زعيم قبلي يتبنى القردة اليتيمة

جون خايرو فاسكيز زعيم قبلي يكرس وقته لمهمة "صعبة" تقضي بإقناع ذويه بالتخلّي عن "الصيد الجائر" الذي يغذّي سوقا غير قانونية للاتجار بالأنواع البرّية.
الخميس 2021/01/07
يتامى "مايكوتشيغا"

بوغوتا- يدوّي طلق ناري في الغابة، فتسقط قردة تحمل صغيرها عن شجرة وتلقى حتفها، غير أن الحيوان الصغير قد ينقل للعيش في كنف جون خايرو فاسكيز، منقذ القردة اليتيمة في منطقة الأمازون الكولومبية.

ويتنقّل هذا الزعيم القبلي في الغابة الرطبة في موكاغوا على ضفاف نهر الأمازون الكبير في أقصى جنوب كولومبيا، وهو يحمل كيسا على ظهره يجعله شبيها بحيوان الكنغر. وقد احتمت في داخله ماروها، وهي أنثى من نوع السعدان الصوفي الذي بات وضعه “هشّا” ويواجه قريبا جدّا خطر الانقراض، بحسب الاتحاد العالمي للطبيعة.

وماروها البالغة ثلاثة أشهر ذات الفرو الرمادي والجمجمة المستديرة والذيل الطويل تعيش منذ شهرين مع والدها بالتبنّي.

وقال فاسكيز الذي يشرف على بلدة تضمّ 777 نسمة إن “عائلة من السكّان الأصليين اصطادت أمّها”.

الحيوانات قد تعزل نفسها لوقت طويل بعد تعرّضها لصدمة
الحيوانات قد تعزل نفسها لوقت طويل بعد تعرّضها لصدمة

وأنشأ الرجل البالغ من العمر 38 عاما والمنتمي إلى إتنية تيكونا ملجأ “مايكوتشيغا” قبل 14 عاما لإعادة تأهيل القردة اليتيمة وتعويدها مجدّدا على الحياة في الغابة. ففي هذه المنطقة من الأمازون، وهي نقطة التلاقي بين كولومبيا والبيرو والبرازيل، دخلت البندقية (موكاغوا بلغة تيكونا) على قصّة القردة (مايكوتشيغا).

وتبدأ المحنة بطلقة رصاص، عندما يصوّب السكّان الأصليون بنادقهم بعيار 16 نحو الأشجار التي قد يبلغ علوّها 25 مترا. وأشار فاسكيز إلى أن “الأمّ لا تتخلّى عن صغيرها ويسقط الأخير وهو متمسّك بها ولا بدّ من طردها. وهو قد يصاب أو يقتل أحيانا بالرصاص”.

ويقوم السكّان الأصليون بشوي لحم القرد وتناوله، فتخسر الطبيعة حيوانا يساعد على نثر البذور وتجدّد البيئة. وتباع السعادين الصغيرة كحيوانات أليفة أو تعرض على السيّاح خلال زيارتهم هذه المنطقة الواقعة عند حدود ثلاثة بلدان. وإن حالفها الحظّ، يهبّ إلى نجدتها عناصر “كوربو أمازونيا” وهي الهيئة الرسمية التي تشكّل صلة الوصل بـ“مايكوتشيغا”.

ويقول مدير هذه الوكالة العامة لويس فرناندو كويفاس إن 22 حيوانا صغيرا من الرئيسيات أنقذت منذ العام 2018، بعد “تسليمها بشكل طوعي” من قبل سكّان محلّيين ادّعوا أنهم عثروا عليها صدفة لتفادي فتح تحقيق يطالهم.

ومنذ العام 2006، يكرّس فاسكيز وقته لمهمة “صعبة” تقضي بإقناع ذويه بالتخلّي عن “الصيد الجائر” الذي لا يقتصر الغرض منه على توفير القوت وممارسة الشعائر بل إنه يغذّي في المقام الأول سوقا غير قانونية للاتجار بالأنواع البرّية.

الملجأ أعاد تأهيل 800 قرد تقريبا منذ تأسيسه
الملجأ أعاد تأهيل 800 قرد تقريبا منذ تأسيسه

وعلى حدّ قول زعيمهم، أعرب أفراد جماعة تيكونا عن تحفّظات في بادئ الأمر، لكنّهم سرعان ما جاروا السياحة المراعية للبيئة التي تباطأت بفعل انتشار الوباء وتحوّلوا من صيّادين إلى مرشدين “يتولّون حماية ثروتهم الحيوانية”. غير أن القردة اليتيمة مازالت تصل إلى “مايكوتشيغا” من أصقاع الأمازون كافة.

وبحسب فاسكيز، أعاد هذا الملجأ تأهيل “800 قرد تقريبا” منذ تأسيسه، فهو بالإضافة إلى ماروها، يعتني بخمسة قردة أخرى، قائلا “تتاح فرصة جديدة لها هنا، ألا وهي أن تعود مجدّدا قردة”. غير أن موارد المؤسسة تتضاءل من جرّاء تراجع السياحة بسبب الوباء.

ومع بزوغ الفجر، يحضّر فاسكيز الطعام للحيوانات. ويوضح أن هذه الحيوانات “قد تعزل نفسها لوقت طويل بعد تعرّضها لصدمة.. ويكفيها أن ترى طفلا أو رجلا كي تبدأ بالارتجاف”.

لكنها تخرج من عزلتها عندما “تكتسب ثقة” ممسكة بيد فاسكيز أو أحد معاونيه الثلاثة. وهي تتدرّب على التنقّل بين الأشجار، وهو نشاط تتولّى الأمّهات عادة تعليمه، فضلا عن كيفية “رصد المخاطر” و”النوم خارجا وقت العواصف”.

وتنتهي فترة إعادة التأهيل عندما تغادر القردة المنطقة المحمية في موكاغوا الممتدّة على 4025 هكتارا. وأشار فاسكيز “ندرك أنها باتت مستقلّة عندما يختفي أثرها”. ويفرح قلبه عندما ترده أنباء عن مجموعات قردة مؤلّفة من يتامى “مايكوتشيغا”.

24