هل لتركيا نوايا صادقة لفتح صفحة جديدة مع أوروبا

أنقرة - من المنتظر أن يتوجه وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إلى بروكسل في الحادي والعشرين من يناير الجاري في زيارة عمل قال إنها تهدف إلى بدء صفحة جديدة مع الاتحاد الأوروبي، فيما شكك دبلوماسيون غربيون في صدقية الخطوة التركية نظرا لسجل أنقرة الحافل بالمراوغات الدبلوماسية.
وقال جاويش أوغلو الأحد إنه “يتطلع إلى زيارة بروكسل لإجراء حوار صادق”، في وقت تنامت فيه التوترات بين بروكسل وأنقرة على عدة أصعدة بداية من شرق المتوسط إلى السياسات التركية التوسعية في كل من سوريا وليبيا وناغورني قره باغ.
ويرى مراقبون في التصريحات التركية عودة إلى اللعب على حبال الشد والجذب في مسألة العلاقة مع أوروبا، وخاصة أن أنقرة نكثت تعهداتها في وقت سابق بتخفيف التوتر شرق المتوسط لتفادي العقوبات الأوروبية وعادت بعد تفاديها إلى سلوكها العدواني، ما يشكك في مصداقيتها.
وسبق لتركيا أن تعهدت بتخفيف التوتر مع اليونان وقبرص بسبب أنشطة التنقيب عن الغاز شرق المتوسط وسحبت سفن التنقيب من المياه الإقليمية التابعة لأثينا ونيقوسيا، ما مكنها من تفادي عقوبات أوروبية، لكن تلك التعهدات لم تصمد طويلا حتى أعادت أنقرة سفن تنقيبها.
ويؤكد هؤلاء على ضرورة تقييد أنقرة بتعهدات واضحة لا رجعة فيها، من أجل مغادرة مناخ عدم الثقة الذي يهيمن على العلاقات بين تركيا والاتحاد الأوروبي.
ويقول زينوناس تزياراس، الباحث في مركز “بريو” في نيقوسيا، “إذا أرادت تركيا أن تسعى إلى إعادة ضبط حقيقية للعلاقات مع شركائها الغربيين، فهناك الكثير مما يمكن أن تفعله لتحقيق هذا الهدف، لكن ذلك يتطلب منها رغبة صادقة”.
وتعززت الثقة المهزوزة في علاقات تركيا بالاتحاد الأوروبي جراء استفزازات أنقرة ومواقفها المتأرجحة التي يريد من خلالها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن يعادي الغرب ويضرب مصالحه من جهة، ومن حهة ثانية يريد التحالف معه إلى درجة الاندماج الكامل.
وكانت فرنسا قد قادت مطلع ديسمبر جهود الاتحاد الأوروبي لفرض عقوبات تمهيدية على تركيا، على أن يتم فرض عقوبات مشددة أكثر في مارس المقبل في ضوء التقييم الأوروبي لسلوك أنقرة في شرق المتوسط.
ولا يستبعد محللون أن تأتي الاندفاعة التركية لتجاوز الخلافات مع أوروبا في سياق إعادة تدوير خطاب التهدئة، الذي يحتكم إليه أردوغان كلما انحسر أمامه هامش المناورة لتفادي عقوبات أوروبية أكثر قسوة.
ويشير هؤلاء أيضا إلى أن المتغيرات الإقليمية -خاصة اتفاق السلام العربي الإسرائيلي- والدولية -إثر وصول جو بادين إلى البيت الأبيض- تدفع أنقرة إلى بحث سبل التطبيع مع خصومها لتفادي عزلة باتت تلوح في الأفق.
ويقول الكاتب برهان الدين دوران إن “التوترات بين تركيا والاتحاد الأوروبي بشأن تهديد الأخير بفرض عقوبات لم تنته بعد ، وأمام الطرفين ثلاثة أشهر أخرى لحل خلافاتهما”.
ويشير دوران إلى أن القادة الأوروبيين يريدون أيضا تنسيق الجهود مع الولايات المتحدة في ما يتعلق بتركيا وشرق البحر المتوسط، مما يعني أنهم يفضلون انتظار تسلم بايدن السلطة.
ويؤكد الكاتب أنه خلال الأشهر المقبلة ستقرر الحكومات الغربية البنية الجديدة لـ”التحالف الغربي” وطبيعة تحالفها مع تركيا، حيث سيرتكز هذا القرار أساسا على الواقعية الجيوسياسية عند مواجهة أردوغان.
وكان أردوغان أكد السبت أن الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي من أولويات أنقرة السياسية، حيث تعتبر تركيا أن مستقبلها مرتبط بالأسرة الأوروبية.
وشدد الرئيس التركي، في لقاء افتراضي مع رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لايين، على أهمية استئناف القمم الدورية بين تركيا والاتحاد الأوروبي، معربا عن رغبته في فتح صفحة جديدة في علاقة أنقرة بأوروبا مع بداية العام الجديد.