الولايات المتحدة تصعّد من حربها ضد ختان الإناث

قانون يعزز الجهود العالمية للقضاء على تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية.
السبت 2021/01/09
ممارسة لاإنسانية

عززت الولايات المتحدة الحظر المفروض على تشويه الأعضاء التناسلية للإناث من خلال فرض عقوبات أكثر صرامة وتسهيل الملاحقات القضائية ضد ممارسي هذه العادة. وهي خطوة يأمل النشطاء في أن تعزز الجهود العالمية للقضاء على هذه الممارسة.

واشنطن - شدّدت الولايات المتحدة حظرها على “الممارسة المقيتة” المتمثلة في تشويه الأعضاء التناسلية للإناث، في خطوة يأمل نشطاء أن تعزز الجهود المبذولة لإنهاء طقس قديم فرض على الملايين من الفتيات في جميع أنحاء العالم.

وكانت الولايات المتحدة قد حظرت بالفعل هذه الطقوس على نطاق واسع، والتي يعود تاريخها إلى أكثر من ألفي عام. لكن الحظر الأول واجه عقبة قانونية غير متوقعة. لذلك، تحركت لتشديد الصياغة هذا الأسبوع.

وقالت ماريا طاهر، من منظمة تعنى بوقف ختان النساء والفتيات لمؤسسة تومسون رويترز، الخميس “هذه أخبار رائعة. أنا سعيدة. فهذا أمر مهم لحماية الأجيال القادمة من الفتيات في الولايات المتحدة من هذه الممارسة الضارة، وآمل أن يحفز الدول الأخرى على إصدار قوانينها الخاصة”.

وينص القانون الذي وقعه الرئيس دونالد ترامب، الثلاثاء، على أن الولايات المتحدة يجب أن تقود الطريق، واصفا تشويه الأعضاء التناسلية للإناث بأنه “شكل من أشكال إساءة معاملة الأطفال، والتمييز بين الجنسين، والعنف”.

وتقدر مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها أن أكثر من نصف مليون فتاة وامرأة في الولايات المتحدة قد خضعن أو يتعرضن لخطر تشويه الأعضاء التناسلية. وعلى مستوى العالم، تم ختان أكثر من مئتي مليون فتاة وامرأة، غالبا باسم الدين أو التقاليد، وفقا لبيانات الأمم المتحدة.

أثر مضاعف

Thumbnail

سيمكّن “قانون وقف تشويه الأعضاء التناسلية لسنة 2020” السلطات الفيدرالية من مقاضاة الأشخاص الذين يمارسون تشويه الأعضاء التناسلية أو يتآمرون على ممارسته، وزيادة الحد الأقصى لعقوبة السجن من خمس إلى عشر سنوات. وسيتعين على الوكالات الحكومية تقديم تقرير إلى الكونغرس بشأن العدد التقديري للنساء والفتيات اللاتي تعرضن أو يتعرضن لخطر تشويه الأعضاء التناسلية، وعن الجهود المبذولة لمنع هذه الممارسة.

وعلى الرغم من أن الكونغرس أقر قانونا ضد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في 1996، إلا أن محاولات مقاضاة طبيب متهم بتشويه تسع فتيات في ديترويت انهارت في 2018 عندما حكم قاض اتحادي في ولاية ميشيغان بأن القانون غير دستوري، وقال إنها قضية ولاية.

وكانت القضية أول محاولة لمقاضاة ممارسي تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بموجب القانون الاتحادي. ويسد القانون الجديد الثغرة ويوسع نطاق الجرائم التي يعاقب عليها القانون في ما يتعلق بتشويه الأعضاء التناسلية.

وهناك اتجاه متزايد لختان الإناث طبيا، لاسيما في مصر وغينيا وكينيا ونيجيريا والسودان. وتعهد قادة العالم بإنهاء تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بحلول سنة 2030، لكن هذه الممارسة لا تزال شائعة كما كانت قبل ثلاثين عاما في الصومال ومالي وغامبيا وغينيا بيساو وتشاد والسنغال. ومن بين الدول التي تفتقر إلى القوانين نجد سيراليون وليبيريا والصومال ومالي والهند.

وقالت ديفيا سرينيفاسان، الخبيرة القانونية في تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في منظمة “المساواة الآن” العالمية، إن القانون الجديد سيسهل على الحكومة الأميركية إقناع الدول الأخرى بالتحرك. وأضافت أن إنهاء هذه الممارسة هو جزء من سياسة الولايات المتحدة الخارجية، مما يزيد من أهمية أن يكون لديها قانون قوي حول هذه الممارسة.

وحث النشطاء الولايات الأميركية الإحدى عشرة التي لا تتمتع بقوانينها الخاصة ضد تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على سن تشريعات مماثلة بسرعة.

وترتبط هذه الممارسة عادة بحوالي ثلاثين دولة، معظمها في أفريقيا، لكن الدراسات تشير إلى أنها موجودة في مجتمعات في حوالي خمسين دولة.

وتقوم الطقوس، التي غالبا ما تكون مبرّرة بأسباب ثقافية أو دينية، على أساس الرغبة في السيطرة على النشاط الجنسي الأنثوي. وعادة ما ينطوي تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية على الإزالة الجزئية أو الكلية للأعضاء التناسلية الخارجية. وفي بعض الحالات تتم خياطة فتحة المهبل.

ويمكن لهذ ه الممارسة أن تسبب مشاكل صحية عقلية ونفسية طويلة الأمد بما في ذلك الالتهابات المزمنة، ومشاكل في الدورة الشهرية، والعقم، ومضاعفات الحمل والولادة.

ويوجد في الصومال أعلى معدل لانتشار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في العالم (تم ختان 98 في المئة من النساء)، تليها غينيا وجيبوتي ومالي وسيراليون.

وحظرت معظم البلدان الثماني والعشرون في أفريقيا تشويه الأعضاء التناسلية، لكنها تعاني من ضعف تطبيق القانون بشكل عام. ومن الدول التي لم تصغ هذا القانون، نذكر ليبيريا ومالي وسيراليون والصومال.

وتقدّر الأمم المتحدة أن عدد الفتيات اللاتي يمكن أن يخضعن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية في العقد المقبل سيكون أكثر بمقدار مليوني فتاة عما كان متوقعا في السابق، حيث يعطل فايروس كورونا المستجد الجهود المبذولة لإنهاء هذه الممارسة.

عدد الفتيات اللاتي يمكن أن يخضعن لتشويه الأعضاء التناسلية في العقد المقبل سيكون أكثر بمقدار مليوني فتاة

وفي البلدان التي يحدث فيها تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية، ترى سبع من كل عشر نساء أن هذه الممارسة يجب أن تنتهي. وترغب نصف النساء اللاتي تعرضن للختان في إيقاف التشويه.

وسُجلت أوّل حالة لختان الإناث في الولايات المتحدة عام 2006، عندما أجرى تلك العملية مهاجر من إثيوبيا حكم عليه بالسجن لعشر سنوات لاعتدائه الوحشي على طفلته البالغة من العمر عامين بختانها مستخدما المقص.

وعلى مستوى العالم، هناك 200 مليون فتاة وامرأة مررن بتجربة الختان، وفقا لتقارير الأمم المتحدة، ويعيش نصف هذا العدد في مصر وإثيوبيا وإندونيسيا.

وأظهرت دراسة للمراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها نُشرت في وقت سابق، أن 513 ألف امرأة وفتاة في الولايات المتحدة يواجهن خطر الختان بزيادة ثلاثة أمثال في السنوات الأخيرة بسبب زيادة عدد المهاجرين من دول تمارس هذه العادة.

وكشفت دراسة حديثة أجرتها جماعات حقوقية أن إثنين وتسعين دولة على الأقل تشهد إجراء عمليات ختان للإناث، وقالت الدراسة التي أجرتها كل من “الشبكة الأوروبية لإنهاء الختان” و”الشبكة الأميركية لإنهاء الختان” ومنظمة المساواة الآن، الضوء على أن بيانات المسح الوطني التي جمعتها وكالات الأمم المتحدة في السنوات الأخيرة كانت تقلل من مدى الانتشار الحقيقي للختان حول العالم.

وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من مئتي مليون فتاة في إثنين وثلاثين دولة خضعن للختان خلال العقود الأخيرة، وذلك اعتمادا على مسوحات وطنية واسعة النطاق من تلك البلدان.

ولكن الدراسة الجديدة فحصت دراسات وطنية أصغر وتقديرات غير مباشرة لتوثيق أدلة على ممارسة الختان في ستّين دولة أخرى.

وقالت غادة خان، وهي من مؤلفي الدراسة “هناك دليل متنام على انتشار تشويه الأعضاء التناسلية للإناث في دول أكثر من التي خضعت للدراسة”، مضيفة “كنا نريد أن نسلط الضوء على حقيقة أن هذه قضية عالمية وتحدث في أرجاء العالم، وهذا يتطلب ردا عالميا”.

وكشفت الدراسة أن إثنين وثلاثين دولة معظمها في أفريقيا، لطالما عرفت بأنها بؤر ساخنة للختان، مشيرة إلى إجراء الختان في واحد وثلاثين دولة غربية من بينها الولايات المتحدة، التي تمارس فيها الجاليات المهاجرة هذه العادة.

وقالت تقارير حديثة إنه على الرغم من انتشار ختان الإناث في بعض الدول ذات الأغلبية المسلمة، إلا أن هناك طوائف أخرى تمارس الختان. وفي الولايات المتحدة، تم الكشف في السنوات الأخيرة عن العديد من حالات الختان بين النساء المسيحيات البيض.

ويمكن أن يسبب تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية مجموعة من المشاكل الصحية الجسدية والنفسية الخطيرة. وترتبط هذه الممارسة بمجموعة كبيرة من البلدان في أفريقيا. لكنها تُمارس أيضا في أجزاء من الشرق الأوسط وآسيا، ومن قبل مجتمعات الشتات في الولايات المتحدة وأوروبا وأماكن أخرى.

ولفتت الدراسات إلى أن هذه الممارسة بدأت بجميع أشكالها بحجة السيطرة على الرغبات الجنسية للإناث في العديد من الثقافات، ويعتقد أنصار تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بأن المرأة غير المختونة لن تكون قادرة على كبح رغباتها، الأمر الذي يعتبر إهانة للأسرة.

وتعتبر ثقافات أخرى أن المرأة لن تكون مؤهلة للزواج إن لم تخضع لتشويه أعضائها التناسلية. ويرى آخرون أنهم يحمون بناتهم من خلال هذه الممارسة ويحافظون على عفتهن وعذريتهن، وفق صندوق الأمم المتحدة للسكان.

21