نمو البودكاست المتسارع لن يحيل الراديو على التقاعد

الإذاعة في يومها العالمي تثبت قدرتها على الصمود والابتكار.
السبت 2021/02/13
الراديو يصلح للعصر الرقمي

يحتفل العالم باليوم العالمي للإذاعة في ظل منافسة قوية من البودكاست الذي يعتبر النسخة العصرية المتطورة من الإذاعة والأسرع نموا في العالم بفضل تنوع القضايا المطروحة وإمكانية سماعها في أي وقت، غير أن فئة ليست قليلة لا تزال تحتفظ بولائها للراديو.

الرباط - استطاعت الإذاعة الحفاظ على مكانتها رغم هيمنة وسائل الإعلام الإلكترونية ومنصات التواصل الاجتماعي، لكن اليوم ومع احتفال العالم باليوم العالمي للإذاعة يبرز البودكاست منافسا قويا يسجل كل عام رقماً جديداً ويجذب شريحة أكبر من المستمعين.

وتبرز المقارنة مع الإذاعة عند كل تقرير جديد يتحدث عن صعود البودكاست وانتشاره بفضل قدرته على تحرير المستخدمين من انتظار مواعيد البرامج بالمقارنة مع الإذاعات المباشرة، ومن الخضوع لاختياراتها المحددة واضطرارها للعمل 24 ساعة يوميًا مما يجبرها على نشر محتوى لا يتمتع دائما بالجودة لضمان استمرارية الاستماع والإعلانات.

ويرى متابعون للشأن الإعلامي أن الراديو لا يزال يحتفظ بمكانته وجمهوره حتى مع صعود البودكاست، والأمر مشابه لما حدث بين منصات الفيديو تحت الطلب والقنوات التلفزيونية التقليدية التي سجلت متابعة قياسية خلال فترة الحجر الصحي بالتوازي مع ارتفاع عدد المشتركين في منصات البث التدفقي، فلكل منهما جمهوره ومتابعوه.

وأكدت المديرة العامة لليونسكو أودري أزولاي أن “العام الماضي بيَّن مدى أهمية الإذاعة البالغة من العمر مئة وعشرة أعوام وضرورتها للمجتمعات المعاصرة”، وأبرزت قيمتها المضافة وأهميتها خاصة خلال تفشي جائحة كوفيد – 19 باعتبارها وسيلة الإعلام الأكثر شيوعا حيث يتجاوز معدل انتشارها 75 في المئة في البلدان النامية.

أودري أزولاي: الإذاعة من أكثر الوسائل استخداما في إطار التصدي للأزمات

وأضافت أزولاي أن “الإذاعة كانت من أكثر الوسائل استخداما في إطار الإجراءات التي تم اتخاذها للتصدي لهذه الأزمة الصحية”، مشيرة إلى المساعدة التي قدمتها الإذاعة من خلال بث الإرشادات الصحية وإتاحة الاطلاع على المعلومات الموثوق فيها وتفنيد الشائعات.

وأحيت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) الذكرى السنوية العاشرة لإعلان هذا اليوم العالمي وبذكرى مرور أكثر من قرن على اختراع الراديو تحت شعار “إذاعة متجددة لعالم متجدد” للتذكير بأدوارها الهامة في المجتمعات وبمواكبتها لمختلف التطورات التي طرأت عليها.

وأوضحت أزولاي أن “الإذاعة مكنت أيضا من مواصلة التعلم لدى فئات السكان التي لا يمكن الوصول إليها إلا عبرها”، مؤكدة أنها “تظل وسيلة إعلام أساسية تثبت يوميا قدرتها على الصمود فضلا عن قدرتها على الابتكار”.

وتشير أوزلاي كما العديد من التقارير الإخبارية إلى حقيقة أن تأثير الراديو أكبر في الدول النامية والمناطق المهمشة التي لا تحظى بالخدمات الجيدة ولديها ضعف في شبكة الإنترنت والبنى التحتية. كما أن الفوارق بين مستمعي الراديو والبودكاست تزداد مع مرور الوقت تبعا للشريحة العمرية.

ويقول خبراء الإعلام إن البودكاست هي المنصة الإعلامية الأسرع نموا في العالم بفضل تنوع القضايا المطروحة وإمكانية سماعها في أي وقت وليس عند البث المباشر فقط. ومعظم المستخدمين يفضلون الاستماع في المنزل أثناء القيام بمهام مختلفة مثل الطهي أو ممارسة الرياضة أو التنظيف. وتشكل مميزات الاستكمال عند نقطة التوقف والتنوع الواسع للمواضيع المثرية والبرامج المفيدة أهم أسباب هذا النمو الكبير.

وأكدت شركة “تشارتبل” المتخصصة أن البودكاست شهد ارتفاعا ملحوظا في أنحاء العالم وبمختلف اللغات خلال العام الماضي، حيث ارتفعت المنشورات بمقدار نحو ثلاثة أضعاف عما نُشِر في العام السابق.

الراديو في زمن العولمة
الراديو في زمن العولمة

وأضاف التقرير أن عدد التدوينات الصوتية زاد 17 ضعفا خلال خمس سنوات، مشيرا إلى أن عدد عمليات تحميل التدوينات تضاعف ثلاث مرات تقريبا في عام 2020 إذ زاد بنسبة 180 في المئة.

وذكرت منصة البودكاست العربي أن البودكاست هو المستقبل وجميع المؤشرات تدل على ذلك. ومع مرور كل عام نلاحظ في الاستطلاعات السنوية زيادة كبيرة في الوعي ونمو ضخم في الصناعة ككل.

وأوضحت أن معظم مستمعي البودكاست لديهم اشتراكات شهرية في خدمات مشابهة مما يؤكد أن الشريحة التي تستمع للبودكاست لديها قابلية عالية للدفع عبر الإنترنت مقابل الحصول على المحتوى. وتفيد الإحصائيات أن 60 في المئة من مستمعي البودكاست لديهم اشتراك في خدمات البث الترفيهي مثل نتفليكس أو هولو و18 في المئة لديهم اشتراك في خدمات بث الموسيقى مثل أنغامي وسبوتيفاي.

ولفت متابعون إلى أن مشهد البودكاست أصبح في الفترة الأخيرة في المنطقة أكثر تنوعاً مع تقديم أصوات جديدة ومجموعة واسعة من الموضوعات تتناول برامج حوارية تعبر عن آراء الشباب وبرامج الترفيه والثقافة والرياضة. ورغم ذلك تعد أرقام البودكاست العربي متواضعة جدا مقارنة بالمحتوى العالمي.

وأضافوا أن المعلنين والشركات لا يزالون مترددين بشأن البودكاست بالرغم من سرعة نمو السوق. وفيما يرى العديد من الشباب أن البودكاست هو المستقبل وأنه سيحيل الراديو على التقاعد، إلا أن المستمعين الأكبر سنا يبدون أكثر ولاء للراديو لاسيما أثناء ممارسة الأعمال اليدوية وقيادة السيارات.

18