الدعم الأميركي لأكراد سوريا يربك حسابات تركيا

مراقبون يتوقعون أن تربط الإدارة الأميركية الجديدة المزيد من العلاقات مع القوات الكردية في سوريا لمواجهة التدخل التركي.
السبت 2021/02/13
ملف الأكراد يعمق الخلافات بين واشنطن وأنقرة

أنقرة- تشعر تركيا بقلق كبير من الدعم العسكري الأميركي للفصائل الكردية في شمال سوريا على أمنها، رغم أن التدخل التركي عمّق الأزمة في البلد الذي يعيش على وقع الفوضى والحرب.

ودخل الملف الكردي باب السجالات بين واشنطن وأنقرة، ليضاف إلى جملة من الخلافات بين البلدين في عدد من الملفات الأخرى.

وجدد إبراهيم قالن المتحدث باسم الرئاسة التركية الخميس، مطالب بلاده بضرورة إنهاء الولايات المتحدة دعمها للمسلحين الأكراد في أول دعوة موجهة إلى إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن.

تركيا ساهمت في تأزيم الوضع في شمال سوريا، وأنها تشعر بتداعيات هذا التدخل الذي مثّل مأزقا حقيقيا للرئيس التركي مع سقوط ضحايا في صفوف الجيش التركي

وتطالب تركيا الولايات المتحدة بإيقاف دعمها للمسلحين الأكراد في سوريا، وتشير إلى العلاقة التي تجمع تلك الفصائل بمسلحي حزب العمال الكردستاني، الذين يشنون حرب عصابات ضد الجيش التركي داخل وخارج البلاد منذ عقود.

وتتخوف تركيا من أن تصل الأسلحة الأميركية التي تستعملها قوات سوريا الديمقراطية ووحدات حماية الشعب الكردي إلى مسلحي حزب العمال الكردستاني، ما يمثل تهديدا لأرواح جنودها.

لكن إدارة بايدن بدورها تطالب تركيا بكبح جماح تدخلها في سوريا، ودعم بعض الفصائل المتهمة بالتطرف. ومن المنتظر أن يمارس بايدن المزيد من الضغوط في هذا الجانب على الحكومة التركية.

وكان الجيش التركي نفذ عملية عسكرية في شمال سوريا لملاحقة المسلحين الأكراد بالتعاون مع عدد من المجموعات المسلحة الموالية له في أكتوبر 2019، ما أثار انتقادات دولية وعربية ووسط صمت أميركي مدفوع بالتقارب بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب.

واتهمت منظمات حقوقية الجيش التركي بتنفيذ جرائم ضد المدنيين الأكراد في عدد من المناطق.

ويرى مراقبون أن الإدارة الأميركية الجديدة ستربط المزيد من العلاقات مع القوات الكردية في سوريا لمواجهة التدخل التركي، خاصة وأن بايدن عبر مرارا عن رفضه القاطع للتدخل العسكري التركي في سوريا والعراق وليبيا وشرق المتوسط.

إبراهيم قالن يجدد مطالب بلاده بضرورة إنهاء الولايات المتحدة دعمها للمسلحين الأكراد
إبراهيم قالن يجدد مطالب بلاده بضرورة إنهاء الولايات المتحدة دعمها للمسلحين الأكراد

وليس التقارب بين الأكراد والولايات المتحدة وحده ما يخيف الحكومة التركية، حيث اتهمت أنقرة موسكو بربط صلات مع المسلحين الأكراد في سوريا والعمل على التقريب بينهم وبين قوات الحكومة السورية.

وكانت وحدات حماية الشعب الكردية أوقفت حصارها الشهر الحالي على بعض الأحياء، التي تقع تحت سيطرة القوات الحكومية السورية في محافظتي القامشلي والحسكة برعاية روسية.

وتخضع معظم أحياء أكبر مدينتين في شمال شرق سوريا لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية، منذ أن سلمت القوات السورية السيطرة للأكراد في السنوات الأولى من الصراع المستمر منذ نحو عشر سنوات، للتفرغ لقتال المسلحين الذين يسعون للإطاحة بالرئيس بشار الأسد.

واتهم الأسد في الأشهر الأخيرة وحدات حماية الشعب الكردية بالخيانة ومساعدة واشنطن في وضع يدها على إنتاج النفط والقمح في البلاد.

وتتهم وحدات حماية الشعب دمشق بالسعي لإعادة المناطق التي تسيطر عليها إلى سنوات القمع، التي شهدت تمييزا ضد الأقلية الكردية في ظل حكم الحزب الواحد الذي يتبنى القومية العربية.

ورغم التفاهمات بين روسيا وتركيا بخصوص إعادة الهدوء إلى شمال سوريا وخفض التوتر، إلا أن بعض المناطق التي يسيطر عليها الأتراك وحلفاؤهم تشهد تفجيرات واشتباكات، ما يشير إلى فشل الجيش التركي في الحفاظ على الاستقرار داخل مناطق سيطرته.

ويجمع مراقبون على أن تركيا ساهمت في تأزيم الوضع في شمال سوريا، وأنها تشعر بتداعيات هذا التدخل الذي مثّل مأزقا حقيقيا للرئيس التركي مع سقوط ضحايا في صفوف الجيش التركي بين الفترة والأخرى.

5