"اليسار الإسلامي" يبث الفوضى في الجامعات الفرنسية

باريس- أثارت وزيرة التعليم العالي في فرنسا فريديريك فيدال موجة انتقادات من رؤساء الجامعات بعد تحذيرها من انتشار “اليسار الإسلامي” في المؤسسات الأكاديمية الفرنسية.
ومصطلح “اليسار الإسلامي” غالباً ما يستخدم في فرنسا من قبل سياسيي اليمين المتطرّف لتشويه سمعة خصومهم اليساريين المتّهمين بالتغاضي عن مخاطر التطرّف الإسلامي والإفراط في الخشية من قضايا العنصرية والهوية. وقالت فيدال “أعتقد أنّ اليسار الإسلامي ينخر مجتمعنا بأكمله، والجامعات ليست محصّنة وهي جزء من المجتمع”.
وجاءت هذه التعليقات وسط نقاش محتدم مثير للانقسام في فرنسا بشأن ما وصفه الرئيس إيمانويل ماكرون بـ”الانفصالية الإسلامية”، في إشارة إلى ما يقال عن انتهاك المسلمين للقوانين الفرنسية في المجتمعات الإسلامية المغلقة والتحريض على الهجمات الإرهابية داخل الأراضي الفرنسية.
ووافق البرلمان الفرنسي الثلاثاء على مشروع قانون متشدّد يسمح لسلطات الدولة بحظر الجماعات الدينية التي تعتبرها متطرّفة. وكان منتقدون قد اتّهموا ماكرون مؤخراً بميله إلى اليمين المتطرف قبل الانتخابات الرئاسية العام المقبل التي تظهر استطلاعات الرأي أنه من المرجح أن تكون إعادة لسباق عام 2017 مع مارين لوبن، زعيمة حزب الجبهة الوطنية المناهض للهجرة.
وتسبّب وزير الداخلية جيرالد دارمانان بحالة من عدم الارتياح داخل الحزب الوسطي الحاكم الخميس الماضي بعد اتّهامه لوبن بـ”الليونة” تجاه الإسلام خلال نقاش تلفزيوني. وفي أكتوبر الماضي، حذّر وزير التربية جان ميشال بلانكيه أيضاً من أنّ “الإسلام اليساري” يثير “الفوضى” في المؤسسات الأكاديمية الفرنسية.
وأعلنت فيدال أنها ستأمر بإجراء تحقيق في مشكلة الباحثين “الذين ينظرون إلى كل شيء من منظور السعي لإثارة التصدّع والانقسام”، والتي تشمل على حدّ قولها أولئك الذين يركّزون على قضايا الاستعمار والعرق.
لكنّ المركز الوطني للبحوث العلمية الذي كلّفته فيدال بإعداد التحقيق سارع إلى الردّ، إذ على الرّغم من موافقته على إعداد الردّ إلا أنّه دان “محاولات نزع الشرعية عن حقول من البحث مثل دراسات ما بعد الاستعمار”. وقالت فيدال في البرلمان الثلاثاء عندما طُلب منها إعطاء المزيد من الإيضاحات، إنّ التحقيق سيحدّد “ما هو البحث الأكاديمي وما هو عمل الناشط والرأي”.
وبدا المتحدث باسم الحكومة غابرييل أتال وكأنه ينأى بنفسه عن هذه الفكرة الأربعاء عندما سئل خلال مؤتمر صحافي عن وجهة نظر ماكرون من هذه القضية. وقال أتال إنّ الرئيس لديه “التزام مطلق باستقلال الباحثين الأكاديميين”، مضيفاً أنّ هذا يُعدّ “ضمانة أساسية لجمهوريتنا”.
وأثارت الحركات المناهضة للعنصرية مثل “حياة السود مهمة” التي انطلقت في الولايات المتحدة وتردّد صداها في فرنسا مخاوف من استيراد فرنسا لسياسات الهوية والعنصرية الأميركية. وهناك أيضاً جيل جديد من الناشطين الفرنسيين الشبّان الذين يرفعون الصوت حول مشكلة العنصرية في فرنسا والإرث الاستعماري للبلاد في أفريقيا والشرق الأوسط.
وتطرّق كلّ من ماكرون ووزير التعليم بلانكيه لمخاطر التركيز على مسائل العرق والتمييز العنصري التي يريان أنها تعزّز الانقسامات وتقوّض المثل العليا المؤسسة للمجتمع الموحد في فرنسا. وكان عدد من نواب حزب الجمهوريين اليميني قد طالبوا في نوفمبر بفتح تحقيق برلماني بشأن ما وصفوه بـ”التجاوزات الفكرية والعقائدية في الجامعات”.