيرة المتعلقة بالتحرش تورطت فيها العديد من الشخصيات العامة.
التواطؤ والنفوذ
يوضح المخرجان زيرينغ وديك أيضا كيف استمر آلن كونيغسبرغ وهو الاسم الحقيقي للمخرج في الاستفادة من الدعم الثابت لبعض أبرز الشخصيات في عالم السينما بعد الادعاءات، بينما حرمت مايا فارو من الأدوار وأصبحت على حد قولها شخصية غير مرغوب فيها في هوليوود.
ولم يبدأ الممثلون والممثلات الابتعاد عن المخرج الثمانيني إلا في العام 2017، بعد نشر مقال افتتاحي بقلم ديلان فارو بدعم من شقيقها رونان، وهو صحافي أصبح بطل حركة “أنا أيضا”.
بالنسبة إلى المخرج كيربي ديك، تمتد رسالة الوثائقي إلى ما هو أبعد من آلن، مع أنها تحمل اسمه. وقال في مقابلة معه إن “الأمر لا يتعلق به”.
وأوضحت إيمي زيرينغ “إنه يتحدث عن نظام” موضحة أن “هذا المسلسل يتمحور حول التواطؤ ونفوذ الشهرة والقدرة على التلاعب وطريقة رؤيتنا لمسألة تكررت بشكل كبير”.
ويغوص الوثائقي أيضا في عالم ديلان فارو التي عبّرت عن نفسها بطريقة غير مسبوقة ومازالت بعد مرور ثلاثين عاما تقريبا تظهر علامات صدمة عميقة.
وقالت “هناك الكثير من المعلومات المضللة، الكثير من الأكاذيب. شككوا بي ووضعوني تحت المجهر. تعرضت للإذلال”. فيما تمكن والدها بالتبني “من الهرب ببساطة من هذه الفوضى”.
لكن، يبقى هناك غياب كبير لآلن خلال هذه الساعات الأربع من الاتهامات القاسية، رغم دمج مقتطفات من الكتاب الصوتي الذي قرأه المخرج من سيرته الذاتية الصادرة سنة 2020 بعنوان “عن لا شيء”.
ويضم “عن لا شيء” كتابين في كتاب واحد: الأول يروي فيه آلن ذكريات طفولته، على غرار ما صوره في فيلميه “زمن الراديو” و”وردة القاهرة القرمزية”، بحيث يستعيد طفولته في بروكلين.
أما النصف الثاني من الكتاب فهو أكثر سوداوية ويعكس مرارة الكاتب. إنه أشبه بلائحة اتهامات. ينكر آلن الاتهامات الموجهة إليه جملة وتفصيلا، لا بل يتهم ميا فارو بأنها كانت على علاقة غير صحية مع أحد أبنائها من زواج سابق، حتى أنها عاملت بعض أطفالها بشكل سيء وأن اثنين منهما انتحرا.
وليست هناك أي شهادة تناقض ما ورد في المسلسل الجديد لأنه لا زوجته سون يي ولا ابنه بالتبني موزيز وكلاهما دافع عنه في الماضي، قبلا بالمشاركة في الوثائقي.
ولم يستجب آلن لاتصالات معه للتعليق حول هذا العمل.
وقال ديك “أعتقد أن الكثير من الناس، عندما يرون هذا الوثائقي، حتى الأشخاص الذين يدافعون الآن عن آلن، سيغيرون رأيهم أو سيروا الأمور بطريقة مختلفة تماما”.