المغرب يدعم العقارات الاجتماعية لتقليص الفجوة السكنية

خطة حكومية تستهدف تأمين السكن اللائق وضمان العدالة المجالية.
الأربعاء 2021/01/13
من هنا تصنع الطبقية

تطرح الفجوة السكنية تحديات مضاعفة أمام المغرب، حيث تعاني العديد من الأسر من انعدام السكن اللائق في ظل وضعياتها الاقتصادية الهشة، ما دفع الحكومة إلى ضبط خطة لضمان العدالة المجالية وتأمين وصول السكن الاجتماعي إلى محدودي الدخل وردم التفاوت الطبقي.

الرباط – ركزت الحكومة المغربية جهودها على تشجيع السكن الاجتماعي لتخفيف الأعباء على محدودي الدخل والطبقات الهشة، وذلك من خلال تفعيل برنامج حكومي يهدف إلى تقليص الفجوة السكنية وفق مقاربة تضمن العدالة المجالية.

وتهدف الخطة الحكومية إلى تقليص الفجوة السكنية إلى 200 ألف وحدة من خلال اعتماد مقاربة مندمجة – تشاركية وتعاقدية وتشاورية بين إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة والقطاعات المعنية.

نزهة بوشارب: الفجوة السكنية قلصناها من 1.2 مليون وحدة إلى 380 ألفا فقط
نزهة بوشارب: الفجوة السكنية قلصناها من 1.2 مليون وحدة إلى 380 ألفا فقط

وأشارت نزهة بوشارب، وزيرة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة، إلى أنه “تم في هذا الإطار التنسيق مع وزارة الداخلية على الصعيد الوطني والإقليمي والمحلي، مما مكن من تقليص معدل الفجوة السكنية حاليا من 1.2 مليون إلى حوالي 380 ألف وحدة.”

وأشار بدر كانوني، رئيس مجلس الإدارة الجماعية لمجموعة العمران العقارية (حكومية)، إلى أن المجموعة بذلت جهودا حثيثة في مجال القضاء على السكن غير اللائق، وإيجاد مساكن للأسر محدودة الدخل والنهوض بالسكن الاجتماعي وتقليص الفجوة في السكن.

وأكد كانوني أن المجموعة تطمح إلى ترسيخ مكانتها كشركة نموذجية في المسؤولية الاجتماعية، وذلك من خلال المساهمة الفعالة في دعم نموذج جديد للتنمية وإنعاش الاقتصاد الوطني.

وبيّن البرلماني صالح المالوكي أن “السكن الاجتماعي حقق أهدافا مهمة، لكن مازالت هناك صعوبات ومشاكل أولها أن كل المدن والمراكز الحضرية لم تستفد من هذا البرنامج.” وتابع أن هذا النقص يتطلب إقرار العدالة المجالية لضمان وصول السكن الاجتماعي، وذلك عن طريق استمرار الدعم الحكومي على صعيد مختلف مناطق المملكة.

وأجمع خبراء العقارات على أهمية الشراكة وحشد جهود كافة الفاعلين في القطاع لإزالة العقبات وإعطاء دينامية جديدة لإنتاج السكن الاجتماعي بالقدر الكافي وبالجودة المطلوبة مع الوضع في الاعتبار القدرات المالية للفئات الاجتماعية المستهدفة والجودة المنتظرة من طرفها.

وبخصوص السكن منخفض التكلفة أكدت بوشارب، أنه تم إنجاز 28 ألف وحدة على المستوى الوطني منذ بداية هذا البرنامج، 56 في المئة منها توجد بجهة الرباط – سلا -القنيطرة، فيما تم إنجاز حوالي 500 ألف وحدة من السكن الاجتماعي على المستوى الوطني، منها 37 ألف وحدة سكنية توجد على مستوى عمالة – الصخيرات.

وتم تخصيص السكن منخفض التكلفة للعائلات التي لا يتجاوز دخلها الإجمالي الحد الأدنى للأجور، شريطة أن يتم استغلالها كسكن رئيسي للمستفيدين. كما يمكن للذين يقطنون في دور الصفيح والمناطق غير المناسبة للعيش الكريم الاستفادة من الشقق التي تبلغ تكلفتها 140 ألف دولار والتي تتراوح مساحتها ما بين 50 و60 مترا مربعا.

ولتشجيع المطورين على الاستثمار في القطاع العقاري الهادف إلى تحسن أوضاع العيش لفائدة محدودي الدخل، يستفيد المستثمرون والمنعشون العقاريون من إعفاءات في ما يخص ضريبة الشركات وضريبة الدخل وضريبة القيمة المضافة ورسوم التسجيل.

ولاحظ المجلس الأعلى للحسابات بخصوص المحور المتعلق بنجاعة آليات إنتاج السكن الاجتماعي، تعبئة كبيرة للعقارات العمومية لصالح السكن مقابل تخصيص نسبة ضئيلة منها للسكن الاجتماعي. كما لاحظ أيضا محدودية استغلال الوعاء العقاري المعبأ والنقائص اللافتة في التدبير والتتبع ومراقبة عمليات السكن الاجتماعي.

بدر كانوني: جهود حثيثة بذلناها للقضاء على السكن غير اللائق
بدر كانوني: جهود حثيثة بذلناها للقضاء على السكن غير اللائق

وقال عبدالواحد فكرت، الخبير في التنمية المستدامة والمدير العام لشركة أنتكرال إدفايس، إن البرامج التي وضعتها الوزارة المعنية تهدف إلى لضمان الانتقال نحو نموذج المدينة المستدامة والجامعة، لاسيما تحسين ظروف السكن للأسر ضعيفة الدخل وتخفيف الفجوة المرتبطة بالسكن وتحسين الولوج إلى خدمات القرب أو اعتماد مقاربات الاستدامة في مشاريع الإسكان.

وأكد رئيس الحكومة سعدالدين العثماني، بخصوص العمل الذي تقوم به الحكومة في مجال تعميم السكن اللائق، أن السياسات العمومية المنتهجة في مجال السكن مكنت من تقليص الفجوة السكنية من 1.240 مليون وحدة سكنية عام 2002 إلى نحو 400 ألف وحدة سكنية خلال العام 2017.

وجعل البرنامج الحكومي من بين أهدافه الاستمرار في تقليص هذا الفجوة إلى 200 ألف وحدة سكنية في أفق سنة 2021، من خلال إعداد 160 ألف وحدة سنويا.

ونظرا لارتباط توفير السكن الاجتماعي بحركية قطاع البناء، فقد أظهرت الأرقام النهائية لسنة 2020 أن هذا القطاع تأثر كثيرا بجائحة كورونا وتراجع بما يناهز 10.1 في المئة مثلما يبدو ذلك من حجم استهلاك الإسمنت. ولم يسجل القطاع مثل هذا التراجع خلال الثلاثين سنة الأخيرة رغم مختلف الأزمات التي مر بها، ويتوقع أن يكون هذا القطاع قد فقد ما يناهز 1.6 مليار دولار من الاستثمارات و50 ألف وظيفة.

وأكد الخبير الاقتصادي إدريس الفينة، أن إعادة الحيوية لقطاع البناء أمر ضروري خلال الفترة المقبلة ولا يكون ذلك إلا عبر الاستثمار في البنى والتجهيزات العمومية وتحريك قطاع بناء المساكن، وهذا لا يتطلب بالضرورة تمويلات إضافية بل إجراءات تحفيزية ترفع تدفقات الاستثمارات الخاصة نحو هذا القطاع.

ولتحقيق الحاجة إلى وضع سكن ميسر للجميع ويضمن ظروفا معيشية مناسبة للأسر، مثلما ترى الحكومة، أوصى المجلس الأعلى للحسابات الحكومة في آخر تقرير صادر عنه في توجيه للوزارة المكلفة بقطاع الإسكان، بتحسين الأداء ومعالجة بعض النواقص التي تحول دون التحكّم الجيد في البرامج العمومية، خاصة تلك المتعلقة بمحاربة السكن غير اللائق.

11