بريطانيو إسبانيا يحتفلون على نخب بريكست بمزاج قلق

البريطانيون يختارون السخرية في مناسبة بريكست وقرروا اللعب والسهر وتناول أطباقهم التقليدية.
الخميس 2021/01/07
عالقون في أرض دافئة

خيميرا دي ليبار (إسبانيا) - في خيميرا دي ليبار (جنوب إسبانيا) فضّل المغتربون البريطانيون تبادل الأنخاب والاستماع إلى الموسيقى وممارسة لعبة شد الحبل في وداع السوق الأوروبية الموحدة، بدلا من الانتحاب أسفا.

في أيّولي، حانة البلدة، اختار البريطانيون السخرية في مناسبة البريكست وقرروا تناول أطباقهم التقليدية، كالسمك والبطاطا والفاصوليا بالصلصة والنقانق والخبز المحمص.

ويقول بول داروينت (65 عاما) الذي يدير الحانة الواقعة في الجبال الأندلسية، على بعد نحو ساعة من الساحل “صحيح أن معظمنا ليس سعيدا بكل هذا، لكننا مع ذلك نريد الاحتفال به بطريقة معينة وتمضية وقت ممتع”.

وينظر البريطانيون إلى إسبانيا كـ“أرض الحلم”، حين يرتبط الأمر بتقاعد مبكر، أو حياة رائقة دون ضغوط البلدان الصناعية التقليدية، أو حتى بطقس مشمس تتميز به البلاد تقريبا بكامل جغرافيتها.

ويخشى البريطاني الذي يعيش في إسبانيا منذ أكثر من 20 عاما أن يولّد البريكست “الكثير من المشاكل” له ولمواطنيه.

وفي إسبانيا نحو 370 ألف بريطاني مسجلون رسميا، وعددهم أكثر من مواطنيهم الموجودين في أي دولة أوروبية أخرى، لكن هذا الرقم لا يأخذ في الحسبان الآلاف من البريطانيين الآخرين الذين لم يُخطِروا السلطات الإسبانية بإقامتهم.

ومعظم هؤلاء من المتقاعدين الذين يعيشون على الساحل الجنوبي، حيث يجذبهم الطقس المشمس وانخفاض تكاليف المعيشة.

وسيكون في إمكان هؤلاء الاحتفاظ بحقهم في الإقامة في إسبانيا، في حال كانوا بادروا إلى التصريح عن وجودهم قبل 31 ديسمبر 2020، وقدموا عنوان إقامة دائمة، ورقم حساب مصرفي إسباني، وتوافرت لديهم تغطية صحية، وإبراز ما يثبت أن مدخولهم كاف.

وعلى ما تفيد ميرا أزوباردي، وهي مساعِدة قانونية ومؤسسة جمعية المكتب الاستشاري للمواطنين التي تقدم المساعدة القانونية للمغتربين، فإن من يستوفون هذه المعايير ليسوا كثرا.

وتتوقع أن يراجع المكتب “الكثير من الناس الذين سينتهي بهم الأمر من دون أن تكون لديهم وثيقة إقامة أو أي وسيلة للحصول على واحدة”.

وبسبب البريكست، اضطر باز رودس مثلا، وهو مدرب تحليق شراعي يبلغ 58 عاما، غادر مانشستر إلى إسبانيا قبل 20 عاما، إلى الاستحصال مع زوجته من شركة خاصة على بوليصة تأمين صحي مقابل 200 يورو شهريا.

ويقول خلال الاحتفال في الحانة، وهو يلتحف بعلم أوروبي “أنا منزعج جدا”.

البريطانيون ينظرون إلى إسبانيا على أنها "أرض الحلم"، حين يرتبط الأمر بتقاعد مبكر، أو حياة رائقة بعيدا عن الضغوطات
البريطانيون ينظرون إلى إسبانيا على أنها "أرض الحلم"، حين يرتبط الأمر بتقاعد مبكر، أو حياة رائقة بعيدا عن الضغوطات

وبسبب القيود الصحية المتخذة لاحتواء جائحة كوفيد – 19، كان لا بد من إقامة الحفلة في حديقة الحانة التي زُيّنَت بالأعلام الإسبانية والبريطانية والأوروبية.

وفي ترتيب يرمز إلى البريكست، قسّم مدخل المراحيض إلى اثنين منفصلين؛ واحد للأوروبيين والآخر لغير الأوروبيين.

أما الأغنيات التي استمع إليها المحتفلون، فكانت بينها أغنية ”دونت ليف مي ذيس واي” (لا تتركني بهذه الطريقة) لفرقة “ذي كوموناردز” وأغنية “ويل ميت أغاين” (سنلتقي مرة أخرى) لفيرا لين.

وكانت لعبة شد الحبل من أبرز فقرات السهرة، وفيها تواجه فريق يضمّ أربعة بريطانيين وفريق مكوّن من فرنسي ودنماركي وإسباني وهولندي.

وعَلت الصيحات ودوّى التصفيق فرحا بفوز فريق “الاتحاد الأوروبي” الذي أوقع الفريق البريطاني أرضا.

وتقول إيلن جيلفيلان، وهي معلمة اسكتلندية تعيش في إسبانيا منذ عقدين “إذا لم نحتفل قليلا، فسنبدأ في البكاء لأنه أمر محزن للغاية”.

وما يزيد حزن إيلن أن أولادها سيجدون صعوبة أكبر في الانتقال للعيش في إسبانيا، كما فعلت هي، أو أي دولة أخرى في الاتحاد الأوروبي.

وقال عدد من الرعايا البريطانيين المقيمين في إسبانيا إنهم مُنعوا من ركوب الطائرات المتوجهة إلى برشلونة ومدريد بعد أن اعتبرت شركات طيران أن مستنداتهم ليست صالحة لفترة ما بعد بريكست.

وكان المصور ماكس دنكان بين الذين قالوا إنهم منعوا من السفر في مطار هيثرو الأحد، وكتب في تغريدة أن العديد من الرعايا البريطانيين المقيمين في الخارج شعروا «بالاستياء لعدم تمكنهم من العودة إلى الديار»، بعد أن أُبلغوا أن بطاقات الإقامة الخضراء الخاصة بهم لم تعد صالحة.

وكتب مسافر آخر في تغريدة أنه ومسافرين آخرين منعوا من ركوب طائرة «بريتش إيرويز» في مطار هيثرو، بسبب رفض المسؤولين في برشلونة قبول بطاقة الهوية القديمة، مضيفا أن حوالي عشرة مسافرين عانوا المشكلة نفسها.

وأعلنت مدريد العام الماضي أنه في مرحلة ما بعد بريكست، سيمنح الرعايا البريطانيون المقيمون في إسبانيا بطاقة هوية عليها صورة، بدلا من مستندات الإقامة التي يحملها رعايا الاتحاد الأوروبي. وتقدم عشرات الآلاف من الأشخاص بطلبات للحصول على البطاقة، لكن كثيرين منهم لا يزالون بانتظار تسلمها بسبب كثرة الطلب.

ومنذ مطلع العام الجديد، بات يتعين على كل بريطاني يعيش في إسبانيا اتباع الإجراءات نفسها التي يتبعها المواطن غير الأوروبي، وهي عملية أكثر تعقيدا وصعوبة مع متطلبات دخل أعلى بكثير.

ولن يكون معتَرَفا بعد الآن بشهادات البريطانيين في إسبانيا، وسيتعين عليهم اتباع إجراءات معينة للاستحصال على هذا الاعتراف، علما أن النتيجة غير مضمونة.

وتختتم جيلفيلان حديثها قائلة “يجب أن نكون معا. نحن قارة واحدة. أعتقد في النهاية أن بريطانيا ستعاني. هذا ليس جيدا لأحد”.

20