هل يحيل كورونا عازفي الفرق النحاسية على التقاعد

استحالة العزف لكسب المال وغياب القدرة على إقامة التدريبات أبرز التحديات أمام الفرق النحاسية البريطانية.
السبت 2021/02/20
غياب القدرة حتى على مجرّد إقامة التدريبات

تتعرض الفرق النحاسية البريطانية إلى تهديدات جدية بالاندثار جراء الإغلاق المتكرر للحد من انتشار فايروس كورونا، فتشديد التدابير أدى إلى توقف التمرينات الموسيقية والحفلات، رغم محاولات بعض الفرق الصمود بالعزف أمام جمهور افتراضي.

لندن - تواجه الفرق النحاسية البريطانية خطر الاضمحلال بسبب جائحة فايروس كورونا والقيود المرتبطة بها، بعدما كانت هذه الفرق على مدى عقود في صلب الحياة في المناطق المنجمية.

وليست فرقة “غريمثورب كولييري باند”، من منطقة جنوب يوركشر في شمال إنجلترا، وهي أشهر هذه الفرق، بمنأى عن هذا الخطر.

وأوضح مديرها أندرو كو أن “المسألة تتعلق حقا ببقاء الفرقة.. نحن على حافة الهاوية، ولا شك في أن المال سينقصنا هذا الصيف”.

ولا تعد هذه المرة الأولى التي تمرّ الفرق النحاسية في مناطق التعدين بأوقات عصيبة، فهذه الفرق المشهورة بزيها الملون والمعروفة بالمنافسة الشرسة في ما بينها، سبق أن شهدت أزمة خلال إضرابات 1984-1985 ضد إغلاق المناجم.

وقصة فرقة “غريمثورب كولييري باند” التي تأسست عام 1917، جسّدها على الشاشة الكبيرة عام 1996 فيلم “براسد أوف” من بطولة إيوان ماكغريغور.

ويروي مدير “غريمثورب كولييري باند” أن الفرق النحاسية شهدت تحولا خلال حقبة حكم رئيسة الوزراء البريطانية السابقة مارغريت تاتشر من 1979 إلى 1990.

ويذكّر بأن “الكثير منها غاب للأسف بسبب الضغط الشديد الذي تعرضت له”.

لكن المشكلة خلال الوباء تختلف، فما يلقي بثقله على الفرق النحاسية ليس إغلاق المناجم ولا صرف العمال، بل استحالة العزف لكسب المال، وغياب القدرة حتى على مجرّد إقامة التدريبات.

وتحولت الفرق بعد نضوب الأموال في مارس الماضي، إلى اعتماد التمويل التشاركي على الإنترنت.

وبلغ إجمالي المبالغ المجموعة إلى اليوم أكثر من 140 ألف جنيه إسترليني (196 ألف دولار) تحت رعاية جمعية “براس باندز إنغلند” التي تعنى بدعم الفرق النحاسية. وحصلت الجمعية كذلك على 227 ألف جنيه من صندوق دعم الثقافة.

وأنفقت الحكومة البريطانية ما مجموعه 1.6 مليار جنيه إسترليني لدعم القطاع الثقافي خلال الجائحة.

وشكّلت هذه المساعدة جرعة أكسجين ضرورية لبعض الفرق الموسيقية، سواء كانت مشهورة كفرقة “غريمثورب” أو مغمورة.

ويلاحظ المدير العام لجمعية “براس باندز إنغلند” كيني كروكستون أن هذه الفرق “على شفير الانقراض بسبب انعدام الإيرادات”.

Thumbnail

وبعثت التراجعات المتتالية عن القيود الهادفة إلى الحد من انتشار الفايروس آمالا زائفة مرارا وتكرارا. ويقول كروكستون في هذا الصدد “مشكلتنا الكبرى هي التخبط”.

وفي الصيف الماضي، شهدت بعض المناطق تخفيفا للقيود، مما سمح للفرق النحاسية بالعزف أمام جمهور، مع التزام تدابير التباعد.

وأشار كروكستون إلى أن “فرقا كثيرة أنفقت أموالا وبذلت جهدا كبيرا للاستحصال على قاعات وتركيب شاشات، وتحسين وسائل التهوية، لمجرد التمكن من الاجتماع، ولو جزئيا”.

لكنّ تشديد التدابير مجددا، وتطبيق الحجر الثالث منذ مطلع يناير الماضي، أدى إلى توقف التمرينات الموسيقية، ولم يتضح بعد متى ستعاود التدريبات والحفلات.

وتشعر الفرق النحاسية بالإضافة إلى الصعوبات المالية، بالقلق أيضا في شأن التأثير الطويل المدى للوباء على الحياة المحلية.

وعند مدخل ساندباتش في شمال غرب إنجلترا، تنتصب لافتة تشير إلى أنها مدينة فرقة “فودن براس باند” النحاسية الشهيرة عالميا.

وقال مديرها مارك ويلكينسون الذي يعزف ضمن صفوف الفرقة منذ 29 عاما، إنها في صلب الحياة الاجتماعية.

وتقدّم الفرقة التي تأسست عام 1900 في الأوقات العادية، نحو 30 حفلة في السنة وتتدرب كل ثلاثاء وخميس لمدة ساعتين.

وأضاف ويلكينسون “لدينا عمل كثير، ونقضي الكثير من الوقت معا”. وتابع “خارج الفرقة، نحن أصدقاء، وزوجاتنا صديقات. لدينا جميعا أطفال صغار أصدقاء”.

ولم يدخر ويلكينسون أي جهد لتمكين الفرقة من العزف على الإنترنت، ومن المشاركة أيضا في المسابقات للتنافس مع الفرق الأخرى في المنطقة.

ويرى أن تفويت تمثيل إنجلترا في بطولة أوروبا للفرق النحاسية في ليتوانيا في مايو الماضي كان أمرا صعبا.

أما عازف الترومبون المنفرد مدير الأوركسترا جون باربر، فيفتقد هو الآخر العزف، ويقول “عندما يعزف 25 أو 26 شخصا على خشبة المسرح، لا تعود قوة صوت الموسيقى ونوعيتها السبب الوحيد لتعلّق العازف بمهنته، بل ثمة مسؤولية جماعية وفخر لكونه يمثل فرقته”.

ويشار إلى أن الفرقة النحاسية في العادات البريطانية تكون مؤلفة من 28 عازفا (من ضمنهم الطبالين).

24