قضايا النساء ورقة لابتزاز السعودية مجددا

منصات التواصل منحت النساء في المجتمع السعودي المحافظ المزيد من الحرية للتعبير عن أنفسهن والمطالبة بسن قوانين صارمة لحمايتهن من العنف.
الثلاثاء 2021/02/02
إصرار وتغيير

كشف فتاة لتفاصيل "جريمة شرف" راحت ضحيتها أختها على يدي شقيقيها يثير جدلا واسعا في السعودية. لكن محاولة إنهاء الجدل جاءت بمفعول عكسي أدى إلى انتشار القضية أكثر على تويتر وفي الإعلام العالمي هذه المرة.

الرياض- أثار حبس فتاة سعودية تدعى منال، بعد كشفها على حسابها على تويتر جريمة راحت ضحيتها شقيقتها التي تدعى قمر على يد شقيقيها، جدلا واسعا تجاوز المغردين السعوديين إلى الإعلام العالمي.

وانتشرت على نطاق واسع على تويتر عدة هاشتاغات صعدت للترند على غرار #حبسوا_منال_أخت_المغدورة_قمر  و#أنقذوا_منال أخت_قمر باللغة العربية، كما انتشر هاشتاغ آخر باللغة الإنجليزية بعنوان #SaveManalQamarsSister.

 ونشرت مواقع إعلامية غربية تفاصيل القضية مسلطة الضوء على “العنف الذي تتعرض له السعوديات”. ونقل موقع عن بعض المغردين قولهم “توقفوا عن إسكات السعوديات، لا يمكنكم الترويج لصورة مزيفة عن تمكين المرأة في السعودية من خلال إجبار النساء على توقيع تعهدات بعدم نشر الحقيقة على مواقع التواصل الاجتماعي”.

كما أبرز موقع آخر تغريدة لينا الهذلول، شقيقة الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول، جاء فيها “لقد سئمت من قراءة مثل هذه الأخبار التي تحدث كل يوم في
السعودية”. ويذكر أن القضية بدأت حين نشرت منال صورة لعلامة يد ملطخة بالدماء، وقالت إنها تعود لشقيقتها الضحية قمر وغردت:

na_277a@

يا رب_الطف_بحال_قمر استودعتك الله انظر عيني يا رب الطف بحالنا.

ثم نشرت مقطع فيديو آخر لوالدتها وهي تصرخ بعد العثور على جثتها. وبحسب وكالة الأنباء السعودية، أكد بيان للشرطة “العثور على جثمان القتيلة مدفونا بمنطقة صحراوية تبعد مسافة 10 كيلومترات عن محافظة الخرج”. وأضاف أنّه “تم إلقاء القبض على مواطنين في العقد الثالث من العمر، للاشتباه في تورطهما بملابسات اختفائها ووفاتها، ويجري استكمال الإجراءات الأولية النظامية بحقهما تمهيدا لإحالتهما إلى النيابة العامة”.ولم يشر البيان إلى قمر بالاسم.

وقالت منال شقيقة قمر إن سبب مقتلها هو أن حسابها بتطبيق سنابشات عام وليس خاصا.  وأشارت إلى أن قمر (27 عاما) تعمل موظفة، وأن شقيقها أحمد (26 عاما) هو المخطط للجريمة، بينما كان شقيقهم الأصغر ناصر (20 عاما) هو المُنفذ.

وتحت هاشتاغي #المغدورة_قمر_نطالب_بالقصاص، و#حق_قمر_يا سيدي_محمد_بن_سلمان عبّر مغردون عن غضبهم مما حدث لقمر. وبعد توقف قصير على تويتر عادت منال وغردت “صباح الخير، أنا بخير وتركت القضية للقانون”. ثم عادت لتطالب المغردين بعدم تداول القضية ونشر هاشتاغات في عدة تغريدات. وكتبت في إحداها:

ولكن بعد اختفائها القصير و”تغير خطابها”، قال مغردون إن الشرطة حبست منال وسحبت هاتفها لتوقف الجدل المرتبط بالقضية على مواقع التواصل الاجتماعي، في رواية لم تتحقق “العرب” من صحتها بصفة مستقلة مما أدى إلى إعادة تداول  هاشتاغ #SaveManalQamarsSister على نطاق واسع على تويتر. وقال مغرد:

Ahmeeddd44@

-مهم: دي أم منال وقمر. منال حبست بالسجن في الوقت الحالي. أمها بتناشدكم. أمها في المستشفى حاليا من الألم. بنتها ماتت على يد أخواتها. بنتها الثانية اتقبض عليها بتهمة إنها بتناضل عشان حق أختها… وخدوا هاتفها منها وهي لسه في قسم “الخرج”. #حبسو_منال_أخت_المغدورة_قمر.

وكتبت مغردة:

sarrazine80@

#حبسو_منال_أخت_المغدورة_قمر هذه هي روابطكم الأسرية اللي خايفين عليها من التفكك صح؟ هذه هي منظومتكم الأخلاقية اللي خايفين عليها من الانهيار؟ هذه هي قيمكم الثقافية والدينية اللي خايفين عليها من التغريب؟

وقال حساب:

وفي سياق آخر، يرى مغردون أن من يسمونهم “أعداء المملكة” متربصون على تويتر ويحاولون النيل منها خارجيا عبر هذه القضية. ويؤكد سعوديون أن “التشهير في بعض القضايا هدفه اتهام وتحميل الذنب للحكومة السعودية”. ولطالما استغلت قضايا النساء وتحولت إلى منصات لانطلاق هجومات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان على السعودية أحرجتها عالميا.

ويقول سعوديون إن “البيانات يجب أن تكون واضحة”، كما يطالبون بـ“الابتعاد عن سياسة التعتيم حتى لا تأول القضايا وتحمل ما لا تحتمل”.

وتتجه السعوديات إلى مواقع التواصل الاجتماعي للتبليغ عن تعرضهن للعنف. وتنشط عدة هاشتاغات مشابهة لقضية قمر بين الفترة والأخرى. وتطالب مغردات بسن قوانين صارمة لحمايتهن من العنف. وقال مغرد:

ويتولى مركز بلاغات العنف الأسري 1919 في السعودية متابعة حالات العنف الأسري والشكاوى التي تتقدم بها النساء. لكن سعوديات يقلن إن المركز “لا يقوم بدوره كما يجب ولا يتخذ ما يتلاءم من إجراءات مع ممارسي العنف الأسري”. كذلك ترى الفتيات المعنفات أن مصيرهن الإيداع في دور الرعاية الاجتماعية. وتقول وسائل إعلام عالمية إن السعودية شهدت خلال السنوات القليلة الماضية نشاطا ضخما للنساء على مواقع التواصل الاجتماعي خاصة تويتر.

وقدمت السعوديات درسا في الإصرار، إذ تغيّرت صورة المرأة السعودية تدريجيا في مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام العربي وحتى العالمي، لتتحوّل من ربة منزل مطيعة إلى امرأة أكثر استقلالية ضمن رؤية 2030. وأثمرت حملات تويتر الحصول على جزء مهم من حقوقهن.لكن تلك المساحة من الحرية لا تعجب المحافظين. وتقول منيرة الناهض، باحثة، في جامعة روتجرز، “نحن نعرف أن قادتنا يراقبون الموقع”.

19