عيش الطفل فاقد السند داخل أسرة يحميه من النرجسية

واشنطن - توصلت دراسة أميركية إلى أن الطفل المتبني عندما ينشأ في أسرة، فإن ذلك يحميه من النرجسية، مقارنة بالأطفال الذين يتربون في دور الرعاية ويتم العطف عليهم بالمال والزيارات فقط.
وقال مؤلف الدراسة الصادرة عن جامعة جورجيا آسبن ستاربيرد، إن الدراسة قدمت استبيانا لـ71 شخصا متبنّيا و59 طفلا تم تبنيهم بشكل مؤقت و207 أفراد ممن لم يتم تبنيهم نهائيا، من أميركا الجنوبية وأميركا الوسطى وأوروبا وآسيا، وتمحورت الأسئلة حول تجاربهم الطفولية الإيجابية وأنماط تفكيرهم.
وأوضح أن النتائج أقرّت بأن الأطفال الذين عاشوا تجربة التبني سابقا تذكروا تجارب إيجابية قليلة في طفولتهم، والمتبنين كانت لديهم تجارب إيجابية أكثر، أما من لم يتم تبنيهم فكانت تجاربهم الإيجابية نادرة.
ولفت إلى أن الأطفال غير المتبنين اتضحت لديهم مشاعر خاصة بالتعلق غير الآمن ويشعرون بالخوف من الاعتماد على الآخرين، وأن هناك من يستغلهم من أجل احتياجاته، كما أنهم يحسّون بأن لا قيمة لهم، على عكس من تم تبنيهم وعاشوا سنوات في أسرة.
وأشار ستاربيرد إلى أن نتائج الدراسة التي نشرت في مجلة “إساءة معاملة الأطفال وإهمالهم” الاجتماعية العلمية، كشفت أيضا أن النرجسية كانت أقل شيوعا بين الأطفال المتبنين والمتبنين السابقين، وأكثر انتشارا عن الذين لا يمتلكون تجارب إيجابية كثيرة في طفولتهم.
وأكد مؤلف الدراسة، أن النتائج أظهرت كيف يمكن أن تؤثر التربية في أسرة على نجاح الأطفال في المستقبل وحمايتهم من بعض الأمراض النفسية.
الكثير من المجتمعات ترى أن نظام الأسر البديلة التي تقوم بتربية الطفل اليتيم والمحروم من الأبوين، من أهم برامج رعاية الأطفال حيث إنها من الممكن أن تحقق الكثير من النتائج الإيجابية
وقال المشرفون على الدراسة إن أبحاثا سابقة وجدت أدلة على أن بيئات الطفولة المحرومة مرتبطة بالنرجسية في مرحلة البلوغ، إلا أن القليل من الدراسات فحصت ما إذا كان هذا صحيحا بالنسبة للأطفال المتبنين والأطفال الذين عاشوا في أسر بديلة.
وأوضح ستاربيرد أن الأشخاص الذين يتم تبنيهم لم يتم التركيز عليهم بشكل كاف في الدراسات والبحوث النفسية بصفة عامة، وتابع قائلا “بعد بضعة أشهر من البحث في المنشورات المختلفة، تساءلنا عما إذا كانت نظرية التعلق والذكريات المبكرة يمكن أن تكون عاملا يؤثر على سمات الشخصية”.
وقال ستاربيرد لـموقع “بسيبوست”، “تسلط النتائج الجديدة الضوء على الأهمية الأساسية لرعاية تجارب الطفولة بالنسبة لفاقدي السند أو أهمية هذه التجارب المبكرة بشكل عام وتأثيرها على نجاحهم على المدى الطويل، لاسيما عندما يتعلق الأمر بسمات الشخصية المتكاملة وعلم النفس الاجتماعي”.
وأكدت العديد من الدراسات أن الأسر البديلة تلعب دورا فعالا في اندماج الطفل فاقد السند في المجتمع وتساهم في توازنه النفسي والعاطفي، وذلك بانتهاجها مجموعة من الأساليب التربوية، مشيرة إلى أن العلاقات الأسرية والبيئة الاجتماعية المحيطة بالطفل تلعب دورا كبيرا في توثيق بناء الأسرة وتقوية التماسك بين أعضائها وتزويده بقيم المجتمع واتجاهاته، وكذلك إكسابه المعارف والمهارات اللازمة وإيصاله إلى مرحلة التكامل والاستقلال، من أجل استمرار توافقه بصورة إيجابية مع الحياة الاجتماعية.
وترى الكثير من المجتمعات ومن بينها المجتمعات العربية أن نظام الأسر البديلة التي تقوم بتربية الطفل اليتيم أو مجهول النسب والمحروم من الأبوين، من أهم برامج رعاية الأطفال فاقدي السند، حيث إنها من الممكن أن تحقق الكثير من النتائج الإيجابية بالنسبة للطفل في حال الاختيار المناسب لهذه الأسر ليتم تعويض الطفل تربويا ونفسيا، إذا كانت مهيأة لتربية الطفل اجتماعيا وتربويا ونفسيا.
وتسعى دول عربية إلى التوسع في هذه المنظومة باعتبارها أحد أشكال الرعاية التي تتيح فرصة أكبر لدمج فاقدي السند داخل المجتمع، وتوفير بيئة طبيعية للطفل داخل أسرة طبيعية تتكون من أب وأم بعيدا عن المؤسسات.