خطة إيرانية شاملة لإحكام القبضة الأمنية على الإنترنت

قوات الباسيج تنشئ منصات تواصل محلية للتوجيه السياسي.
الاثنين 2021/01/11
الحرس يحرس الإنترنت أيضا

باتت وسائل التواصل الاجتماعي وشبكة الإنترنت المتنفس الوحيد للإيرانيين للتعبير عن آرائهم وترتيب تحركاتهم بعيدا عن قبضة الحرس الثوري. وهذا ما دفع قوات الباسيج لتطوير أساليب المواجهة بنقلها إلى الفضاء الافتراضي.

طهران - أعلن محمد رضا تويسركاني، ممثل مرشد الجمهورية الإسلامية الإيرانية آية الله علي خامنئي في الباسيج (قوات شبه عسكرية تابعة للحرس الثوري الإيراني) أن 150 ألف طالب علوم دينية أنشأوا عدة آلاف من الحسابات في مواقع التواصل الاجتماعي بغاية التوجيه السياسي للشباب، في خطوة تشير إلى تآكل تبريرات النظام الذي دأب على إلقاء مسؤولية فشله على أعداء الخارج واستكمال إحكام القبضة الأمنية على الإنترنت.

وقال تويسركاني إن هناك “خطة تم بموجبها إنشاء عدة آلاف من القنوات في الفضاء الإلكتروني”، مضيفا أن هذه الشبكة هي للتوجيه السياسي لقوات الباسيج في جميع الأوقات.

وشدد ممثل خامنئي في الباسيج “يجب على رجال الدين في الباسيج أن يظهروا للناس أن الإسلام ورجال الدين ليسوا مسؤولين عن الفقر والحرمان ومتاعب المجتمع، وأن الأداء السيء لعدد قليل من الطلاب والدعاية واسعة النطاق للعدو أدّيا إلى تشويه صورة رجال الدين”.

ويرى مراقبون أن النظام الإيراني يسعى من خلال هذه الخطوة إلى إعادة تدوير أجنداته التي لم تعد تجد آذانا صاغية خاصة لدى الشباب الذي قاد احتجاجات ضد أركان الحكم في العديد من المناسبات.

وشهدت إيران احتجاجات مطلبية عارمة سنة 2019 سرعان ما تحولت إلى المطالبة بإسقاط النظام، تبلورت الدعوات إليها في بداية الأمر على شبكات التواصل الاجتماعي.

وتحاول السلطات الإيرانية، منذ سنوات، فرض رقابة على مواقع التواصل الاجتماعي أو منع استخدام موقعي فيسبوك وتويتر، فيما 53 في المئة من سكان إيران البالغ عددهم 80 مليون نسمة، مشتركون في شبكات التواصل الاجتماعي رغم سياسة الحظر المتبعة في البلاد.

ولا تزال المخاوف من تجدّد الاحتجاجات تعصف بالشارع الإيراني، بعدما أطلّت برأسها مع الدعوات للتظاهر بمناسبة الذكرى الأولى لاحتجاجات 2019، ما دفع على ما يبدو السلطات في إيران إلى تعزيز قبضتها الأمنيّة على الإنترنت.

محمد رضا تويسركاني: علينا أن نظهر أن رجال الدين ليسوا مسؤولين عن متاعب المجتمع
محمد رضا تويسركاني: علينا أن نظهر أن رجال الدين ليسوا مسؤولين عن متاعب المجتمع

ويخشى كثيرون من أن تعطيل البرامج على مواقع الإنترنت يأتي ضمن توجه السلطات لفرض شبكة إنترنت تُدار من قبل الجمهورية الإيرانية وقد تم الإعلان عنها مؤخرا وتعرف بشبكة الإنترنت الوطنية.

ونشرت وسائل الإعلام الحكومية في إيران أجزاء من خطة “شبكة الإنترنت الوطنية”، وذلك بعد أسابيع قليلة من الموافقة على هذه الخطة في المجلس الأعلى للفضاء السيبراني الإيراني، في خطوة تعزل الإيرانيين عن شبكة الإنترنت العالمية.

وبحسب أجزاء من هذه الخطة، فإن تنفيذ “شبكة الإنترنت الوطنية” سيكون على شكل “21 مكونا وإجراءات بنية تحتية” و”30 خدمة”.

ومن بين البنود المذكورة في قائمة خدمات شبكة الإنترنت الوطنية “إنشاء محرك بحث داخلي، وتطبيقات مراسلة، وشبكة اجتماعية داخلية، وتسجيل النشطاء، ونظام تشغيل داخلي، وبريد إلكتروني داخلي ومتصفح داخلي”.

ومن بين الأهداف المحددة “توفير نظام تشغيل داخلي آمن للجوّال، والحصول على 20 في المئة على الأقل من حصة سوق الهواتف الذكية، مع نظام تشغيل داخلي من قبل الشركات المصنعة المحلية”.

كما أن الخطة تهدف أيضا إلى تعزيز قدرة الأجهزة الأمنية وإنفاذ القانون والهيئات القضائية في الرقابة على المعلومات، وتحديد ومكافحة الانتهاكات والجرائم المنظمة في الفضاء الإلكتروني، بمعدل لا يقل عن 25 في المئة سنويا.

وكان محمد جواد آذري جهرمي وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الإيراني، قد أعلن سابقا أنه في حالة واحدة فقط، تم إنفاق أكثر من 100 ألف مليار تومان على تطوير البنية التحتية لشبكة الإنترنت الوطنية. ويعادل هذا المبلغ 26 ضعف ميزانية وزارة الاتصالات، و66 ضعف ميزانية وزارة التراث الثقافي والسياحة الإيرانية في عام واحد.

وقبل ذلك استحدثت إيران نظاما واسعا للرقابة على الإنترنت، يعرف باسم “الفلترة”، وقد شبه بجدار الصين.

ويمنع نظام الفلترة المستخدمين من الوصول إلى معظم الشبكات الاجتماعية المعروفة مثل فيسبوك، تويتر ويوتيوب، إضافة إلى منافذ الأخبار الدولية بما فيها شبكة بي.بي.سي.

ويعتقد مراقبون أن السلطات الإيرانية تريد أن تخطو خطوة أخرى في قمعها للإنترنت، وبدل “قائمة سوداء” للمواقع المحظورة، ستكون هناك “قائمة بيضاء” للمواقع المسموح بها فقط.

وقال ماشا عليمرداني من منظمة حقوق الإنسان، إن هذا النهج سيكون “تماشيا مع المؤشرات المقلقة” التي تشير إلى أن السلطات الإيرانية تريد تقييد وصول الناس، على أساس مهنهم وظروفهم الاجتماعية، إلى الإنترنت غير الخاضع للرقابة.

ولجأت السلطات الإيرانية إلى وقف خدمات الإنترنت لاحتواء التغطية داخل وخارج إيران حول ما يحصل في الشارع من قمع وحشي بعيدا عن تبادل صور أو فيديوهات خاصة للأحداث.

وتواجه طهران تحديات جمة من التضخم الجامح والركود إلى البطالة وتقلص موائد المواطنين، وبسبب تزاحم هذه المشكلات، يتوجس النظام من انتفاضة شعبية عارمة.

وقال محمد رضا باهنر النائب السابق لرئيس البرلمان الإيراني، إنه إذا لم يتمكن مسؤولو النظام الإيراني من “إنهاء” الاحتجاجات، فإن الأحداث “تتجه نحو ثورة لا يمكن السيطرة عليها على الإطلاق”.

5