معرض "الريشة الذهبية" يكرّم منير الحجي رائد الفن التراثي

شكّلت لوحات الفنان منير الحجي مرجعية لكل عاشق للمملكة العربية السعودية وتراثها، دوّن عبر ريشته وطنه وتاريخه وثقافته، فلكل لوحة تاريخ ولكل رسم حكاية. ولأنه رسّام التاريخ المنفتح على المستقبل رغم احتفائه بالماضي، وقع تكريمه في معرض الريشة الذهبية بقاعة الهنوف في كورنيش الدمام، كاعتراف بمسيرة فنان استلهم من بيئة وطنه وتضاريسه مفرداته الفنية ليحلّق بها بعيدا في رحاب العالمية.
الدمام (السعودية) – في لمسة وفاء وعرفان بالجميل، كرّم مؤخرا معرض الريشة الذهبية الذي تستضيفه قاعة الهنوف بكورنيش الدمام، في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، الفنان التشكيلي السعودي منير الحجي، وذلك تقديرا لمسيرته الفنية وإسهاماته وجهوده البارزة والمخلصة من أجل إثراء المشهد الثقافي والتشكيلي في المملكة.
ويقول مصطفى درويش، المشرف على معرض الريشة الذهبية، “إن حفل التكريم جرى وسط مشاعر جياشة، ودموع ولحظات مؤثرة عاشها الفنان المُكرّم، والمشاركون في حفل التكريم الذي أقيم برعاية عبدالعزيز خالد الحميدان، رئيس مؤسسة تسكين، وحشد من الفنانين والفنانات بينهم: فرحة آل سالم، وسعدية الحمود، وعبدالعظيم آل شلي، ومنصور الحمود، الذي رسم بورتريها خاصا أهداه للفنان منير الحجي”.
والفنان منير الحجي هو أحد رواد الحركة التشكيلية السعودية، وله الكثير من الإسهامات والمشاركات والمعارض الخاصة والمشتركة داخل مدن المملكة وفي الكثير من بلدان العالم التي طافها من أجل التعرّف على شتى أنماط الفنون والمدارس التشكيلية في بيئات وثقافات متنوعة.
وإلى جانب معارضه الخاصة في السعودية، أقام الحجي معارض شخصية في فلوريدا بالولايات المتحدة، وفي العاصمة البريطانية لندن، وفي كندا، وفي البحرين، كما شارك في معارض وملتقيات فنية في العديد من بلدان العالم مثل المغرب وتركيا والبرازيل.
وشارك في تأسيس وعضوية الكثير من الجماعات والمؤسسات الفنية والثقافية داخل السعودية وخارجها، كما نال العشرات من الجوائز والتكريمات المحلية والدولية.
وإلى جانب انتشار لوحاته كمقتنيات خاصة لدى أفراد ومؤسسات في المملكة العربية السعودية، والعديد من بلدان العالم، يمتلك الحجي مرسما خاصا به يشبه الكنز الفني من اللوحات والأعمال التشكيلية التي تنتمي إلى مدارس فنية متنوعة.
ويتفرّد الفنان السعودي بأنه قد طبع آلاف البوسترات من لوحاته التشكيلية، وزّعت في الكثير من البلدان في كل قارات العالم.
وكما أعطى الحجي الكثير من اهتمامه ووقته وجهده من أجل إثراء تجربته الفنية، منح أيضا الكثير من الجهد والعطاء من أجل إثراء المشهد التشكيلي داخل المملكة العربية السعودية، وفي كل الوطن العربي.
وهو يحظى بشعبية كبيرة في المنطقة الشرقية بالمملكة العربية السعودية، حيث ولد في مدينة القطيف، وتمتد شعبيته في الأوساط الفنية والثقافية إلى كافة أنحاء وطنه، إضافة إلى علاقاته الواسعة مع الفنانين والمؤسسات الفنية في الوطن العربي وخارجه.
ويرتبط الفنان السعودي بعلاقة خاصة مع فرشاته ولوحاته، وهي علاقة فنان امتلك أدواته الفنية في سن مبكرة، وطاف العديد من بلدان العالم، من أجل اكتساب ثقافات وخبرات فنية مكّنته من أن يكون في الصفوف الأولى بين رواد الفن التشكيلي السعودي والعربي والدولي أيضا.
ويخصّص الحجي الكثير من وقته لدعم ورعاية المعارض الفنية، وخاصة تلك المعارض التي تهتمّ بالوجوه التشكيلية السعودية الشابة والجديدة التي يقدم لها الدعم والمشورة الفنية، وينقل إليها خبراته. وهي خبرات كبيرة اكتسبها الفنان السعودي على مدار عقود من ممارسته للفنون التشكيلية واحتكاكه المباشر بالكثير من الفنانين واطلاعه على شتى المدارس الفنية في المملكة العربية السعودية والوطن العربي والعالم.
ويقول الحجي عن تفاصيل عوالمه الخاصة عند ممارسته للفن التشكيلي، بأن العلاقة بينه وبين أدواته الفنية مثل الفرشاة واللوحة والألوان، هي “علاقة مودة ومحبة باللوحة وكل ما له صلة بالرسم”، وأن تلك العلاقة التي بدأت تقوى تجمعه بلوحاته وأدواته، وبالمكان والزمان وما يقتنيه من أيقونات فنية خلال زياراته للمتاحف والمتاجر في إطار سعيه إلى التطوير والتجديد في ممارسته للفنون التشكيلية.
وعن الأساليب الفنية التي اعتمدها، يقول “بدأت بالواقعية ومحاكاة الطبيعة من حولي عبر الرسم بالألوان الزيتية، كما اعتمدت الأساليب التكعيبية، وهي محاولة مني لكسر أسلوب التصوير الفوتوغرافي وتغييره، وكذلك اعتمدت أسلوب اللمسات الكبيرة للفرشة، مثل التنقيطية، ولكن تحت مساحات مختلفة”.
كما اتجه الحجي في فترة من مساره الفني الممتد لأكثر من خمسة عقود إلى اعتماد الألوان المائية التي يراها “عالما آخر مختلفا تماما، أساليبه الواقعية رائعة النتائج لكنها صعبة الممارسة، حيث يستغرق إنهاء اللوحة وقتا طويلا”. ويضيف “لي تجارب بدأت بالأساليب المعاصرة الحديثة، وهي عبارة عن مساحات لونية…، وهي تجريب في ملامس السطوح”.
وإلى جانب ذلك اتجه مؤخرا إلى التخصّص في رسم الزخارف الجصية لمنطقة الخليج بأسلوب حديث يتداخل مع خامات بيئية مثل الخوصيات وجذوع النخل والليف وغير ذلك.
وهو في ذلك يحاول بين كل أسلوب وآخر اكتشاف أفكار وتجارب جديدة لم يتطرّق إليها من قبل، فخرج بعضها إلى الضوء في حين لم يكتب لبعضها الآخر الخروج من شرنقته.
ويعمل الفنان منير الحجي مدرّسا للتربية الفنية، وله معرض دائم في جامعة فلوريدا الأميركية يضم حوالي أربعين لوحة، وحصل على العديد من الجوائز منها نيله أربع مرات متتالية الجائزة الأولى في جامعة الملك فيصل، كما طبعت لوحاته بأحجام مختلفة ووزّعت دوليًّا.